Saturday, June 30, 2007

دروس العراق لبلير وبراون

أصبح جوردن براون رئيسا لوزراء بريطانيا امس، خلفا لتوني بلير الذي أمضى عشر سنوات في الحكم، شهدت لحظات ساطعة واخرى داكنة اختتم بها مساره السياسي عندما انجر خلف الرئيس الامريكي جورج بوش فى حربه على العراق غير المبررة اخلاقيا ولا قانونيا، واصبح بوش واحداً من قلائل ودعوا بلير امس بالدموع عندما غادر(داوننج ستريت)وكان بوش قد قال فى حسرة كبيرة : سأفتقد توني بلير! .
أما القادم الجديد لـ(داوننج ستريت) فيبدو انه استوعب الدرس، عندما أقر بأن العراق يعتبر "موضوعا مثيرا للانقسام بالنسبة لحزب العمال وللبلاد"، وتعهد "بتعلم الدروس التي ينبغي تعلمها من هذا الموضوع".
فهل يتعلم الإثنان الدورس العراقية المريرة، بلير المغادر ربما الى مبعوث لرباعية الدولية الى الشرق الاوسط وخلفه براون، فأمام بلير فرصة لإعادة تجسيد دوره فى المسرح الدولي، كحمامة سلام بالشرق الاوسط بعد ان كان غراب شؤم بالعراق ينعق على ايقاعات احذية المارينز الامريكية الثقيلة، فلو استثمر بلير حضوره القوي فى الساحة الدولية ولا سيما فى الاوروبية لصالح جهود احياء العملية السلمية بالشرق الاوسط يمكنه حينها المحافظة على الرصيد الشعبي الذي كان يتمتع به قبل ان يسحبه لصالح مغامرات صديقه بوش فى بلاد الرافدين، وهى الخطأ الذي سيدفع ثمنه بلير، فأمس كان فى وداعه وتظاهرة لعائلات الجنود الذين قتلوا في العراق، ويقول أعضاء في حركة "عائلات العسكريين المناهضين للحرب" إنهم مصممون على أن لا ينسى بلير "المعاناة التي تسبب فيها".
جوردن براون هو الآخر أمامه فرصة ثمينة للاستفادة من أخطاء سلفه بالعراق، فبراون رغم قوته يلقب بوزير المالية الحديدى، ينظر اليه على نحو واسع بانه يفتقر الى الحضور الجماهيري، وبالتالي اية قرارات من قبيل سحب او جدول انسحاب القوات البريطانية من العراق تحقق له مكاسب جماهيرية داخل بريطانيا تصبح معيناً له فى مشواره الطموح .

Wednesday, June 27, 2007

مؤتمر باريس حول دارفور


مؤتمر باريس حول دارفور..
نسخة فرنسية من التهديدات الامريكية
تقرير: محمود الدنعو
كما توقعت العديد من المصادر الاعلامية انتهي مؤتمر باريس أمس الاول حول دارفور، الى نتائج متواضعة قياسا الى الضجيج الاعلامي الذي رافق انعقاده، حيث اتفق المشاركون في مؤتمر باريس، على دعم الجهود الدولية الراهنة هناك وتنسيق الخطوات التي ستتخذ في المستقبل.ولكنه من جهة اخرى كرس التحرك الفرنسي اللاهث لتدشين العهد الساركوزي الجديد، المنفتح كليا على واشنطون، هو اهم عناوين المؤتمر وغاياته، فابتسامة الآنسة كوندا ليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية فى لقاءاتها مع الرئيس ساركوزي ووزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير تكاد تنطق بالحبور الامريكي لعودة الدفء الى العلاقات الفرنسية الامريكية وان على مائدة دارفور، وقد عقدت وزيرة الخارجية الأميركية رايس مؤتمرا صحافيا مشتركا مع نظيرها الفرنسي عشية انعقاد المؤتمر اطلقت خلاله،تهديدا لفظيا للخرطوم عندما دعت المجتمع الدولي: (التشديد على حكومة الخرطوم لتسمح بنشر قوة مشتركة في دارفور)، ومطلب رايس محسوم سلفا من خلال اتفاق اديس ابابا الاخير حول نشر القوات الهجين بدارفور، مضيفها الفرنسي اطلق هو الآخر تصريحات قللت من اهمية المؤتمر نفسه مما يدفع بفرضية ان دارفور ليست رأس اجندة المؤتمر المنعقد باسمها وذلك عندما قال: إن الاجتماع لا يهدف إلى صنع السلام في دارفور، لكن الغاية منه دعم الجهود الدولية، وتقديم الدعم المادي للقوة الدولية المشتركة في دارفور.
والملاحظ ان الوزير الفرنسي يتحدث عن دعم للقوة المشتركة بينما رايس تطالب بالتشديد على الخرطوم للقبول بها، والامران مختلفان فهل الهوة بين ابرز المشاركين فى مؤتمر باريس بهذا الاتساع فى فهم طبيعة الازمة وتطوراتها الراهنة،ام ان لكل منهما اهدافه الخاصة فى ارسال اشارات متضاربة.
الحالة (الساركوزية) التي تحاول طرح نفسها بملامح فرنسية وروح امريكية تتماهى مع اطروحات الرئيس الامريكي بوش المتشددة ، تجلت امس الأول فى فاتحة مؤتمر باريس حيث قال الرئيس الفرنسي إنه يتعين على المجتمع الدولي إبداء المزيد من الشدة إزاء السودان، في حال رفض التعاون بشأن إقليم دارفور، وعلى الطريقة الامريكية استخدم ساركوزي العصا والجزرة بقوله: (ينبغي على السودان ان يدرك انه في حال تعاون سنساعده بقوة وان رفض يجب ان نعتمد الحزم)، والمتابع لخطاب ساركوزي لا يلمس مفارقة عن الخطاب الامريكي الساعي الى المزيد من العقوبات والتهديدات على السودان ، وقال الرئيس الفرنسي ان ''الصمت يقتل'' مشددا على ان المؤتمر يهدف الى ''تعبئة صفوف المجتمع الدولي'' ووضع ''خارطة طريق واضحة''.
والمؤتمر بحث فى المساعدات الانسانية لسكان دارفور ولدور الامم المتحدة والاتحاد الافريقي لحفظ السلام بالاقليم فى وقت مازالت المساعدات المالية الفرنسية لدارفور منخفضة بالمقارنة مع الدول الاوروبية الاخرى. وتظهر ارقام الامم المتحدة ان باريس اعطت (39 ) مليون يورو (525 مليون دولار) في العام 2006 ثم (25) مليون يورو هذا العام.
وفى اطار تدشين العهد الساركوزي الجديد اصبحت باريس منصة اخرى لاطلاق نداءات المنظمات الدولية ذات الارتباط الوثيق بدوائر صنع القرار، وبالتزامن مع انعقاد المؤتمر اقترح مسؤولون وضع عائدات النفط السودانية في صندوق دولي لمنع الحكومة من ما أسموه ''تمويل اعمال القتل والقصف والتطهير العرقي'' في دارفور.
وكتب الموقعون على المقال الذي نشر في صحيفة ''ليبيراسيون'' الفرنسية ''للحد من امكانيات الخرطوم في الاستمرار في تمويل اعمال القتل والقصف والتطهير العرقي، على مجلس الامن الدولي انشاء صندوق الزامي خاص بالاستثمار النفطي تماما كما اقترحت 'هيومن رايتس ووتش' و'اجيس تراست'''.
ووقع على النص كل من ريتشارد غولدستون المدعي العام السابق للمحاكم الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة ورواندا ويان برونك رئيس بعثة الامم المتحدة الى السودان بين عامي 2004 و2006 وروميو دالير قائد قوة الامم المتحدة في رواندا خلال عملية الابادة (1994) وجودي وليامز رئيسة بعثة الامم المتحدة الى دارفور حائزة جائزة نوبل للسلام وهيومن رايتس ووتش وايجيس تراست.واضاف النص ''في اطار هذا الصندوق ستستمر الصادرات النفطية من دون توقف لضمان الاستمرارية لزبائن السودان مثل الصين''.وجاء في النص ان ''عائدات النفط ستوضع في صندوق الاستثمار لابقاء المبالغ المالية بعيدا عن العسكريين السودانيين ومليشيات الجنجويد'' المتهمة بارتكاب تجاوزات في حق المدنيين في دارفور ولاستخدامها لتمول الخرطوم مشاريع تنموية وانسانية.واغلاق الصندوق مرتبط بسلسلة من الشروط لا سيما ''الانتشار التام'' للقوة المشتركة و''وقف الهجمات'' التي يشنها الجيش السوداني والمليشيات على المدنيين في دارفور.
من جهة مغايرة كشف مؤتمر باريس مرة اخرى عن مفارقة الموقفين الصيني والروسي للمسار الامريكى الفرنسي الصاعد نحو المزيد من الضغوط على الحكومة السودانية، حيث، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر ياكوفينكو أن بلاده تعارض الضغط على الخرطوم من أجل حل قضية دارفور. فيما أعلن المبعوث الصيني الخاص إلى دارفور ليو غيجين على هامش المؤتمر إن «التهديدات والضغوط على السودان يمكن أن تأتي بنتائج عكسية». وأضاف المسؤول الصيني أنه «من أجل إيجاد حل للأزمة في دارفور، يتعين على المجموعة الدولية أن ترسل إشارات إيجابية ومتوازنة». وخلص الى القول: «أعتقد أن الحكومة السودانية راغبة وبصدق بتحسين الأوضاع الإنسانية غير أنها تلاقي صعوبات حقيقية بسبب غياب وقف جدي لإطلاق النار».
وشارك فى المؤتمر (11) دولة أوروبية اضافة الى خافيير سولانا، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كما حضره أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وأمين عام الجامعة العربية واليابان وجنوب أفريقيا والبنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية، بينما غاب السودان والاتحاد الافريقي المعنيان بالامر اصلا، مما اعتبره المراقبون فشلا للمؤتمر وبالتالي نتائجه.

تصريحان امريكيان للمقاومة العراقية !

تصريحان لمسؤولين عسكريين أمريكيين بالعراق، ينطقان من حيث أرادا او لم يشأ الرئيس بوش بفداحة المأزق الذي يواجهه فى العراق، التصريحان ينطقان بالفشل بصراحة لا تحتمل المواربة، التصريح الاول لقائد القوات البرية، الجنرال ريموند أوديرنو الذى اقر فيه ضمنا بعجز القوات الامريكية من السيطرة ليس على العراق بكامله بل ان بغداد اصبحت خارج السيطرة، (60%) من بغداد خارج سيطرتنا هكذا قال الجنرال ريموند !،اذاً (40%) فقط من بغداد، وهى نسبة بالكاد تغطي المنطقة الخضراء ومحيطها، اذاً فى ضوء هذه المعلومات الخطيرة يصبح الحديث عن قوات اضافية عديم الجدوي كما ان الحديث عن إنسحاب او جدولة انسحاب هو المقابل الموضوعى للهروب من الجحيم، حتى لا تتكبد القوات الامريكية المزيد من الخسائر البشرية.
فبعد كل هذه السنوات والقوات يخرج علينا الجنرال ريموند بهذه التصريحات او بالاحري هذه الاعترافات بان المقاومة العراقية الوطنية وليس التفجيرات ضد المدنيين التى تقف وراءها جهات معينة، ماضية فى مشروعها الوطني بانهاء الاحتلال وتلقينه درسا لن ينساه. والتصريح الثاني للجنرال بيتريوس قائد القوات الأمريكية في العراق، الذي يقر بأن العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الأمريكي تقابلها العناصر المسلحة بهجمات مماثلة، وحدد على الأقل، ما بين تسعة أو عشرة أعوام، للقضاء على ما أسماه التمرد، فلو ان القوات الامريكية بعد خمسة اعوام من دخولها بغداد لم تحكم سيطرتها سوى على (40% ) من المدينة، فكيف يكون الوضع بعد عشرة أعوام، ستخرج المدينة عن السيطرة تماماً.
وبالنظر الى تصريحات العسكريين الامريكيين هذه من زاوية أخري هل يمكن اعتبارها مقدمة لما سيكشف عنه التقرير الذي ينتظره الكونغرس من إدارة الرئيس بوش حول مدى النجاح الذي حققته زيادة القوات الأمريكية في العراق، وتحديد الإطار الزمني لبقاء قوات أمريكية هناك وعددها، التقرير يتوقع صدوره فى سبتمبر القادم، وتصبح بالتالي هذه التصريحات مهاداً لذلك التقرير لان تحديد جدول للانسحاب رهين بتطورات الحالة الامنية وجاهزية القوات العراقية البديلة لضمان الامن الذي فشلت القوات الامريكية فى استتبابه فى( 60% ) من مدينة بغداد فقط ناهيك عن العراق بكامله.

Sunday, June 24, 2007

فى اليوم العالمي للاجئين

اليوم العالمي للاجئ
الافغان هم اكثر شعوب الارض لجوءاً، يليهم العراقيون والسودانيون والصوماليون والكنغوليون والروانديون، وتقول احصاءات المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة إن عدد اللاجئين في العالم بلغ في 2006 أعلى مستوى منذ 2002 وارتفع بنسبة ( 14% ) بالمقارنة مع العام الذي سبقه، اي حوالى (2.1) مليون لاجئ، وهي المرة الاولى منذ خمس سنوات التي يسجل فيها عدد اللاجئين في العالم ارتفاعًا.
العشرين من يونيو صادف اليوم العالمي للاجئيين، ومن العار ان لايزال اكثر من (686) ألف سوداني هائمين على وجوهم لا يجدون طريق العودة الى ديارهم سالكة او ميسرة، وان يأتي السودان فى مرتبة متقدمة(متأخرة) فى ترتيب البلدان التى ضاقت بابنائها، ان نأتي قبل الصومال المبعثر منذ اكثر من عقد من الزمان، فتلك حقائق على مرارتها تستدعي منا وقفة جادة وعاجلة لنتأمل واقعنا التعيس ونحاول الاجابة عن سؤال : ماذا حصدنا من اتفاقية السلام الشاملة بنيفاشا واتفاقية سلام دارفور بابوجا واتفاق الشرق باسمرا، فلو ان كل هذه الاتفاقات عاجزة عن توفير اسباب عودة الفارين من جحيم الصراعات التى يفترض ان تطفئها هذه الاتفاقات، فمعني ذلك ان تنزيل وعود وآمال السلام والاستقرار والعيش الهانئ فى حضن الوطن تصبح سراباً.
إحتفل أنطـونيو جوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين باليوم العالمي هذا العام بمدينة جوبا ولذلك دلالة مهمة، تتعلق بالزمان والمكان، ورسالة تضامنية من المنظمة الدولية للعائدين، ليس من خارج البلاد وحسب بل حتي العائدين من رحلة النزوح الداخلي، ويقول أنطـونيو جوتيريس فى رسالته لليوم العالمي عن السودان، البلد يعتبره أحد مراكز النـزوح العظمى على مستوى العالم، يقول، (شـاهدت منذ الوهلة الأولى العذابات الرهيبة التي يتكبدها الانسان العادي هناك، ولكنني شاهدت أيضاً بعض إشارات التقدم المشجعة) دعونا نبني فوق الشارات المشجعة حتى لا نجشم السيد جوتيريس مشقة الحضور العام القادم لاحياء يوم اللاجئ العالمي من السودان بعد ان يعود كل لاجئ سوداني الى دياره فهل ذلك مستحيلا؟.

فى اليوم العالمي للاجئين

الافغان هم اكثر شعوب الارض لجوءاً، يليهم العراقيون والسودانيون والصوماليون والكنغوليون والروانديون، وتقول احصاءات المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة إن عدد اللاجئين في العالم بلغ في 2006 أعلى مستوى منذ 2002 وارتفع بنسبة ( 14% ) بالمقارنة مع العام الذي سبقه، اي حوالى (2.1) مليون لاجئ، وهي المرة الاولى منذ خمس سنوات التي يسجل فيها عدد اللاجئين في العالم ارتفاعًا.
العشرين من يونيو صادف اليوم العالمي للاجئيين، ومن العار ان لايزال اكثر من (686) ألف سوداني هائمين على وجوهم لا يجدون طريق العودة الى ديارهم سالكة او ميسرة، وان يأتي السودان فى مرتبة متقدمة(متأخرة) فى ترتيب البلدان التى ضاقت بابنائها، ان نأتي قبل الصومال المبعثر منذ اكثر من عقد من الزمان، فتلك حقائق على مرارتها تستدعي منا وقفة جادة وعاجلة لنتأمل واقعنا التعيس ونحاول الاجابة عن سؤال : ماذا حصدنا من اتفاقية السلام الشاملة بنيفاشا واتفاقية سلام دارفور بابوجا واتفاق الشرق باسمرا، فلو ان كل هذه الاتفاقات عاجزة عن توفير اسباب عودة الفارين من جحيم الصراعات التى يفترض ان تطفئها هذه الاتفاقات، فمعني ذلك ان تنزيل وعود وآمال السلام والاستقرار والعيش الهانئ فى حضن الوطن تصبح سراباً.
إحتفل أنطـونيو جوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين باليوم العالمي هذا العام بمدينة جوبا ولذلك دلالة مهمة، تتعلق بالزمان والمكان، ورسالة تضامنية من المنظمة الدولية للعائدين، ليس من خارج البلاد وحسب بل حتي العائدين من رحلة النزوح الداخلي، ويقول أنطـونيو جوتيريس فى رسالته لليوم العالمي عن السودان، البلد يعتبره أحد مراكز النـزوح العظمى على مستوى العالم، يقول، (شـاهدت منذ الوهلة الأولى العذابات الرهيبة التي يتكبدها الانسان العادي هناك، ولكنني شاهدت أيضاً بعض إشارات التقدم المشجعة) دعونا نبني فوق الشارات المشجعة حتى لا نجشم السيد جوتيريس مشقة الحضور العام القادم لاحياء يوم اللاجئ العالمي من السودان بعد ان يعود كل لاجئ سوداني الى دياره فهل ذلك مستحيلا؟.

Wednesday, June 20, 2007

ربيكا قرنق كشف أسرار وإطلاق نار

ربيكا قرنق كشف أسرار وإطلاق نار
هل تخشي اللبوة مصير الأسد؟
تقرير: محمود الدنعو
القت ربيكا قرنق ارملة الدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية والنائب الاول لرئيس الجمهورية السابق بحجر لا تنتهي دوائره عندما افصحت ولاول مرة بأن زوجها مات مقتولاً، قصة رحيل الدكتور قرنق جراء تحطم الطائرة اليوغندية المشؤومة فى 30 يوليو من العام .2005م قد لا تسبر اغوار اسرارها وغموضها الى الابد، ولكن منذ الوهلة الاولي همس البعض والمح آخرون الى امكانية ان يكون قرنق مات مقتولا، ولكنها المرة الاولي التى يجاهر فيها احد بذلك واي احد زوجته ورفيقته فى الحياة والنضال، ولم تكتف السيدة ربيكا المكلومة بالتخلص من عبء كتمان السر المهول بالكشف عنه وحسب ـ بل اتبعته بتحذير شديد اللهجة وخطير الدلالة ، بأن من اغتال الاسد (قرنق) عليه ان يتذكر بان اللبوة جاهزة.
فى الاسبوع الاول لرحيل قرنق وقبل يوارى جسده الثرى ، زار الرئيس اليوغندي يوري موسفيني جنوب السودان لإلقاء النظرة الاخيرة على صديقه وآخر من استضافه بعيد لحظات من وفاته ، ومن فوق جثة قرنق فجر موسفيني تصريحاته الداوية ، والتى حالت تداعياتها ربما دون لحاقه بتشييع جنازة قرنق وهو الاولى بالحضور ، وكان موسفينى شكك فى ان يكون سقوط مروحيته الخاصة التى اعارها صديقه حادثا عرضيا وعاديا، بل اشار والمح الى اياد خفية وراء اسقاط الطائرة اليوغندية فى احراش الجنوب فى رحلة عودتها من كمبالا الى نيو سايد.
تصريحات موسفيني تركت سحابة توتر فى العلاقات بين السودان ويوغندا سرعان ما انقشعت بالتعاون الثنائي فى لجان التحقيق عن ملابسات الحادث، وظل التراشق الاعلامي. ففي سبتمبر من العام 2005 وجه عثمان إبراهيم الطويل القيادي الجنوبي أصابع الاتهام ليوغندا بالضلوع في اغتيال قرنق، وقال الطويل لصحيفة الرياض السعودية : إذا كانت هناك جريمة في مصرعه فإن يوغندا هي المسؤولة عنها وليس غيرها، وعندما كانت لجان التقصي المشتركة تحاول جمع ما تبقي من حطام الطائرة وارسال الصندق الاسود للفحص فى مخابر خاصة باروبا وامريكا ، كانت الصحافة اليوغندية تضيق الخناق على موسفينى بالغمز واللمز حول مسؤوليته عن الحادث، حتى ان الرئيس موسفينى ضاق بها وهدد باغلاقها، وقال موسيفيني في احتفال تكريمي لافراد الطاقم الاوغندي السبعة الذين قضوا في تحطم المروحية الرئاسية، التي كانت تقل قرنق، ان المعلومات التي تنشرها تلك الصحف تهدد امن المنطقة. مؤكدا انه لن يقبل بها.واضاف »لن اقبل بعد اليوم بصحيفة تشبه «طائر الشؤم»، مشيرا الى صحيفتين غير رسميتين ومجلة اسبوعية. وتابع »ساقفلها بكل بساطة، عليها ان تتوقف (الصحف) او نوقفها بانفسنا«. وكانت احدى هذه الصحف قد اوردت ان جثة قرنق عثر عليها ممزقة بالرصاص داخل حطام الطائرة، ووجدت الصحافة مادة دسمة تغذي الشكوك وذلك عندما قال مسؤول يوغندي ان جثة مجهولة عثر عليها فى مكان الحادث ، وسارعت السفارة اليوغندية في الخرطوم الى نفي رواية »الجثة المجهولة«.
وفى تسلسل اشبه بالقصة الدرامية ، وفى لحظات كادت حماسة الناس للنبش وراء الحادث ان تفتر، وشهية الصحافة لملاحقة سير التحريات تراجعت، فجر موقع (العربية .نت) مفاجأة داوية ، عندما نقل عن ضابط سابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي بأن وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA استغلت برنامجا للعمليات السرية حول العالم، أعد بعد 11 سبتمبر ، بغرض ملاحقة الإرهابيين، لتصفية شخصيات سياسية كانت أهدافها تتعارض مع المصالح الاقتصادية والعسكرية للإدارة الأمريكية، ولم تكن معادية للولايات المتحدة. وقال وين مادسن، الضابط السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي، إن برنامج Worldwide Attack Matrix، والتي يمكن ترجمته حرفيا بـ''مصفوفة الهجوم العالمي الشامل''، أتاح للاستخبارات الأمريكية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، والنائب الأول لرئيس الجمهورية في السودان، الدكتور جون قرنق، و يتحدث وين مادسن عن اغتيال قرنق قائلا إنه'' قتل أيضا رغم أنه كان حليفا للولايات المتحدة وذلك في حادث تحطم مروحيته بعد معارضته لخطط أمريكية لتأسيس شركة بترولية في جنوب السودان وتم قتله بمساعدة الرئيس اليوغندي يوري موسفيني، النصير لإدارة بوش''
اتهامات وين مادسن، سبقها حديث للمقدم هاشم بدر الدين، قائد القوات الخاصة، أقوى وحدات الجيش الشعبي لتحرير السودان بزعامة الدكتور جون قرنق، وهي القوات التي انتقى قرنق من وحداتها، عناصر شكلت فريق الحماية الخاص به. ولخص بدر الدين في سياق حديثه لـ''العربية.نت'' الأسباب التي تدعم اتهامه للأمريكيين باغتيال قرنق. وقال بدر الدين، إن النفط، والشكوك المحيطة بتوجهات قرنق الفكرية كـ''شيوعي''، والكاريزما والقدرات التي يتمتع بها، وكانت لتقلب المعادلات كلها في السودان، التي يسعى الأمريكيون للإبقاء عليها ، بالإضافة إلى مراوغته للأمريكيين، والتفافه على ضغوطهم، كلها أدت لاغتياله. واضاف موقع العربية نت انه على الرغم من أن بدر الدين لا يملك أدلة على الأرض فيما ذهب إليه، إلا أنه أكد بأن الأمريكيين سبق أن هددوا قرنق أثناء مفاوضات السلام في ضاحية مشاكوس الكينية.
الظروف والملابسات التى تحطمت فيها طائرة قرنق تفتح الابواب امام احتمالات كثيرة ، فشهود عيان رووا ان الطائرة احترقت تماما، وهذا يؤشر الى واحد من اثنين اما ان تكون اصيبت بالنيران فى الجو او ان النيران انفجرت داخلها، فضلا عن دخول الامريكيين على الخط والانباء التى ترددت عن اخذهم اجزاء معينة من مسرح الحادث، ومؤشرات عديدة من شأنها ان تقود الى طرائق ومتاهات وتفسيرات عدة ، ولكن خلاصة تقريرلجنة التقصي المشتركة اشارت الى ان أخطاء عدة نسبت لقائد الطائرة تمثلت في عجزه عن إدراك طبيعة الأوضاع الأمنية الأفقية والرأسية لقرب أو بعد طائرة الهيلكوبتر التي كان يقودها من المناطق الجبلية التي كان يطير فيها ، إضافة إلى قراره الخاطئ بالاستمرار في الطيران في ظل هذه الأجواء اعتمادا فقط على الرؤية البصرية، وعدم استفادته من المعينات الفنية الموجودة بالطائرة ، وفوق كل ذلك عدم وجود خطة طيران مسبقة للرحلة نفسها.
الجديد فى تصريحات ربيكا، الاخيرة، ليس الكشف عن السر الخطير ، فلطالما المحت ربيكا الى ذلك وهى التى قالت لجوناثان كارل، كبير مراسلي قناة ABC بُعَيْد رحيل قرنق : ''إن الحوادث مقدر لها أن تقع، ولكن حادث طائرة قرنق كان غريبا ومثيرا''، واضعة الكثير من علامات الاستفهام بقولها: ''كانت الأحوال سيئة، ولكنها لم تكن بذاك السوء الذي يحطم تلك المروحية العسكرية''. وختمت حديثها لكارل بتساؤل: ''أريد أن أعرف ما جرى داخل الطائرة، وهل هو خطأ ميكانيكي حقاً؟.
الجديد والخطير التهديدات التى اطلقتها ربيكا عندما قالت :(احذر الذين يقفون وراء هذه الجرائم من انكم اذا ما قتلتم الاسد فأنتم تعرفون ما تفعله اللبؤة) هذه التهديدات تطرح اكثر من سؤال ترى من المعني بالتحذير وهل (اللبؤة) تخشى على نفسها من مصير (الاسد) على افتراض ان القاتل واحد ، ويريد التخلص من قرنق ومن يحمل ذات الرؤية التى حملها قرنق؟، وهل كشف الاسرار فى هذه اللحظة بمثابة اطلاق نار تحذيرية ، وهل توقيت الكشف عن هذه الاسرار مرتبط باقتراب الخطر من (اللبؤة) الهدف التالي بعد (الاسد)، وكيف احتملت ربيكا هذا السر الخطير على مدى عامين، وهل الاسباب التى روته الشبكة( كينيا تيليفيجن نتوورك ) ''دعوني اقول لكم ما اخفيته دائما في عقلي وقلبي. فعندما مات زوجي لم اقل انه قتل لاني كنت اعرف العواقب لكني كنت اعرف ان زوجي قد اغتيل، كنت اعرف ان ملايين الاشخاص في جنوب السودان ومنهم الاطفال سيتأثرون. كان زوجي رجلا كبيرا لكنه ترك صورة عنه تنطوي على مزيد من القوة''، هل هذه الاسباب انتفت ولم يعد لهكذا خبر ردات فعل كما حدث صباح الاثنين الاسود ، الاسئلة التى خلفها تصريح ربيكا لا تنتهي تماما كقصة رحيل الدكتور قرنق التي لا تنفك تشغل الساحة السودانية بغموضها الرهيب .

Monday, June 18, 2007

الضفة والقطاع ما بعد الحريق


الضفة والقطاع ما بعد الحريق
من يوقف سيناريو تجزئة السلطة الفلسطينية
تقرير: محمود الدنعو
التصعيد الراهن فى فلسطين يطرح سيناريوهات عديدة للخروج من الازمة السياسية التى تهدد بنسف السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن اكثر السيناريوهات قتامة واحتمالات تطبيقه واردة بنسبة عالية، هو السيناريو الذي يرمي الى تفتيت السلطة الوطنية الى حكومة معتدلة تحظى بالقبول والرعاية الدولية فى الضفة الغربية ،بزعامة حركة فتح واخرى متشددة ومارقة عن الاجماع الدولي بزعامة حماس فى غزة، والشواهد يمكن التقاطها من ارض المعركة فى غزة حيث سيطرت حماس على المقار الامنية ذات الاغلبية الفتحاوية مما اعتبرته فتح انقلابا عسكريا على السلطة ، وردت فتح على ذلك بانقلاب سياسي استخدمت فيه الوسائل الدستورية لتحل الحكومة وتعين حكومة تسيير طوارىء لا تحظى بقبول حماس.
من شواهد ترجيح سيناريو التفتيت، ذلك الدعم الذي تحيط به الولايات المتحدة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فمن وارد الاخبار ان عباس التقى امس السبت بالقنصل العام الأمريكي جاكوب واليس في رام الله قبيل ساعات من أداء حكومة الطوارئ يمين القسم، بحسب الأسوشيتد برس، ولقاء عباس جاكوب سبقه اعلان وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس عن دعم الولايات المتحدة الكامل لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، و''مساعيه لإنهاء أزمة الشعب الفلسطيني هذه لإتاحة الفرصة لهم في العودة والعيش في سلام ومستقبل أفضل''. والتقارب بين ابومازن وواشنطون يذكي نيران المخاوف من وجود نية فعلية لدى واشنطون لدعم مخطط تقسيم فلسطين الى قيادة (فتحاوية) فى الضفة يحشد حولها الدعم الدولي واخرى (حماساوية) فى غزة يضيق عليها خناق العزلة الدولية.
الدعم الامريكي يتطابق مع النوايا والمخططات الاسرائيلية ، ومحادثات رئيس الوزراء الاسرائيلى ايهود اولمرت مع الرئيس الامريكي جورج بوش هذا الاسبوع فى البيت الابيض ستبحث سبل دعم محمود عباس، حيث قالت ميري ايسين المتحدثة باسم اولمرت ان ''المسألة الفلسطينية ستكون محور المحادثات وما حصل الاسبوع الماضي في قطاع غزة يشير الى انها مسألة ملحة''.وتابعت ان ''بوش واولمرت سيبحثان في سبل دعم عباس''.
وقال محللون استطلعهم موقع (ميدل ايست اونلاين) إن رد فعل الولايات المتحدة على استيلاء حركة ''حماس'' على غزة ربما يتمثل في تقديم الدعم للضفة الغربية وعزل حماس. و رأى جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ''بعد أن ينقشع الغبار أعتقد أن السياسة الاميركية ستقوم على ابراز الضفة الغربية كنموذج لما يحدث للناس الذين يتعاونون، وقطاع غزة كنموذج لما يحدث لمن لا يتعاونون''.لكنه أضاف أن مثل هذه الاستراتيجية قد يكون لها آثار عكسية بسبب عدم كفاءة فتح في الحكم ولان عزل غزة قد يجعل القطاع مكانا أكثر تطرفا يمكن شن هجمات على اسرائيل من خلاله بالاضافة الى نشر العنف في المنطقة.
أما أرون ميلر المسؤول السابق بوزارة الخارجية والخبير في الشؤون الاسرائيلية الفلسطينية فقال ''الخيارات الآن سيئة للغاية''. وأضاف ''ما لم يعد واضحا هو ان كان حل قيام دولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني ممكنا''.وتابع ''عزل غزة لاخضاع حماس لن يجدي نفعا. لن يسهم ذلك سوى في زيادة الاحساس باليأس والعجز وسيفتح الباب لجماعات ذات أيديولوجيات أكثر تطرفا''.
الاتجاه لدعم حكومة بالضفة فى مقابل عزل غزة يجد الدعم من الولايات المتحدة واسرائيل ودول أوروبية ابدت استعدادها لتخفيف الحظر على المساعدات لحكومة الطوارئ التي يشكلها عباس في الضفة الغربية بعد حل حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها اسماعيل هنية من حماس.وقال مسؤولون فلسطينيون إن إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش أبلغتهم بانها سترفع الحظر على نقل المساعدات الذي فرض على السلطة الفلسطينية بمجرد أن يكتمل تشكيل حكومة الطوارئ في الضفة الغربية المحتلة. ولكن يبقي سؤال فى مقابل هذا البناء الدولي على خيار عزلة حماس: هل من مصدات محلية وعربية لتفادي مصائر (لبننة) او(عرقنة) فلسطين، فى خطاب حماس السياسي الذي ينطق به خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، اطفاء لفتيل الفتنة ونزوع نحو التهدئة واعمال العقل ويستفاد فى ذلك من المؤتمر الصحفي لمشعل الذي دعا فيه لاعادة فتح الحوار مع حركة فتح، وقال ''ما جرى في غزة باختصار هو خطوة اضطرارية للتعامل مع حالة
ارادت ان تفرض نفسها على الجميع على اخواننا في حركة فتح وعلى المشروع الوطني. شعبنا من سنوات يعاني في الشأن الداخلي من الفوضى الامنية والشأن الامني''. ودعوة مشعل للحوار وتأكيده على احترام رمزية عباس كرئيس للسلطة ، والرسائل السياسية التى بعثها لعدة جهات بما في ذلك اعطاء آمال غير قطعية بقرب الافراج عن الصحافي البريطاني الن جونسون ، وقوله من دمشق (لسنا فى جيب احد) جميع هذه، شكلت حالة انتصار سياسي لحماس بموازاة سيطرة ميدانية على غزة ، وفي المقابل كان رد أحمد عبد الرحمن المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني على دعوة مشعل للحوار بان ''لا حوار مع الانقلابيين مهما كانت الاعتبارات''.
الدول العربية من جانبها التزمت الحياد فى الصراع الداخلي الفلسطيني وهو موقف يجب ان يعزز ، عندما طالب وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الطارئ في القاهرة الجمعة الفصائل الفلسطينية المتناحرة وقف الاقتتال وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في القطاع قبيل المواجهات الأخيرة. واعلان الوزراء تشكيل لجنة تقصي حقائق ما جرى في غزة وإصدار تقرير في هذا الشأن في غضون شهر، وتتكون اللجنة من ممثلي رئاسة القمة (العربية التي ترأسها السعودية) ومجلس الوزراء (العرب للشؤون الخارجية الذي ترأسه تونس) وجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر باعتبارها العضو العربي في مجلس الأمن والأمانة العامة للجامعة العربية.''، يعتبر هذا التطور مهماً فى اسلوب الجامعة لمعالجة
القضايا العربية. ويبقى من المهم لتفادي سيناريو التفتيت ان تعود الفصائل الفلسطينية الى طاولة الحوار تحت مظلة الجامعة العربية كما دعا خالد مشعل، وان تطرح الاطراف كافة وبشفافية الاسباب المتراكمة التى حالت دون ان تنجح الاتفاقات السابقة فى حقن الدم الفلسطيني والمحافظة على الوحدة الوطنية.

فتح وحماس تفكيك للاسماء

فى عالم الصحافة يستهوي الصحافيون والقراء على حد سواء استخدام المختصرات للاسماء، لسلاسة استيعابها وفهمها، ونادرا ما يستخدمون وفى لغة الاخبار تحديدا الاشارة الى حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين بعبارات من قبيل تصاعدت حدة العنف امس بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولكني استخدمها هنا كاملة دون الاختصارات بمثابة دعوة لتفكيك هذه الاسماء، ومطابقتها لواقع الممارسة السياسية والنضالية لمنسوبي الحركتين، وهل بقي لهذه الاسماء من دالة على نبل المعاني التى انشأت هذه الحركات من اجلها، اي محاولة اليوم لاسقاط معاني التحرير الوطني او المقاومة الاسلامية على ارض العراك الحالي فى غزة ستكون النتيجة، ليست مخيبة للآمال وحسب، بل مسيئة ومشوهة لنضالات الشعب الفلسطيني الجسورة ضد الاحتلال الاسرائيلي ولا تزال،فاي تحرير ومن من؟ الذي تخوض معاركه حركة فتح الآن؟ واين الوطنية فى تقويض حكومة الوحدة الوطنية؟
وهل المقاومة الاسلامية تعني أعلان كتائب "عز الدين القسام" الجناح المسلّح لحركة "حماس" بأن غزة أصبحت "منطقة عسكرية مغلقة"، ليس امام الاسرائيليين وانما امام اخوتهم فى فتح من الفلسطينيين، حيث تدور فى شوراعها حرب الاخوة الاعداء،التى مع الاسف الشديد رصدت هيئة حقوقية فلسطينية استخدام طرقا جديدة في الاقتتال، حيث تم اعدام أشخاص بالرصاص بعد اختطافهم، وتم العثور على جثثهم وهم معصوبو العيون ومقيدي الايادي والارجل، كما تم رمي بعض المختطفين من على أسطح الابراج السكنية، يا إلهي كل هذه البشاعة تمارس تحت رايات التحرير الوطني والمقاومة الفلسطينية!
العراك بين الفلسطينيين وصل حد الجنون، وحار فيه المحللون والوسطاء والاطباء ، عشرات المبادرات وعشرات الاتفاقات لحقن الدم الفلسطيني وتماسك الصف الوطني فى مقابل عدو يتجهم الجميع، يبدو الان الاسعد بالتطورات الاخيرة، حيث لا يهمه ما اذا كان ماجري فى غزة انقلاب او مايحدث فى الضفة شرعية دستورية، ولكن المهم اضعاف الفلسطينين، و يبقي الحل فى العودة الى الشعارات المنصوصة فى الاسماء، حماس الى المقاومة وترك السياسة وفتح الى التحرير الوطني بالوسائل السلمية!

Thursday, June 14, 2007

سر الجفوة بين الخرطوم وباريس


سر الجفوة بين الخرطوم وباريس
كوشنير... الدخول من باب الخروج
تقرير: محمود الدنعو
هل جاء وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى الخرطوم من باب الخروج ، وخرج صفر اليدين فى اول زيارة له ،وهل فشله فى تسويق (المبادرة الفرنسية) للحكومة السودانية يعود لسوء عرض، ام سوء فهم، واسئلة اخرى حائرة لوحت للوزير كوشنير بمطار الخرطوم ضمن مودعيه وهو عائد من جولته الافريقية الاولى، مكسور الخاطر، بعد ان رفضت الحكومة مبادرته، صدتها بدبلوماسية ناعمة ، عندما قال وزير الخارجية الدكتور لام أكول للصحافيين عقب لقائه كوشنير إن الحكومة تنتظر خارطة طريق أعدها وسطاء من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ستعلن قريبا، وبالتالي فإن أية مبادرة أخرى يمكن أن تثير ارتباكا.
ويمكن للقارئ ان يستشف من تصريحات المسؤولين فى الطرفين، الاجابة على سؤال كيف رفضت الخرطوم المبادرة الفرنسية، ولكن الاجابة على سؤال لماذا رفضت؟ يظل قيد التكهنات وان اجتهد المحللون فى ذلك ، ومهد الوزير الفرنسي لاعلان فشل مبادرته تلميحا عندما وصف لقاءه مع الرئيس عمرالبشير قائلا ان اللقاء (لم يكن سهلا)، ووعورة اللقاء تكمن فى اصطدام كوشنير بمواقف البشير وآرائه الصارمة تجاه الانشغال الدولي بملف دارفور الذي يرى البشير ان وراء هذا الانشغال اجندة سياسية، بينما حاول كوشنير اقناع البشير ان الاهتمام انساني محض، وهنا جوهر فشل مهمة كوشنير الآتي الى الخارجية الفرنسية عبر بوابة العمل الانساني ومفهوم التدخل الانساني، ودافع كوشنير عن نوايا بلاده حينما قال «ليس لدينا أية اجندة سياسية سوى تحقيق الامن والسلام والاستقرار ووحدة السودان». واكد كوشنير ان الاجتماع مع البشير «كان مفيدا لكن تظل صعبة وهي ان الافارقة يريدون ان تتولى افريقيا حل مشكلاتها بنفسها». وتابع «انا افهم ذلك واؤيده لكني اعتقد في الوقت نفسه انه في ما يتعلق بدارفور لا يمكن ان يتم التعامل مع الامر على انه مشكلة افريقية محضة». واضاف ان «احترام الحقوق الانسانية مسألة تخص العالم اجمع واظن ان هذا اللبس لا يمكن ازالته بسهولة».
الصخرة الاخرى التي اصطدم بها كوشنير انه أمر بما لا يطاع او يطاق فى الخرطوم وهي الدعوة إلى القبول بنشر قوات دولية في دارفور، والتعاون مع محكمة الجنايات الدولية بلاهاي.
وحرصت الحكومة على تبيان ان رفضها للمبادرة الفرنسية لا يعني عدم ترحيبها بدور فرنسي داعم للجهود الدولية والاقليمية الساعية لانهاء النزاع بدارفور، وترك البشير باب الرجاء موصولا بباريس التى يقدر لها العديد من المواقف مع السودان وذلك عندما طلب البشير من كوشنير ان تلعب فرنسا والاسرة الدولية دورا ايجابيا في ازمة دارفور عن طريق الضغط على الحركات المسلحة لقبول العملية السلمية الى جانب المساهمة في عودة النازحين لقراهم.ومن جانبة قال وزير الخارحية الدكتور لام اكول: اوضحنا له (أي كوشنير) ان السودان لا يوافق على المقترح الفرنسي باعتبار ان الوقت غير مناسب ولا مبرر له خاصة، واضاف اخبرنا كوشنير بانه يمكن لبلاده ان تسهم بدعم قوات الاتحاد الافريقي ماديا للمساعدة في عملية نشر القوات على الارض بدارفور.
وذات الحرص يمكن تلمسه فى حديث مستشار رئيس الجمهورية الدكتور غازي صلاح الدين الذي قال «إننا نقدر من دون شك إصرار كوشنير ولكن بعض أفكاره بحاجة إلى دراسة».
وبحرص ربما متبادل اوضح كوشنير في تصريحات للصحافيين «ان الهدف من الاجتماع مع البشير كان لتذكيره بالتزاماته اذ انه وقع عددا من الاتفاقات وافهامه من دون أية نزعة عدوانية ان العالم متأثر» بالوضع في دارفور.
و اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال قمة مجموعة الثماني في ألمانيا عن عقد اجتماع دولي حول دارفور في 25 يونيو في باريس، لإعداد استراتيجية مشتركة لحل الأزمة السياسية والمأساة الإنسانية ،وتنص المبادرة الفرنسية المتعثرة على اجتماع على المستوى الوزاري لدول مجموعة الاتصال بشأن دارفور أواخر الشهر الحالي، بباريس بالتزامن مع زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس إلى باريس في 25 من هذا الشهر. وسيشارك في الاجتماع وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي وعشرون مندوبا آخرين عن بلدان ومنظمات (الامم المتحدة والاتحاد الافريقي).
و تتعلق المبادرة التي قدمتها باريس لمعالجة أزمة دارفور أولا بالجانب الإنساني، وتنص على كيفية القيام بترتيبات أوروبية في شرق تشاد لإنشاء ممر إنساني يساعد على إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان دارفور، ونبهت مصادر فرنسية الى ان المبادرة لا تستبدل ولا بأي شكل فكرة نشر قوات مختلطة (أممية وافريقية) في الإقليم. وقالت إن الممر الإنساني المقترح قد يكون ''جسرا جويا'' من تشاد إلى دارفور.
وكان كوشنير تلقى فى انجمينا المحطة السابقة للخرطوم حيث التقى فيها الرئيس إدريس ديبي، كما زار معسكرات اللاجئين من دارفور فى شرق تشاد، دعما لافكاره عندما أكد ديبي أن بلاده لا تعارض من الناحية المبدئية نشر قوة دولية على الحدود الشرقية لتشاد مع إقليم دارفور، مشيرا إلى أن المقترحات المتعلقة بنشر قوة شرق البلاد سيعلن عنها بحلول 25 يونيو، وهو موعد اجتماع دعت باريس إلى عقده لبحث أزمة دارفور.
وحتى لا يذهب المحللون فى تفسيراتهم لفشل مهمة كوشنير مذاهب شتى سارعت الخارجية الى بيان للناس أكدت خلاله عدم قبول السودان لفكرة قيام مؤتمر باريس ومحتواه واوضح ان فرنسا في اعدادها وتحضيرها للمؤتمر لم تتصل بالسودان او تتشاور معه بحسبان ان البحث في مسألة دارفور شأن يخص السودان ولا يمكن لاي نتائج يتوصل اليها الاجتماع ان تكون ذات اثر دون موافقة ومباركة السودان.
وذكر بيان الخارجية ان اجتماع طرابلس الاخير اقر وثيقة تضمنت توحيد المبادرات وبسط خارطة طريق لتحقيق السلام عن طريق التفاوض لتفعيل الحل السياسي لمشكلة دارفور، وذلك بقيادة الاتحاد الافريقي والامم المتحدة بقيادة د.سالم احمد سالم ويان الياسون. واكد البيان حرص السودان على حل مشكلة دارفور وتحقيق الامن والاستقرار في ربوعه، وناشد المجتمع الدولي والدول المحبة للسلام لتفعيل مسار الحل السياسي.
لغة البيان واسلوبه تذكرنا بالاعتراضات التي تبديها الحكومة للمقترحات الامريكية لحل ازمات السودان، مما يدعم الاتجاه الذي يفسر الجفوة الراهنة بين الخرطوم وباريس بوصول ساركوزي اليميني الداعم وصاحب الرؤى المتطابقة مع الرئيس الامريكي جورج بوش على عكس سلفه جاك شيراك.

Tuesday, June 12, 2007

تفجيرات نيروبي

قبل ان ينهي مفتش عام الشرطة الكينية الفريق حسين علي تصريحاته التي نبه فيها وسائل الاعلام الى ضرورة التروي وانتظار نتائج التحقيق حول ملابسات حادث الانفجار الذي هز نيروبي ظهيرة الامس، حتى طيرت بعض وكالات الانباء ونقلت عنها صحيفة (ذا استاندر) الكينية فى نسختها الالكترونية ، تلميحات تشير الى ان منفذي التفجيرات من المسلمين، من الحديث عن وجود اجزاء من المصحف الكريم فى مسرح الحادث، قالت (ذا استاندر) انها استطاعت تجميع تلك الاجزاء من مكان الحادث، وللتأكيد على ان المنفذ عربي قالت ان النسخة من القرآن الكريم كانت باللغة العربية، ونقل عن شاهد عيان ان ملامح المنفذين آسيوية أو عربية.
فى البدء لابد من التأكيد على اننا لا نستبعد ان يكون المنفذون لهذه الجريمة من المنتمين للاسلام، ولكننا نترك تلك المهمة للاجهزة الامنية والقضاء ليحدد ذلك، كما اننا ضد هذه المحاولات المتكررة والرخيصة الساعية لدمغ الاسلام كدين والعرب كأمة بكل عمل ارهابي ، والمدهش ان ذات وسائل الاعلام التى تهرع فور وقوع هكذا حوادث الى اتهام الاسلام صراحة او غمزاً ولمزاً، تصب فوق رؤوسنا صباح مساء مسلمات من قبيل ان الارهاب لا دين ولا وطن له !
ذاكرة نيروبي المشحونة بتفجيرات عامي 1998 و2002، تجعلها تتجه نحو اتهام اسلاميين متشددين من الجارة الصومال ، بينما الاحتمال يمكن ان يظل محليا كأن تشير الاصابع الى عصابة (مونجيكي) الاجرامية التي أثارت حالة من الفوضى في كينيا خلال الشهر المنصرم.
وكانت السفارة الأمريكية في نيروبي ذكرت فى فبراير الماضي ، أنها تلقت تحذيرات من هجمات محتملة وصفتها بأنها ''إرهابية'' تتزامن مع فعاليات بطولة العالم لسباق الضاحية التي ستقام الشهر المقبل في العاصمة الكينية.
الاحتمالات جميعها واردة، حتي ترجح التحريات احداها عن الاخرى ، يبقي السكوت من ذهب، والتضامن مع نيروبي التى اصبحت فى مرمى نيران الارهاب الدولي واجب، ولكن فى غمرة كل هذا على رجال الاعلام والمحققين التروي قبل ان يصيبوا قوما بجهالة !

Monday, June 11, 2007

أرحموا الملائكة يرحمكم التاريخ

في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كل مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزقَـهُ الموت
الموتُ الموتُ الموتْ

»Œقبل خمسين عاما صاغت الشاعرة العراقية نازك الملائكة هذة الابيات من قصيدتها الاشهر (كوليرا) التى يؤرخ بها لبدايات الشعر الحر فى الوطن العربي، الصورة تكاد تنطق بالواقع فى العراق اليوم ، حيث الموت سيد المشاهد والرؤى، والاعلى من اصوات الشعراء وذؤابات نخيل العراق الباسق، الملائكة ترقد الآن وحيدة ومنسية فى مستشفي بالقاهرة، تماما كما يرقد العراق كله جسدا مسجى على مجرى دجلة والفرات فى انتظار من يلقنه الشهادة الاخيرة ، بينما القوم مختصمون حول صيغة الشهادة ، وكأن الشيعة والسنة ليسوا مسلمين لهم دين واحد ونبي واحد وقبلة واحدة، شاعرة العراق الاولى في القرن العشرين، تكابد آلام المرض فى صبر وصمت اسطوريين ، وكأنها تقول انا لست اقل من الشعب العراقي الذي يواجه الموت يوميا فى العراق، وهي التي قالت فى قصيدتها (انا)
والدهرُ يسألُ مَنْ أنا
أنا مثله جبارةٌ أطوي عُصورْ
وأعودُ أمنحُها النشورْ
أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ
من فتنةِ الأملِ الرغيدْ
وأعودُ أدفنُهُ أنا
لأصوغَ لي أمساً جديد

الملائكة تحتاج الآن دعوات الملايين من قراء شعرها بالوطن العربي ودعم الخيرين لتتجاوز هذه المحنة الصحية، ومن نكد الدهر عليها وعلى العراق ان يوجه الرئيس جلال طالباني ورئيس وزرائه نوري المالكي، بمتابعة حالتها الصحية، ارحموا الملائكة يا هؤلاء يرحمكم التاريخ !

Sunday, June 10, 2007

دارفور تحت بصر العالم

دارفور تحت بصر العالم
دخول التقنية الى فضاء المعركة
تقرير: محمود الدنعو
فى سعيه لحل ازمة دارفور الراهنة، استنفد المجتمع الدولي كل الحيل والتدابير، لحمل الحكومة السودانية للقبول بطرائق الحل التى يقترحها، وترى فيها الحكومة غير مصلحتها او غير مصلحة البلاد والعباد هكذا تقول، وفى غمرة الشد والجذب بين الحكومة والمجتمع الدولي حشد الاخير اسلحته كافة ، واولها الاعلام الذي ما انفك يصور ما يجري هناك على انها حرب ابادة جماعية تتواطأ فيها الحكومة مع مليشيا الجنجويد، وصار اسم الجنجويد بهذا الجرس الموسيقي وغرائبية التركيب اللغوي الكلمة الاكثر استهلاكا فى سوق الاعلام الدولي اليوم، ولان المعركة من قبل الطرفين لاثبات صحة مواقفهما وكسب تعاطف الرأي العام العالمي على اشدها، لاذت منظمات المجتمع المدني وتلك الناشطة فى مجال صيانة حقوق الانسان بالتقنية الحديثة ووظفتها فى مشروعها لتعرية الحقيقة من الزواية التى تراها بها، ولما كانت الحكومة السودانية لا قبل لها بتقنية دقيقة كالمراقبة بواسطة الاقمار الاصطناعية وعبر (Google - Earth)، تبدو المعركة التقنية غير متكافئة فى نوعية الاسلحة المستخدمة، ولكن آخرين يرون ان الغلبة ستكون للذي يمسك بالحقيقة وليس بالتقنية.
واهم مظاهر استخدام التقنية فى معركة دارفور الراهنة ، تتمثل فى اطلاق خدمة (Google - Earth) برنامجاً خاصاً يعرض صوراً عن دارفور، البرنامج المثير للجدل اطلق فى ابريل الماضي، بالتعاون مع متحف المحرقة اليهودية (Holocaust) فى واشنطون، وبأحدث تقنيات التصوير الفضائي تضع كل دارفور وكل القرى المحروقة وكل معسكرات النازحين بين يديك . يمكنك (زوم إن) zoom in) ) ومشاهدة أثر القرى المحروقة (بواسطة قوقل إيرث برو يمكنك رؤية أجزاء أواني الفخار المكسرة المحترقة). يمكنك أن تتسلل الى معسكرات كلمة وأبوشوك وكاس وترى خيام النازحين، هكذا يتم الترويج لهذه الخدمة الجديدة، وقبل ان ندخل القارىء فى متاهات اصطلاحية وفنية، نقول إن(Google - Earth) هو برنامج معد من قبل شركه قوقل المعروفة تقوم بعرض الكرة الارضية عن طريق الاقمار الصناعية ولكنها -أي الصور- ليست مباشر إنما التقطت ووضعت في قاعدة البيانات التابعة للشركة وهذه هي فكرة عمل البرنامج قاعدة بيانات زودت بالمعلومات والصور يقوم مستخدم بالاستفسار عن المعلومات التي يريدها. وإذا كنت تريد معرفة موقع معين فإن قوقل ايرث يضع المعلومات الجغرافية في العالم في متناولك ويحلق بك الى اي مكان في العالم بمجرد تشغيل البرنامج وتحريك (الماوس) فمن خلاله تستطيع البحث عن المستشفيات والمطاعم والمدارس واكتشاف المدينة التي تسكنها او أية مدينة تريد البحث عنها.
ويقول مطلقو برنامج قوقل ايرث عن دارفور، ان الموقع يوفر معلومات تصلح كأدلة دامغة على ممارسة الحكومة السودانية الابادة الجماعية فى دارفور وذلك من خلال (1600) صورة لقرى مدمرة ومحروقة، وبقايا( 100000) منزل ومستشفي ومسجد دمرها الجنجويد، كل هذه الصور والادلة تقول مديرة متحف المحرقة اليهودية سارا بلومفيلد انها ستجعل العالم لا يفلت هذه المرة ويتجاهل الذين يحتاجون الى مساعدته، فى اشارة الى سابقة رواندا المفزعة، واضافت ان الهدف هو حث الحكومات والمنظمات العالمية الى التحرك لدرء كارثة الابادة الجماعية.
من جانبه قال اليوت ساشارقي نائب مدير (قوقل دوت كوم) اكبر محركات البحث على الانترنت، نحن فى قوقل نؤمن ان التقنية الحديثة حافز للتحرك.
ويبقى سؤال حول من اين جاءت كل هذه الصور المنتقاة بعناية لتحقيق هدفها، يقول مطلقو الخدمة ان اهم مصادر الصور والمعلومات لديهم هى وزارة الخارجية الامريكية والمنظمات غير الحكومية والامم المتحدة ومتحف المحرقة اليهودية وافراد مصورون عادون.
احدث حلقات الحرب التقنية هو ما أعلنته منظمة العفو الدولية باتخاذها تكنولوجيا الأقمار الإصطناعية وسيلة لمراقبة منطقة دارفور، بهدف منع الهجمات ضد المدنيين في المستقبل. وأعلن الفرع الأميركي لمنظمة العفو الدولية، أنها المرة الأولى التي تستخدم فيها منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان هذه التكنولوجيا لرصد أهداف هجمات محتملة ومنع ارتكاب فظاعات في المستقبل ومحاولة إنقاذ الأرواح.
ودعت منظمة العفو سكان العالم أجمع إلى المساعدة على حماية (12) قرية تعتبر أنها قد تُستهدف بهجمات ميليشيات الجنجويد عبر مراقبة الصور على موقع ''عيون على دارفور'' على الانترنت. وأوضح لاري كوكس المدير التنفيذي للقسم الأميركي لمنظمة العفو، أن المجموعة تريد من خلال ذلك أن تثبت أن العالم يراقب الوضع عن كثب وحثه على قبول قوة حفظ سلام مشتركة بين الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي.
وقال كوكس في بيان إن دارفور بحاجة إلى جنود حفظ السلام لوقف اعمال القتل. وأضاف: ''نستفيد من تكنولوجيا الاقمار الاصطناعية لنقول للرئيس البشير اننا نراقب بانتباه للكشف عن اي انتهاك جديد لحقوق الإنسان''. وقال لارس بروملي من المؤسسة الأميركية للتقدم التكنولوجي الذي قدم النصيحة لمنظمة العفو لإعتماد هذا النظام، انه يمكن من خلال ذلك رؤية أكواخ مدمرة وحشودات جنود أو لاجئين فارين. ورأت ارييلا بلاتر مديرة مركز تفادي الأزمات في فرع منظمة العفو الأميركية أن هذه الصور التي ستكون متوافرة بعد أيام على التقاطها قد تستخدم في اطار ملاحقات قضائية.
دخول التقنية الى فضاء المعركة وبهذه الكثافة ، تبعث برسالة الى اطراف الصراع كافة ان ميدان العراك بات مكشوفاً امام العالم اجمع، مما يدفع باتجاه استبدال او استحداث تكتيات الصراع التقليدية ، ولكن هل ستدفع هذه التقنية والشفافية التى سترغم اطراف الصراع على التعامل بها ، الى الاسهام فى تحسين الاوضاع الانسانية فى دارفور وتدفع باتجاه التسوية السياسية للازمة.

وعود قمة الكبار لافريقيا

الوعود التى قطعتها البلدان الثمانية الكبرى فى قمة (غلين إيغلس) باسكوتلاند العام 2005 بمضاعفة مساعداتها لافريقيا بحلول العام 2010، وقبل التيقن من الايفاء بها، اطلقت قمة(هايليغندام) بالمانيا التى اختتمت اعمالها للتو وعودا أخري، فقمم الكبار من أغنى أغنياء العالم، دائما تكون من باب قطع الطريق امام اتهامات الاعلام لها بنسيان مآسي الفقر والفقراء، الذين كانوا سببا مباشرا فى غنى هولاء الثماني الكبار، لذلك تدبج هذه القمم لحاجة اعلامية اكثر منها انسانية بياناتها الختامية بحزمة وعود براقة للقراء، وهذا ما جرى فى ختام القمة الاخيرة ، عندما تعهدت بتخصيص مساعدة ضخمة لمكافحة الايدز والملاريا والسل، وتحدث بيان صدر عن القمة عن (ستين مليار دولار) سيتم دفعها خلال الاعوام المقبلة.
الواقع الافريقي الراهن، تمسك بتلابيبه وتقعده عن ركب الامراض التى ذكرت من ايدز وسل وملاريا، لاسيما عندما تتقاطع مع ازمات سياسية واقتصادية لا تنفك القارة غارقة فيها، ويبقي التحدي فى الايفاء بمثل هذه الوعود التى طالما نسمع عنها فى افريقيا، وشهدت ضمن مجموعة من الصحافيين العام الماضي بنيروبي فى كينيا تدشين الحملة الدولية للقضاء على مرض السل من العام 2006 الى العام 2015، وتهدف الحملة الى انقاذ حياة حوالى( 14 ) مليون نسمة وعلاج ( 50 ) مليون مصاب بالسل وتوسيع امكانية الوصول الى جميع المرضى وتشخيصهم وعلاجهم ، وانتاج عقار جديد لعلاج السل بحلول العام 2010 كبديل للعقار المستخدم منذ 40 عاما ، وتطوير مصل جديد للتطعيم ضد المرض.
وتقول لغة الارقام ان حوالى( 1500 ) يموتون يوميا جراء داء السل ، واقسى ما تعانى منه افريقيا هو توأمة السل مع الايدز،فالمصابون بالايدز معرضون بنسبة( 50% ) للاصابة بالسل نتيجة العوز فى جهازهم المناعى.
اما الملاريا فهي الداء المقيم فى افريقيا حيث يعيش أكثر من( 90% ) من ضحايا الملاريا في العالم في إفريقيا، حيث ينتج عن المرض فقدان حوالى (12) بليون دولار سنويا من إجمالي الناتج المحلي للقارة الإفريقية، والاخطر من ذلك تقول منظمة اليونسيف في أفريقيا يموت طفل واحد كل ( 30) ثانية بسبب الملاريا.

Saturday, June 09, 2007

وزير خارجية فرنسا يزور السودان


وزير خارجية فرنسا يزور السودان
باريس على خطى واشنطون ولندن
تقرير: محمود الدنعو
فى محاولة ربما لتسوية الارض امام اقتراحات وزير خارجيته المثيرة حول دارفور، استبق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وصول وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى الخرطوم فى زيارته المعلنة يوم الاثنين المقبل، بإيفاد مبعوث السلام الفرنسي الخاص للسودان السفير هنري دو كونياك الى العاصمة الاريترية اسمرا حاملا رسالة من ساركوزي الى الرئيس اسياس افورقي، تضمنت ابتداء دعوة افورقي الى المشاركة فى مؤتمر حول دارفور بباريس فى الرابع والعشرين من يونيو الجاري تزمع الحكومة الفرنسية اقامته، والتشاور بين أسمرا وباريس حول سبل انهاء النزاع فى دارفور، وحسب موقع (Shabait.com) التابع لوزارة الاعلام الاريترية فان المبعوث الفرنسي اشاد بالدور الاريتري فى سلام السودان منذ اتفاق السلام الشامل واتفاقية ابوجا واتفاق الشرق.
التحرك الفرنسي الذى تبلور مع وصول الحكومة الجديدة عقب انتخاب ساركوزي رئيساً، وتعيين كوشنير وزيرا للخارجية، يتجه نحو التطابق مع الموقفين الامريكي والبريطاني المتشددين تجاه الخرطوم فيما يتعلق بمعالجة ملف ازمة دارفور، وكوشنير صاحب مفهوم التدخل الانساني،وفى مسعاه لحشد اجماع دولي لاقتراحه بفتح ممر انساني فى دارفور اعلن استضافة اجتماع ''مجموعة اتصال موسعة'' لوزراء الخارجية في 25 يونيو يتضمن مشاركة ممثلين من قوى كبرى مثل الولايات المتحدة والصين بالاضافة الى لاعبين أفريقيين أساسيين للضغط على السودان بخصوص دارفور، وبما ان اللاعبين الاساسيين من الافارقة الذين تعول عليهم باريس للضغط على الخرطوم لم يعلن عنهم كوشنير بعد، الا ان ارسال الرئيس ساركوزي مبعوثه الى أسمرا ربما يندرج فى هذا الاطار ولكن لا يستقيم ان تمارس اسمرا ضغطا على الخرطوم وهي تمد فى ذات اللحظة غصن الزيتون والمبادرات لتسريع الحل السياسي من خلال استضافتها اجتماعات توحيد صفوف الحركات غير الموقعة على اتفاق ابوجا، توطئة لدخولها فى مفاوضات التسوية النهائية مع الحكومة السودانية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية ان كوشنير سيزور السودان يومي العاشر والحادي عشر من يونيو بعد أن يزور تشاد، ويلتقي فيها مع الرئيس ادريس ديبي، بينما جدول لقاءات كوشنير فى الخرطوم لم تتضح بعد ولم تستطع الخارجية الفرنسية تأكيد ما اذا كان سيقابل الرئيس البشير ام لا ، ولكن الاكيد انه لن يزور دارفور رغم انها محور جولته الافريقية باستثناء محطة مالي، حيث يشارك فى حفل تنصيب الرئيس توماني توري لولاية جديدة ، والمتحدث باسم وزير الخارجية الفرنسي اكتفى بالقول ان الهدف الرئيس من أول جولة رسمية لكوشنير في أفريقيا هو إجراء محادثات بشأن العنف في دارفور،والسبل التي يمكن لفرنسا وحلفائها من خلالها المساعدة في تحسين الموقف في دارفور، ويستكشف كوشنير فى اولى جولاته الافريقية على ارض الواقع امكانية تطبيق افكاره المتعلقة بفتح ممرات انسانية عبر اراضي تشاد لنقل المساعدات الى دارفور، الامر الذي ترفضه تشاد ، وعبر عنه رسميا رئيس الوزراء التشادى نور الدين دلوا قصير كوماكوى في مؤتمر صحفي بانجمينا حين قال ان تشاد «ليست في حاجة لممر لانها تقيم تعاونا مثاليا مع هيئات الامم المتحدة والمنظمات الانسانية».
وكان كوشنير قد افصح عن اقتراحه المثير بفتح ''ممر انساني آمن انطلاقا من تشاد» في هامبورغ الاسبوع المنصرم عقب محادثات مع نظيره الصيني يانغ جيتشي في اطار اجتماع منتدى الاتحاد الاوروبي وآسيا. وقال كوشنير ''نفكر في عدة خيارات بما فيها اقامة ممر انساني آمن انطلاقا من تشاد''. واوضح ان ''الامر ليس الا فكرة حتى الآن ولكن لماذا لا نجرب؟''، وبعد ان اصطدم بالرفض التشادي وقوبل بالبرود من عدة جهات ، ولم يجد سوى ترحيبا وحيدا وحذرا من الممثل الاعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الاوربي عاد كوشنير بعد يومين ليقول ان التمكن من فتح ممر انساني «ليس بالامر الاكيد».
وقبل ان يغادر كوشنير اوربا فى طريقه الى افريقيا تحصل على دعم من دول مجموعة الثماني اعربت الاربعاء عن استعدادها لدراسة فكرة اقامة ''ممرات انسانية'' لمساعدة اهالي دارفور.واوضح اثناء مؤتمر صحفي اعقب اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثماني في بوتسدام شرق المانيا ''انها محاولة تنطوي على مخاطر. ولقد قبل اصدقاؤنا هنا هذه المخاطرة وسنعمل على القيام بها معا''.
وسعى كوشنير الى تهدئة مخاوف انجمينا والخرطوم قبل أن يصلهما بتوضيح ان اقامة ممر انساني لا تعني بالضرورة التدخل العسكري، ولكنه عاد وقال ان ذلك يمكن ان يكون فى اطار عملية للامم المتحدة، واوضح ان ''الامر يتعلق بمحاولة اقامة ممرات انسانية انطلاقا من مناطق قريبة من دارفور من تشاد و افريقيا الوسطى''
ولتسويق اقتراحه يبرر كوشنير الحاجة الى الممر الانساني بالبعد الجغرافي بين دارفور وبورتسودان، حيث تسلك المعونات الانسانية مئات الكيلومترات قبل ان تصل المحتاجين فى مخيمات دارفور او شرق تشاد ، ويتساءل كوشنير ''هل من الممكن تأمين وصول المواد الغذائية والادوية عن طريق الجو؟ اعتقد انه امر ممكن. هل من الممكن ان نفعل اكثر من اجل تأمين ممر بري الى منطقة تقع على بعد 300 الى 400 كلم (من تشاد)؟ انه ايضا امر ممكن''..
ويبدي كوشنير اهتماما خاصا بملف دارفور، ويمكن ادراج التحرك الحالي فى الوفاء بتعهدات قطعها كوشنير عشية تعيينه رئيساً للدبلوماسية الفرنسية بان يجعل قضية دارفور اولية ، ويسعى الى تعبئة اللاعبين الدوليين والاقليميين لحلها.
العهد الساركوزي الجديد فى فرنسا يريد تدشين نفسه من خلال ازمة دارفور، ولكن رؤية كوشنير للحل، من شأنها تقديم وعود الرئيس ساركوزي لافريقيا، بوجه مغاير لشعارات الشراكة مع افريقيا وبلدان المتوسط، التى نادى بها ساركوزي، فالتدخل الانساني رغم رومانسية المصطلح، يعتبر نسخة غير منقحة للاستعمار واعادة الهيمنة التى تجابه برفض عنيف فى افريقيا.

بين محاكمة صدام وتايلور

تطرح المحاولات الدولية لتأمين محاكمة عادلة للرئيس الليبيري السابق شارلز تايلور، والتى انطلقت امس بهولندا، سؤالا مهما، فى حال مقاربتها مع محاكمة الرئيس العراقي الشهيد صدام حسين، فهل يريد المجتمع الدولي والحريصون على العدالة والاجراءات القضائية تجاوز مهزلة محاكمة صدام حسين، ام ان أمر تأمين محاكمة عادلة لصدام لم يكن وارداً بحسبان ان الاطاحة به واعتقاله ومحاكمته وتنفيذ الحكم كانت قرارات امريكية صرفة ، وعبرت منظمات حقوقية دولية كثيرة عن عدم رضاها لسير المحاكمة حينها، ولكن الاهتمام الذي وجده تايلور من تأمين مكان المحكمة في هولندا لعدم ضمانة الامن فى محيط مقر المحكمة فى حال انعقادها فى ليبيريا او سيراليون او احتمال قيام انصاره بردات فعل غاضبة تنشر الفوضي وتروع الليبريين بعد ان تذوقوا طعم الاستقرار والحرية والديمقراطية الحلو مع الرئيسة سارليف، وعلى عكس محاكمة صدام وضعت المحكمة سقفاً زمنياً للمحاكمة فى غضون سنة او سنة ونصف السنة، وكما اطلقت منظمات مدنية عليمة بشؤون المحاكمات الدولية وبملف جرائم تايلور موقعاً على شبكة الانترنت لمتابعة سير المحاكمة وادارة جدل قانوني حولها وعنوان الموقع هو www.CharlesTaylorTrial.org.
ويواجه تايلور وهو اول زعيم افريقي سابق يخضع لمحاكمة من هذا النوع. يواجه (11) تهمة تشمل ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الانسانية، وانتهاكات للقانون الانساني الدولي تتركز كلها على دوره في الحرب الاهلية في سييرا ليون.
ورغم الجرائم الخطيرة التى يحاكم تايلور فيها، فان احتمال صدور حكم باعدامه على طريقة صدام حسين يبدو غير وارد، والسجن هو الارجح ، وحتى السجن سيكون فى بريطانيا التى اعلنت استضافته سجينا لديها بعد ادانته لان هولندا وافقت على نقل مقر المحكمة الخاصة اليها من سيراليون بشرط ان لا يسجن لديها عند الادانة، اذن تايلور قادم الى المحاكمة وهو يعرف اين يسجن ومن هو السجان عكس صدام حسين الذي سلموه فى نهاية المسرحية الي خصومه ليتشفوا وينتقموا منه فى ابشع صور انتهاك للقانون واصول القصاص.
ووارد الاخبار يقول ان تايلور رفض المثول امام المحكمة امس بحجة انها لا توفر له شروط العدالة، رغم كل ما ذكرناه عن الاهتمام الذي لم يحظي به صدام.

Tuesday, June 05, 2007

جنجويد الصين يقضون على قبائل (بني فيل)

قالوا ولم نقل في جنوب السودان
جنجويد الصين يقضون على قبائل (بني فيل)
تقرير: محمود الدنعو
من المأثورات كبيرة المعاني: (عندما تتعارك الافيال فإن الضحية هي الحشائش) ، لكن حرب الجنوب التى وضعت اوزارها (وسيئاتها) فى عام (خرطوم الفيل) عاصمة الثقافة العربية، أو ما إصطلح البعض بوصفه: (الفين وخمشة)..
اعادة شحن مأثورة الافيال بـ (اسكراتش) التفسير المتجدد، قلب المعني تماما فصارت الافيال والحشائش معا من ضحايا عراك الاخوة (الاعدقاء)، وتسببت حرب الجنوب (مقطوعة الطاري) في اهدار ثرواتنا الطبيعية من الفيلة، منها من مات ومنها من فات عابرا الحدود ومنهم من ينتظر، و(البقية فى حياتها) صارت صيدا سهلا لقاتلي الفيلة، المتربصين بالقوافل الهاربة للمتاجرة فى اسنانها، ولا حاجة لهم فى لحومها.
(1)
يقول إزموند مارتن وهو خبير فى هذا المجال (وفايق جدا)، انه قام بزيارة علمية وعملية الى السودان لتفقد احوال ومصائر الفيلة وانتهي الى حقائق وارقام مذهلة، وقال إنه وجد (11) ألف منتج عاجي معروضة في (50) متجرا في الخرطوم، كما أشار أنه زار أكثر من (150) حرفيا ينتجون مقتنيات جديدة من العاج معظمها مجوهرات ـ وفق وكالة أسوشيتد برس ـ واستنتج مارتن أن عدد الأفيال التي تُقتل سنويا تترواح بين ستة إلى (12) ألف فيل، استنادا إلى كمية العاج التي رآها في الخرطوم وأم درمان.
(جنس الكلام ده بودي البلد فى داهية)، لان المصيبة التى فجرها الخبير تقول ان 75% من المنتاجات المستخلصة من اسنان الفيل فى السودان يشتريها الصينيون، (يا خبر!)، الموضوع دا طبعا هدية على (طبق من عاج) للرئيس الأمريكي بوش، فعلى الاقل سيجد الفرصة لرفع عقيرته للتحذير من الجنجويد الصينيين الذين قضوا على قبائل بني فيل.
(2)
قلنا فى البداية ان الفيلة كانت من ضحايا الحرب، ومنها من هرب، الى دول الجوار فى هجرة غير شرعية وبلا عودة، لكن جماعة من الخواجات (الفايقين) كأنىّ بهم يتصايحون كما قال جدهم ارخميدس ذات زمان بعيد: وجدتها وجدتها، فقد عثر هؤلاء الخواجات، على اكبر مخبأ للافيال فى جنوب السودان ولاحظوا ان الافيال بأحجامها العائلية تلك، يمكنها ان تجد مكاناً (تتدس فيهو)، وقد كان فقد اكتشف حماية الطبيعة وفى منطقة السدود بالجنوب المئات من الافيال اتخذت لها مخبأ آمناً وعملت (ساتر) من النيران المتبادلة بين الاخوة فى حربهم ذات العشرين (ربيعاً). يقول توم كاترسون: كانت تظللنا غيمة وعندما انقشعت وجدنا انفسنا امام مايشبة (حديقة الجروسك) الشهيرة، ورغم ان الخبر (طيروه الى الوكالات) ، لكنهم حرصا على حياة الافيال اقسموا ان لا يفشوا السر عن مكان المخبأ الكنز حتى لا يتسلل اليه صيادو الافيال، وهكذا ستظل مئات الافيال فى منطقة السدود فى منفاها الاختياري غير مشغولة بالصراع حول التنقيب عن النفط فى المنطقة بين شركتي النيل الابيض وتوتال، كل الذي يهمها ان يتركها البشر فى حالها.
وحتي لا (تنقطع) قلوبكم الحنينة لمصير تلك الافيال، إليكم هذا الخبر العاجل الذي وردنا للتو:
(دهست مجموعة من الأفيال الجامحة أما وطفلتها حتى الموت في جزيرة سومطرة الاندونيسية، وقال مدير متنزه بسومطرة إن قطيعا من الأفيال نزل إلى قرية على مشارف المتنزه وهاجم سكانها. وعثرت الشرطة لاحقا على جثتي السيدة وطفلتها البالغة من العمر ثلاث سنوات.
هل لازلتم عند شوقكم لفيل جنينة الحيوانات؟

العقوبات الأمريكية... من وراءها؟

العقوبات الأمريكية... من وراءها؟
تقرير: محمود الدنعو
العقوبات الامريكية الاخيرة على السودان لم تكن مفاجأة، فطالما لوحت واشنطن بخيار فرض عقوبات جديدة على الخرطوم، واستخدمت كفزاعة لتليين موقف الخرطوم المتصلب تجاه نشر ذوي القبعات الزرق فى دارفور، كما ان الخرطوم ليست غريبة على العقوبات الامريكية وسبق لها ان تعاملت معها، وتكتسب خبرات فى ايجاد بدائل لتفادي ثأتير هذه العقوبات على اقتصادها الآخذ فى الانتعاش لا سيما بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية والتوسع فى انتاج النفط، ويقلل الكثير من المحللين الاقتصاديين من اهمية العقوبات فى اضعاف الاقتصاد السوداني والقطاع الحكومي على نحو اخص، كما انها لن تفلح فى تحسين الاوضاع بدارفور وهو ما خلص اليه استطلاع للرأي وسط الامريكيين انفسهم أجرته شبكة «سى. ان. ان» حول تأثير عقوبات بوش الاقتصادية على تحسين الوضع في دارفور، وقد شارك في الاستطلاع حوالى (15000) شخص (86%) منهم قالوا أن العقوبات الاقتصادية لن تحسن الأوضاع، بينما أجاب (14%) بنعم.
وقال المحلل الإذاعي دانيال شور إن أزمة دارفور والسياسة التي تتبعها حكومة الخرطوم في التعامل مع الأزمة يضع الرئيس بوش أمام اختبار وتحد جديدين لقدرته على قيادة العالم. واعتبر أنّ فرض بوش عقوبات اقتصادية على الخرطوم سوف يتبع إجراءات أخرى مستقبلا تزيد من احتمال المواجهة. أما جون برندغرست المسئول السابق في إدارة بل كلينتون، فقد وصف العقوبات الأمريكية بالمحدودة والمتأخرة. وتساءل عن سبب وراء قيام الولايات المتحدة بتحريض دول العالم للتدخل في حالتي إيران والعراق بينما لا تحرك ساكناً في حالة السودان.
وبعيدا عن تقليب السيناريوهات المحتملة عند انفاذ العقوبات من طرف واحد، والجهود لحشد اجماع دولي عليها يبدو عسيراً فى ظل انقسامات واضحة فى نهج التعامل مع الحكومة السودانية ومساعدتها لتجاوز أزمة دارفور، يظل السؤال الرئيس من يقف وراء التصعيد الامريكي الاخير الذي جاء فى وقت انخفضت فيه حدة الخلافات بين السودان والامم المتحدة حول معالجة ازمة دارفور وكادت اتفاقات حزم الدعم الثلاث تردم المسافة بين رؤية الحكومة ورؤية الامم المتحدة والمجتمع الدولي لحل الازمة، كما ان على الطرف السياسي جرى تسخين ملف التسوية السياسية من خلال مبادرات اقليمية ومن خلال مبادرة حكومة الجنوب لتوحيد صفوف معارضي اتفاق ابوجا من الفصائل الدارفورية وصولا الى رؤية تفاوضية واحدة توطئة لاستئناف التفاوض مع الحكومة، اعلان الرئيس الامريكي للعقوبات المحتملة على السودان وفى هذا التوقيت وبالمبررات التى ساقها فى خطابه، تجعل من سؤال من يقف وراء هذا القرار، سؤالا مفتاحيا لدراسة السيناريوهات والمآلات اللاحقة للقرار، حيث يرى جيفري بيرنباوم من صحيفة «نيويورك تايمز» ان جماعة قليلة مثل «تحالف انقاذ دارفور» في العامين الماضيين بعثت بنداءات هائلة الى اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب طلبا للمساعدة، ونظمت مظاهرات احتجاجية وبثت كميات كبيرة من الاعلانات عبر شبكات التلفزيون، وهذه النشاطات جعلت قضية دارفور مطروحة على الرأي العام وكانت وراء قرار الرئيس بوش بفرض عقوبات اقتصادية على السودان.
وبما ان جيفري اعطى هذه المجموعة كل الثقل الذي يضعها خلف قرار خطير كهذا، فى محيط لجماعات الضغط الكلمة الفصل فى معظم مجريات السياسة الخارجية الامريكية ، يتفرع جانبية عن السؤال الرئيس ما هو تحالف انقاذ دارفور، ومِمّ يتكون وما هي مصادر قوته، يقول الكاتب جيفري: يعمل في التحالف طاقم من (30) شخصا لديهم خبرة في السياسة والرأي العام. وميزانيتها تصل الى ما يقرب الـ(15) مليون دولار في آخر سنة مالية. ويأتي تمويلها من افراد ومن بعض الشركات في قائمة مجلة فورتشن لاكبر (500) شركة امريكية التي تدفع مبالغ مماثلة لتلك التي يتبرع بها العاملون فيها، ومن الصناديق مثل صندوق OAK وصندوق PUBLIC WELFARE .
ويرفض تحالف «انقاذ دارفور» الكشف عن قيمة نفقات الاعلانات، التي حاولت هذا الاسبوع احراج الصين، التي تستضيف اولمبياد 2008م، بتقليل دعمها للسودان. الا ان المتحدثة باسم التحالف قالت ان المبلغ يصل الى عدة ملايين من الدولارات.
وذكر الخبراء في الكونغرس ان جهود التحالف هي التي كانت وراء خلفية سياسة بوش الجديد. وقال السناتور جوزيف بيدن الديمقراطي عن ولاية ديلوار ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ ان جهود انقاذ دارفور للضغط على الادارة والكونغرس وجعلت القضية مطروحة كانت لها تأثيرات كبيرة. وذكر المتحدثون باسم ادارة بوش، ان قرار الرئيس بفرض عقوبات كانت تعتمد على معلومات المستشارين المباشرة عن الوضع المتدهور في المنطقة. ولكنهم اعترفوا ان دور الجماعات مثل انقاذ دارفور كانت اساسية في جعل القضية ذات اولوية.
وقال غوردون جوندرو المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني ان «جماعات الضغط تلعب دوراً جيداً في اطلاع المواطنين الامريكيين حول العديد من القضايا التي لا تظهر دائما في نشرات الاخبار. وتستمع الادارة بصفة منتظمة وتتحدث مع انقاذ دارفور وغيرها من الجماعات».

أرفعوا القبعات للعقيد ولد فال!

كغيري من ملايين العرب غمرني شعور بالفخر والاعتزاز، عندما اوفي رئيس المجلس العسكري السابق في موريتانيا العقيد اعلي ولد فال بوعده وسلم السلطة لمن انتخبه الشعب الموريتاني فى ثاني انجاز عربي، بعد ان فعلها المشير عبد الرحمن سوار الدهب فى السودان، والجدير بالتأمل ان اهم منجزين للديمقراطية العربية حدثا فى بلدين ليسا فى المقدمة بالمعايير الاقتصادية الراهنة، وتقع جغرافيا فى اطار وتخوم القارة الافريقية.
الانجاز الكبير الذى حققه الشعب الموريتاني والموقف المنحاز للتحول الديمقراطي الذى انجزه العقيد اعلى ولد فال، لم يجد مع الاسف حقه من الاعتراف والذيوع عبر وسائل الاعلام العربية ، ولكن مقابلتين اجريتا اخيرا مع العقيد ولد فال حرصت على متابعتهما، للتعرف اكثر علي شخصية ولد فال، وكيف يفكر وكيف يزن الامور، فوجدته رجل دولة من طراز رفيع ، ففي مقابلة مع موقع الجزيرة نت وأخري على قناة دبي الفضائية فى برنامج بقلم الرصاص مع الصحفي الكبير حمدي قنديل، تحدث ولد فال بالغة واسلوب هاديء وواضح، لم يدع بطولات لنفسه، ولم يطالب بتعمم النموذج الموريتاني الفريد واكتفي بالقول ان لكل بلد ظروفه الخاصه، ولم يعبر عن ضغينة ضد الرئيس الاسبق ولد الطايع وقال انه مواطن موريتاني حر، وعندما سئل عن امكانية ترشحه مستقبلا لم يعبر (بنفاق بائن)عن زهد فى السلطة ، بل ترك الباب مواربا امام الترشح موضح بانه رهين ان تكون مصالح البلاد والعباد هي المحك فى الترشح.
آن الأوان كي تكون لنا فى الوطن العربي مؤسسة للحكماء من الرؤساء السابقين أسوة بافريقيا، ولدينا اهم عضوين فى نادي الرؤساء العرب السابقين المشير عبد الرحمن سوار الدهب والعقيد اعلى ولد فال.وبينما تجاهله الرؤساء العرب او رحبوا به ببرود فى قمة الرياض الاخيرة قررت شبكة الانتخابات في العالم العربي تقديم جائزة الانجاز الديمقراطي لولد فال ، وذلك للدور الذي لعبه لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة في موريتانيا تم فيها تحقيق مبدأ تداول السلطة في البلاد لأول مرة في تاريخها.

بوادر حرب بادرة جديدة

قائمة القضايا الخلافية بين روسيا والولايات المتحدة، طويلة ومثيرة وتميزت الآونة الاخيرة بتصاعد حدة الحرب الكلامية بين البلدين، وشهدت اروقة اجتماعات وزراء قمة الثمانية فى بوتسدام الالمانية فصلا ساخنا من تلك المواجهات الكلامية بين وزيري خارجية البلدين حول ملفات نشر الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في اوروبا الشرقية ولبنان وكوسوفو.
ودون الخوض فى تفاصيل تلك المعركة الكلامية التى اهتمت وسائل الاعلام كافة بنشر تفاصيلها، نطرح تساؤلاً رئيساً هل نحن امام عودة وشيكة للحرب الباردة بين البلدين، قياسا الى تكرار مثل هذه المواجهات فى الفترة الماضية وتصاعد حدتها، لا سيما حول مزاعم روسيا باطلاق الولايات المتحدة سباق التسلح من جديد فى وقت تصف فيه امريكا تلك المزاعم الروسية بالسخيفة.
القراءة الاولية لمشهد الشد والجذب الامريكي الروسي الراهن تشير الى ان المستقبل القريب سيشهد تبلور شكل وحجم الصراع بينهما فى نسخة منقحة من الحرب الباردة ، ويستفاد فى ذلك من التصريحات النارية للرئيس الروسي بوتين بعد يوم واحد من معركة وزير خارجيته لافروف مع الوزيرة الامريكية رايس حيث قال بوتين امس الخميس إن إقدام بلاده على إطلاق صاروخ باليستي جديد عابر للقارات كان ردا على الخطوات الأمريكية التي أطلقت سباق تسلح جديد وقوضت الأمن الدولي.
تصريحات بوتين جاءت عقب اعلان الوزيرة رايس عن قمة بين الرئيسين الروسي والامريكي الشهر القادم، بهدف ''اعطاء فرصة (للبلدين) لحلحلة الاجواء''، كما قالت رايس، فهل اراد بوتين بهذه التصريحات اعادة تحديد اجندة واهداف اللقاء مع بوش ، ام ان تصريحات بوتين تنطلق من حقائق واقعية بان سباق التسلح قد انطلق وان الاتفاقات المبرمة لكبح جماح هذا التسلح صارت جزءاً من الماضي.الاستفاقة الروسية - وان متأخرة- بأن العالم تغير، وهناك قوة تحاول الهيمنة منفردة عليه، تحتاج الى تضامن المتضررين فى العالم من تلك الهيمنة الآحادية من اعادة توازن القوة فى الكون.

نيجيريا من أوباسانجو الى يار أدوا

اصبحت تعليقات الاديب النيجيري الشهير وول شوينكا على مجريات الواقع السياسى فى بلاده كثيرة فى الآونة الاخيرة وجاذبة لوسائل الاعلام، ونقلت عنه البي بي سي عشية تنصيب أومارو يار أدوا رئيساً جديداً لنيجيريا خلفا للرئيس أولوسيجون أوباسانجو القول إن يار أدوا ''كتلة غير معروفة'' يتولى السلطة في ''وقت محفوف بالأخطار''.
ورؤية شوينكا ليست تحليقاً فى الخيال بأجنحة روائي ومسرحي وشاعر حاصل على جائزة نوبل للآداب، ولكنها الى التشريحية الواقعية أقرب، فرغم ان الشعب النيجيري منح سانحة للحبور الوطني والاعتزاز حيث يعد
تنصيب يار أدوا فى حد ذاته حدثا تاريخيا هاماً فهي أول مرة في نيجيريا يسلم فيها رئيس منتخب السلطة لآخر منتخب أيضا، ولكن قتامة المشهد الراهن افسدت عليهم تلك الفرصة التاريخية، فجاء الاحتفال بهذه المناسبة النادرة باهتاً، وخيمت عليه ظلال نتائج الانتخابات التى رافقتها اتهامات واسعة بالتزوير، وشكوك من فشل يار أدوا ''الكتلة غير المعروفة'' كما وصفه شوينكا فى قيادة بلد مثقل بالازمات كنيجيريا.
الرئيس المغادر أولوسيجون أوباسانجو الذي يعتقد على نطاق كبيرفى نيجيريا بان يصبح الرئيس الفعلي للبلاد، لضعف يار أدوا الذي اختاره اوباسانجو ودعمه خلال الترشح وتعهد بدعمه بعد فوزه فى الانتخابات الاخيرة، قال أوباسانجو إن نيجيريا باتت تتمتع باستقرار واتحاد وديمقراطية أكثر.
الواقع السياسي النيجيري لمن يراه بمعزل عن الصورة السوداوية التى رسمها شوينكا وتلك الوردية التى عبر عنها اوباسانجو، يري حراكاً ومخاضاً يبشر بتحول دايمقراطي تدريجي لا يمثل يار أدوا سوي الجسر المفضي الى ذلك التحول، وملامح ذلك الحراك تتمثل فى ترجيح خيار اللواذ الى سوح المحاكم لحسم التشكيك فى نتائج الانتخابات واعتماد التظاهرات -على خشونتها احيانا- كمنهج للمعارضة السياسية. وهو اسلوب نحتاجه بشدة فى اكثر من بلد افريقي، تتطابق ظروفه السياسية مع نيجيريا حيث تتعدد الاثنيات الحاملة لشرارة الاحتكاك فى محيط اقتصادي هش وتعداد سكاني كبير وتفش للفساد والمحسوبية على نحو يصعب معه توظيف عائدات النفط لصالح التنمية والرخاء الاجتماعي المنشود.

حول جولة بليرالافريقية الاخيرة

زيارة الوداع التى يقوم بها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى افريقيا هذا الاسبوع قبل اعلان استقالته فى نهاية يونيو القادم، لا يتوقع فيها بلير مشقة وعنتاً اللهم الا عنت السفر الى مجاهل افريقيا، فبلير الذى افسد الموضوع العراقي ختام مسيرته السياسية، وعجل برحيله مجللا بعار (تابع بوش) فى متاهة العراق، ينظر اليه فى افريقيا، بعين غير التي يرى بها فى الشرق الاوسط واوربا، فهنا فى القارة المنسية التى تكابد مخاطر الجوع والايدز وتتعافي ببطيء من جراحات الصراعات الداخلية وتعاني غياب الحكم الرشيد ، هنا يتموضع بلير فى الصف الاول من المتعاطفين مع القارة ولو باضعف الايمان، من خلال التعبير عن نوايا وخطط طموحه لردم الهوة بين القارة الافريقية العالم الاول بالقضاء على الفقر من خلال الغاء ديون القارة وتشجيع التنمية المستدامة مع ضرورة الحكم الرشيد.
و بلير هو من اقر بان العالم أجمع مسؤول عن سبل انتشال إفريقيا من الفقر،ويصف بول وليامز مؤلف (السياسة الاجنبية في ظل حزب العمال الجديد من 1997 حتى 2005) اداء بلير بالنسبة لافريقيا بـ''المتفاوت''، وهو ربما الوحيد الذي استخدم عبارات قاسية فى وصف اداء بلير بالمتفاوت ولم يستطع القول بانه ضعيف، ليس لان بلير كان ناشطا فى افريقيا ويوليها الاهتمام الذي تستحق ولكن بالنظر الى الاهتمام الدولي بقضايا مثل محاربة الفقر فى افريقيا نجد ان بلير هو الافضل ، ويكفي انه سعي بجد الى إنزال أفريقيا منزلة أولوية فى قمة الثمانية الكبار، وشكل لجنة إفريقيا بهدف مساعدة الدول الإفريقية في مكافحة الفقر عن طريق الشراكة مع الدول المتقدمة، فضلا عن تخصص( 50%) من موازنة وزارة التنمية الدولية لدول افريقيا جنوب الصحراء.
ويمكن ايجاز رؤية بلير حول افريقيا فى إقامة شراكة جديدة بين الغرب وافريقيا وتسوية الصراعات التى تمنع افقر قارات العالم من النمو، وهناك من يرى فى دافع بلير تلك محاولات للتقليل من عبء الاخطاء التاريخية والاخلاقية التى تتحملها بلاده كمستعمر سابق لمعظم بلدان القارة .

لقاء بغداد وغموض الاجندة!

لم يجد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عبارة دبلوماسية مغلفة واحدة يمكنها اعانته في ورطته امس امام المفاوضات الايرانية الامريكية حول العراق ببغداد، غير ان يقول بصراحة للمفاوضين الايرانيين والامريكيين ،ان بلاده تريد ان يكون الموضوع العراقي هو الوحيد في هذه المفاوضات، ولكن الواقع ان هناك ثمة فجوة كبيرة بين مايريد المالكي وما تريد امريكا وايران من هذه المفاوضات التى تجري فى مقر إقامة رئيس الوزراء العراقي ببغداد بين السفير الأميركي في العراق ريان كروكر ونظيره الإيراني حسن كاظمي وهي المفاوضات الاولي على هذا المستوى بين البلدين منذ قيام الثورة الإسلامية فى ايران العام .1979
المالكي حاول تذكير الطرفين الايراني والامريكي بانهما فى بغداد وتحت عنوان بحث المسألة العراقية، حتي لا يذهبان بعيدا فى متاهات خلافاتهما الثنائية ، وتكمن اهمية المباحثات الثنائية حول العراق ، لكون طهران وواشنطون تمسكان بأهم اوراق اللعبة العراقية ، وهذه المفاوضات تندرج فى هذا الاطار وهي مفاوضات بين ايران وامريكا واجندتها الملف النووي الايراني وحماية مصالح بعضهما البعض فى العراق، ورغم أماني المالكي والتصريحات التى يلهي بها الاطراف الاعلام فان اجندة اللقاء تظل ايرانية امريكية لا تتقاطع مع العراق الا فى المصالح المشتركة والحاجة الى مساعدة كل للآخر لديمومة مصالحه فى العراق.
والاجواء المشحونة التى انعقد فيها اللقاء لا تبعث على التفاؤل فى الخروج بنتائج ايجابية لا على صعيد خفض وتيرة العنف فى العراق ولا حول الاجندة الحقيقية للقاء فى التقارب بين النقيضين فى المنطقة ، فاتهامات بين الطرفين تصاعدت عشية اللقاء،حيث كتبت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية أن إيران اتهمت الولايات المتحدة بإدارة شبكات تجسس هدفها القيام بعمليات تخريب داخل حدودها.
فضلا عن الشكوك حول فحوى اجندة اللقاء وامكانية نجاحه ، تفتح تصريحات الناطق بلسان الحكومة العراقية على الدباغ التى قال فيها ان ''هناك نقاط اتفاق مهمة بين الطرفين والحكومة العراقية تحاول تطويرها''، الباب امام سؤال هل اللقاء فعلا يجري فى اطار وساطة من الحكومة العراقية لرأب الصدع بين ايران وامريكا؟

Monday, June 04, 2007

فى مقام سيرة الغنم:

فى مقام سيرة الغنم: محمود الدنعو من أشهر حكايات الاغنام قاطبة والأكثر تصفحا على شبكة الانترنت ، تلك التي روتها الـ (بي بي سي) أخيرا عن الغنماية (روس) من جنوب السودان وشيّت لحكايتها (زريبة ناصية) على موقعها المقروء، تعود القصة إلى خبر (وفاة) الغنماية روس (زوجة) تومبي..ما لحواجبكم ارتفعت لأعلى؟نعم زوجة تومبي، وهو الرجل الذي ضبط متلبسا يمارس (الجنس) مع الغنماية روس، فما كان من مالك الغنامية الا التوجه بالشكوى الى السلطان. فحسب تقاليد المنطقة، فان كل من ضبط مع انثي يمارس ذلك الفعل خارج مؤسسة الزواج، يُحكم عليه السلطان بالزواج منها، حتى وإن كانت الغنماية روس..!لم يشفع لـ (تومبي المسكين) دفاعه المستميت بأنه كان مخمورا حين فعل فعلته العجيبة تلك، ولم يقدم مبرراً مقنعاً كأن يزعم بأن الغنماية أغرته بسيقانها الملفوفة، أو هي التي إغتصبته عنوة، لذا وقع عليه السلطان عقوبة الزواج من الغنماية ودفع مهر لمالكها بلغ 100 الف من جنيه السودان الجديد..!بعد اشهر من الزواج بما فيها (شهر العسل)، (ماتت) العروس الغنماية بعد أن تلبكت معدتها بكيس بلاستيك ـ يبدو أنه كان متآمراً مع زوجها ـ أثناء تجوالها خارج عش الزوجية، ليترمل السيد تومبي غير آسف على غنمايته، وكأن لسان حاله يحكي المزحة الشعبية:
(النسوان البموتن ديل بتلقوهن وين؟!).(إعلان وظائف)الأغنام في شرق صربيا تشكو غياب الرعاة الذين يعتنون بأمرها ويتولون اطعامها و(حلاقة) صوفها وحمايتها من الذئاب، فمع هجرة الشبان الى المدن صار لزاما على المزارعين الاعلان عن طلب رعاة، عارضين مرتبات مجزية (250) يورو ـ 700 الف جنيه ـ شهريا اضافة الى الطعام والاقامة وملابس العمل، ولا يزالون في انتظار من (يأنس فى نفسه الكفاءة) لشغل هذه الوطائف، وهذا منا بمثابة اعلان للراغبين من خريجي الجامعات (من عندينا) ليسرحوا بغنم صربيا بدلا من (غنم ابليس)، وتذكروا ان مهنة رعاة الاغنام فى صربيا ليست هي مهنة من لا غنم له، فلابد من توفر مواصفات معينة فى الراعي، اهمها ان لايعامل الاغنام بوحشية وان لا يضربها كما يُضرب تلاميذ المدارس عندنا.بقيت نصيحة صغيرة للمتقدمين: إيّاكم ان تغريكم الحسان من غنم صربيا..!(حناكيش الغنم)الاغنام كالبشر، طبقات وأنواع، فهناك (القرج) وهى من طبقات اجتماعية فقيرة ومن عائلات وسلالات مغمورة، ومنها غنم (القشلاق) التى تستمتع الاحتكاك بالحيطان، لان جلودها تعاني القشرة لأنعدام (الشامبو)، اما (حناكيش) الاغنام فيمكن التعرف عليها من هذه الحكاية التى تقول:(إن مجموعة من حناكيش الأغنام تعيش حياة رفاهية وترف في الإمارات العربية، حيث تقوم مربية عاشقة للحيوانات تدعى (أم سالم) بتقديم وجبة يومية من قطع من البسكويت بعد تناولها الوجبات الرئيسية، وتنتظرها الأغنام بفارغ الصبر. وأكدت أم سالم أنها تعامل الأغنام كأبنائها تماماً، تقبل عليها بالرعاية والاهتمام والنظافة وتقوم بالإشراف الكامل عليها، ومتابعة كافة احتياجاتها، وتغذيتها تغذية حديثة بـ (الفشار والبسكويت وبقايا المأكولات النشوية الطازجة والحلوى)، وتقديم العلاج والفحص بشكل دوري حال شعور أغنامها بالإعياء والتعب. وأشارت إلى إدراكها بتعلق أغنامها بتناول وجبة البسكويت إلا إنها لا تكثر منها خوفا عليها من الإصابة بمرض السكري، كما نصحها الطبيب البيطري، موضحة أن البسكويت بمثابة مكافأة على سلوكها الجيد وأكلها الصحي السليم.و..يا أغنام السودان إتحدوا..!

روبرت زوليك فى البنك الدولي !

على عكس بول ولفووتز وجد إختيار الرئيس الأمريكي لمساعد وزيرة الخارجية السابق، روبرت زوليك، لمنصب الرئيس الجديد للبنك الدولي، ارتياحا عاما فى الأوساط الاقتصادية والتجارية الدولية نظرا لخبرته في المجال وسمعته الطيبة.
يغادر بول ولفووتز نهاية هذا الشهر البنك الدولي ملطخا بفضائح فساد ومحسوبية فى مؤسسة هدفها الرئيس محاربة الفساد وتشجيع البلدان النامية الاخذ بسبل الاقتصاد المتعافي من امراض الفساد والمترافق مع حكم رشيد لا مجال فيه للمحسوبية والمحاباة.
ويدخل البنك الدولي بعد مصادقة اعضاء مجلس ادارته المشكل من( 185) دولة على ترشيح بوش له، وهو امر متوقع للاجماع والقبول الذي يحظي به عكس سلفه، حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في الادارة الأمريكية قوله إن خبرة زوليك وعمله لفترة طويلة في مجال التجارة الدولية والتمويل والدبلوماسية يؤهله للتحدي (الذي يفرضه المنصب).
ويبقي الامتحان امام زوليك فى تبييض وجه هذه المؤسسة، والتأكيد على ان الاصرار الامريكي بتولي رئاستها لاحد مواطنيها، على حق، والرجل يمتلك الخبرة فى مجال التجارة حيث تولي منصب الممثل التجاري الأمريكي ويحتل حاليا منصبا قياديا في بنك جولدمان ساكس، وهو احد البنوك الكبرى، فضلا عن معرفته ببعض الازمات التى تعصف بالقارة الافريقية وتتسبب فى الفقر وتعطيل عجلة التنمية وهى المجالات التى يستهدفها البنك الدولي.
العلاقة بين البنك الدولي والسودان رغم القطيعة الطويلة منذ مطلع التسعينات، فى ظل رئاسة زوليك ? المحتملة- للبنك يتوقع ان تشهد تطورات ايجابية لا سيما والرجل احد شهود اتفاق ابوجا للسلام بدارفور، ورعاية هذا الاتفاق تحتم على المجتمع الدولي المساهمة فى احداث تنمية وترقية لانسان الاقليم ، مما يوفر الاسباب الموضوعية لتماسك الاتفاق وديمومة الاستقرار بالمنطقة ، كما ان انخراط البنك الدولي فى صندوق المانحين لاعادة اعمار ما خربته الحرب بجنوب السودان سيشهد دفعا مقدرا فى ظل رئاسة زوليك الذى اكتسب دراية واسعة بمشاكل السودان وظروفه ابان توليه منصب مساعد وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في الفترة ما بين فبراير 2005 ويونيو.2006