Monday, October 02, 2006

المارقـــون


يقدم المخرج السورى الكبير نجدة اسماعيل انزور الآن مسلسلا بعنوان (المارقون) كدليل آخر وبناء متصل على مشروع انزور (المارق) عن مكرور الدراما التلفزيونية العربية ونمطيتها، وفى المارقون يناقش انزور موضوع شغل الدنيا والناس فى الالفية الجديدة، وهو الارهاب، الذى صار محددا لخارطة العلاقات الدولية وخارطة بعض البلدان السيادية، وشنت باسم استئصاله حرب كونية لا احد يعلم متى تنتهى ، وضحاياها ليسوا الارهابين المفترضين الذين شنت من اجلهم الحرب وحسب بل سقط آلاف الضحايا الابرياء وانتهكت الحريات واخذ الناس بالشبهات الى غياهب المعتقلات السيئة السمعة كغوانتنامو واخوانه، بما ان ظاهرة الارهاب ليست وليدة لحظة انهيار برجى التجارة فى 11 سبتمبر المشؤوم، بل تعود الى ازمان سحيقة ولكنها ارتبطت منذ ذلك الحين جورا وبهتانا بالاسلام والمسلمين، الذين صاروا مشتبهون اومشاريع ارهابيين محتملين وضيق عليهم الخناق فى كل البلدان الغربية التى فروا اليها من بلدانهم الاصلية لضيق ذات اليد او جور السلطان الى سعة الحرية وجنان الديمقراطية وتبجيل حقوق الانسان.
عودا الى (المارقون) ورائعة نجدت انزور الذى عود المشاهد العربى على فرجة بصرية جيدة السبك الفنى، وشاخصة الى علل اجتماعية وقومية وكونية حاضرة، حتى من خلال الفنتازيا التى اتخذها انزور مطيته للمشاهد يناقش الواقع بمتعة بصرية ورؤى فكرية ناصعة. والمارقون لمن لم يشاهده ولايزال فى الشهر بقية وفى الحلقات متعة هو معكوس الفنتازيات السابقة لانزور الذى كان يسقط مرارات الواقع عبر اخيلة الفنتازيا ولكنه هذه المرة، يلتقط احداث طازجة لينسج منها وحولها رؤى وافكاراً واخيلة تحاول سبر غور ظاهرة الارهاب وتضىء جانباً مهماً يتعلق بالضحايا غير الناشطين اصلا فى خلايا ارهابية، ويجعل من ابناء المسلمين فى الغرب اكثر اعتزازا وفهما للدين الاسلامى (ياسمين نموذجا) حتى وان لم يكونوا ملتزمين ظاهريا،والمسلسل الذى لا نقدم هنا قراءة نقدية له لسببين الاول لسنا بنقاد محترفين والثانى لاتزال حلقاته قيد الفرجة من قبل المشاهد ، يعكس جانبا من سوء الفهم لدى الآخر مما انعكس فى ردات فعل غاضبة وحاقدة وتحميل قدر كبير من التمييز على اساس دينى وعرقى ضد العرب والمسلمين.