Monday, July 31, 2006

مجزرة قانا الثانية !

ندد العالم بمجزرة قانا الاولى فى ابريل من العام 1996، والتى خلفت اكثر من مئة شهيد اغلبهم من الاطفال والنساء كانو قد لاذوا مقر القوات الدولية لحمايتهم من القصف الاسرائيلى ، وبعد عشر سنوات تعيد اسرائيل المشاهد ذاتها وبدم ابرد من الثلج غير هيابة من المجتمع الدولى بعد موات ضميرها الانسانى الذى لا يعرف للدم العربى حرمه او قيمة ، المجزرة التى جرت امس وراح ضحيتها اكثر من خمسين شهيدا نصفهم من الاطفال، لا تبدو مغايرة لسياق الافعال الوحشية التى ترتكبها الدولة العبرية ، ولكنها تضع العالم مجددا امام مسؤولياته الانسانية لان هذه المجزرة لو ارتكبت فى مكان غير المكان لقامة قيامة المجتمع الدولى واوقع بالفاعل اقصى العقوبات لكنها اسرائيل المتحللة من الاعراف والقوانيين والاخلاق الدولية كافة.
مجزرة قانا شكلت لحظة فارقة فى مسار الحرب الراهنة وستكون منعطف يغيير تكتيكات المعركة ويؤجل نهايتها على الطريقة التى كانت اسرائيل تأمل بعد قصف قانا ابان تواجد وزيرة خارجية الولايات المتحدة الامريكية ، ولكن ردات الفعل الغاضبة من بيروت وقرار الحكومة اللبنانية بالغاء زيارة رايس لبيروت فى الوقت الراهن ،لان الوقت الآن - حسب رئيس الوزراء السنيورة - لم يعد للحديث عن محادثات حول المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، وإنما لوقف فوري لإطلاق النار!
والافضل لرايس ان تظل فى تل ابيب حتى لا تسمع فى بيروت ما لا تستطيع معه صبرا، لان هذه المجزرة البشعة يصفها الشعب اللبنانى بانها من صنع امريكا سواء الاسلحة الذكية /الغبية او الغطاء الذى توفرة لاسرائيل لإرتكاب مثل تلك المجازر ، والتطقت قناة الجزيرة عبارة من لسان احد المسعفيين فى قانا عندما نادى على الصحافيين ان هلموا لمشاهدة ماذا فعلت الحضارة الامريكية بنا ولم يقل الاسرائيلية !
اسرائيل ارتكبت اخطاء فادحة بهذه العملية ليست الاخطاء التى نتحدث عنها تتعلق بجانب الانسانى وعدد الضحايا والطريقة البشعة التى اجهزت بها اسرائيل على ارواح الابرياء الذين حالت بينهم والمسعفين بقصف الطرق المؤدية الى الموقع ولكن اخطاء عسكرية وسياسية ارتكبتها اسرائيل الموتورة والمرتبكة جدا بفعل صمود المقاومة ، واكبر الاخطأ انها فشلت حتى الآن فى اصابة هدف لحزب الله وهذا التبرير السخيف لا يقنع حتى مدبجه ،فالضحايا جميعهم من المدنيين بل من الاطفال والنساء ليس بينهم مقاتل وليس معهم كاتيوشا ، وخسرت بتلك العملية العرض الذى قدمه حزب الله عن طريق رئيس المجلس النيابى نبيه برى الذى اعلن عن تغيير العرض بعد قانا كما ان السيدة رايس اضطرت للحديث عن ان الوقت قد حان لوقف اطلاق النار وكأنما السيدة رايس كانت تنتظر طوال الاسبوعين الماضين مجزرة ببشاعة قانا لتشفى غليلها قبل وقف اطلاق النار!

Saturday, July 29, 2006

مستقبل الشرق الاوسط

تصريحان خطيران المتأمل لابعادهما يدرك الى أية هاوية ستنزلق منطقة الشرق الاوسط فى المستقبل القريب،الاول خطاب الامين العام لحزب الله ليل الثلاثاء الذى شرح فيه الحالة السياسية وكشف فيه دوافع الحرب الراهنة على لبنان وكيف ان امريكا واسرائيل كانتا تعد لها سلفا ، الامر الآخر هو التحليل الذى نشرته وكالة نوفوستي الروسية امس الذى اعده الباحثان في معهد الاستراتيجية القومية ستانيسلاف بيلكوفسكي ورومان كاريف، وتوقع الباحثان خلال التحليل إندلاع الحرب الامريكية فى غضون بضعة أشهر،واضافا ان واشنطون اختارت أن تخلي لبنان من القوى ذات الاتجاهات الإيرانية وعلى رأسها حزب الله في هذا الوقت بالذات وتضرب في الوقت نفسه الحصار على سوريا، وكلفت واشنطن بالطبع إسرائيل بتنفيذ هذه العملية.
الحديث عن خوض اسرائيل حربها الراهنة مع لبنان بالوكالة عن امريكا لم يعد جديدا ولا مستبعدا فالقرائن على الارض تؤكد ذلك وابرزها جولة وزيرة الخارجية الامريكية رايس فى المنطقة وما رافقها من تصريحات واملاءات تظهر واشنطون وكأنها المحرك للعملية بأسرها، فهى فى بيروت ضغطت القوى اللبنانية لتصفية حزب الله وفى تل ابيب اعطت ضوءاً اخضر للإستمرارفى الحرب وطالبت بنتائج عاجلة من القوى العسكرية الاسرائيلية التى فشلت حتى الآن على الميدان فى تحقيق اهدافها المعلنة وهى كسر شوكة حزب الله ودرء خطر سقوط صواريخ الكاتيوشا من جنوب لبنان على العمق الاسرائيلى، كما انها وعلى مدى اسبوعين لم تلحق ضربة موجعة بحزب الله فلا يزال نصر الله يثير غيظ الاسرائيليين بابتسامته الواثقة ولهجته الهادئة المشحونة بالتحدى دون الحاجة الى الهتافات والعنتريات.
نجحت المقاومة اللبنانية بصمودها الاسطورى فى اطالة أمد المواجهة، لتتكشف الحقائق حول دوافع الحرب ولإستنزاف العدو ماديا ومعنويا ، ومع كل يوم يمر تخسر اسرائيل، سياسيا وميدانيا ، فمؤتمر روما الذى دعت له امريكا فشل بسبب تأخر الجيش الاسرائيلى فى احداث تحولات على الارض تنعكس على نتائج المؤتمر، ومأزق الوقت جعل الاعلام الاسرائيلى يتحدث عن الانتقال من مرحلة السعى للنصر الى مرحلة تفادى الهزيمة ومما يؤشرالى الارتباك الاسرائيلى ما قاله رئيس الوزراء اولمرت امس ان اسرائيل تريد انهاء الحرب بمجرد أن يكون بمقدورها ذلك.

Wednesday, July 26, 2006

رايس وصلت!

بوصول وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس الى المنطقة، تبدأ المرحلة الثانية من الحرب الاسرائيلية المفتوحة على المنطقة بأسرها، فالسياسة الامريكية تجاه المنطقة والتى تتماشى مع مصالح اسرائيل تقوم على سياسة الارض المحروقة، وفى تبادل محسوب للادوار، قامت اسرائيل اولا بحرق الارض، ومهدت لرايس طبقا للسيناريو الامريكى الاسرائيلى، كى تملىء شروطاً وليس حلول دبلوماسية على المنطقة. وحتى تفصح رايس عن نتائج جولتها حيث وصلت بيروت ظهرامس،والتقت رئيس الوزراء السنيورة ورئيس المجلس النيابى نبيه برى دون أن تدلي بأي تصريحات للصحافيين ،ولعل فى صمت رايس كلام وكلام ولكننا بصدد محاولة لقراءة الاجواء التى تحيط بهذه الزيارة وترجح فشلها فى وضع حد للحرب الاسرائيلية على لبنان، وكانت رايس قد استبقت زيارتها باعلان ما اسمته الشرق الاوسط الجديد وهو نسخة غير منقحة من الشرق الاوسط الكبير الذى روجت له ادارة بوش فى المنطقة ،كما انها مهدت الى الزيارة بارسال اشارات لاسرائيل تشجعها على الاستمرار فى قتل اللبنانيين،عندما تحدثت عن ان الوقت لم يعد مناسباً لوقف اطلاق النار، وهى لغة غريبة ومريبة فى الوقت نفسه فلم نسمع فى كل الحروب ان يقال ان الوقت غير مناسب لوقف اطلاق النار إلا ان كان من احد اطراف هذه الحرب فهل كانت رايس طرفا فى الحرب ، القرائن والادلة المبثوثة فى وسائل الاعلام تقول ان رايس وحكومتها طرفان فى الصراع بإعطائهما الضوء الاخضرلاسرائيل للمضى فى جرائمها بالمنطقة بحجة انها تدافع عن نفسها وتطبق قراراً امميا بنزع سلاح حزب الله، ومنذ متى تحترم اسرائيل او امريكا قرارات الشرعية الدولية لتلزم الآخرين بها. زيارة رايس ونتائج محادثاتها فى بيروت وتل ابيب ورام الله تصلح مؤشرات لمؤتمر روما الخاص بالوضع فى لبنان، وتثير من جديد المخاوف من رسم خريطة مستقبل المنطقة ومصير شعوبها بعيدا عنها وفى كواليس دولية تعبر بوضوح عن نواياها المتضاربة مع مصالح المنطقة، ولعل من دواعى الاحباط لدى الشارع العربى ان تأتى زيارة رايس فى وقت اعلن فيه عن إجهاض مشروع لعقد قمة عربية طارئة، ما كان لها لو عقدت ان تفعل اكثر من الشجب والادانة ولكن فى عدم انعقادها مؤشر خطير الى اننا فقدنا حتى اضعف الايمان .

حتى الأفارقة يتضامنون مع لبنان

منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية على لبنان في 12 يوليو وحتى ظهر امس الثلاثاء قتل اكثر من 370 مدنيا لبنانيا وشرد اكثر من نصف مليون، كما قتل 41 اسرائيليا من بينهم 17 مدنيا وهذه الارقام مرشحة للتعديل خلال كل ساعة تقريبا، ومنها يستطيع المرء تكوين صورة عن فداحة ما جرى ويجرى فى لبنان هذا فضلا عن الواقع السياسى الذى افرزته ولا تزال هذه الحرب والرامى الى اعادة تشكيل الخارطة السياسية للمنطقة بما يخدم مصالح امريكا واسرائيل ولسنا بحاجة الى شرح ماهية المصالح الامريكية والاسرائيلية فى المنطقة.
الارقام اعلاه بكل ما تشير اليه من خسائر انسانية وقراءة لتداعيات الحرب على المشهد السياسى فى المنطقة ، تجعل من التجاوب مع هذه الحرب واجباً انسانياً وسياسياً وقومياً ودينياً لا يحتمل المساومات والخلافات الصغيرة التى تحول دون التعبير عن المواقف التضامنية والمشاعر الانسانية،ولعل ابرز الهزائم التى منيت بها اسرائيل فى هذه الحرب هو الفشل فى ضرب جدار الوحدة اللبنانية برغم من حالة التشظى الملتهبة التى كانت تسود الحياة السياسية فى لبنان قبيل الحرب الاسرائيلية الراهنة، وكانت تلك الحالة واحدة من الثغرات التى اغرت اسرائيل بالمغامرة واضعة فى حساباتها تفتيت الجبهة الداخلية مع أول ضربة للمدنيين الذين كان استهدافهم جزءاً من هذا المخطط ولكن المصائب جمعت وعززت وحدة المصابين.
ولكن ما يؤسف له أن الانقسام الذى كانت اسرئيل تسعى له فى الشارع اللبنانى وتتوقع ان يفضى الى نبذ حزب الله وتضييق الخناق عليه ، حصل هذا الانقسام فى النظام العربى الرسمى وامتدت الى الاعلام التابع لذلك النظام ، وقراؤنا مع الاسف من يستكثر على الشعوب العربية ان تعبر عن مشاعرها الانسانية تجاه المأساة التى تكشف الارقام اعلاه بشاعتها ، ونسى هؤلاء أن الكثير من دعاة الحرية واحترام حقوق الانسان فى العالم تضامنوا مع مأساة الشعب اللبنانى حتى الاسرائيليين الناشطين فى مجال السلام تظاهروا فى قلب تل ابيب ضد قرار حكومتهم بالحرب على لبنان، فلماذا يستكثرون علينا التضامن مع اخوتنا فى لبنان ونحن الذين تضامنا مع ثورات النضال ضد الظلم والطغيان على مدارالتاريخ فى افريقيا وامريكا اللاتينية..؟ وامس قرأت باسبوعية (ايسن افريكان ) الكينية لكاتبة الرأى فيها موثوني مقالاً يدعو كينيا وبلدان شرق افريقيا الى الوقوف مع لبنان ضد اسمتها الحرب غير المشروعة والمبررة على المدنيين ،فهل مثل هذه الكاتبة وسواها العشرات حول العالم يحملون الدم العربى ويعتنقون مبادىء القومية العربية ام هى المشاعرالانسانية التى لا تعرف الحواجزوالعقد النفسية؟ !

Monday, July 24, 2006

قراءة مع أوري أوفنيري

تصبح قراءة الصحافة الاسرائيلية هذه الايام من شاكلة الواجب الثقيل على القلب ، فثمة اصوات غير عقلانية تدق طبول الحرب على العرب واقلام كالافاعى تبث سموم الحقد والكراهية ، ولكن من بين هذا الركام هناك اقلام لا يمكن الا احترامها رغم الاختلاف معها ، ومنها الكاتب والناشط فى مجال السلام عضو الكنيست السابق، أوري افنيري زعيم (قوش شالوم ) او كتلة السلام ، وما انفك الاستاذ احمد حسن محمد صالح يتحف قراء هذه الصحيفة بترجمه مقالاته الى العربية وهو الذى نبهنى الى حيادية هذا الكاتب وعقلانيته.
كتب أوري افنيري على موقع (ميديا مونتور) بالانترنت مقالة بعنوان: (هل تحترق بيروت) وجه فيه انتقادات حادة لحكومة اولمرت التى يديرها الجنرالات ويتحكمون بقرارالحرب وأن احداً من وزراء حكومته لم يجرأ بالسؤال عن موعد بداية ونهاية الحرب، وتساءل أورى افنيرى عن ما هو حصاد سياسة القتل التى تنتهجها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة فعندما قتلت موسوى ظهرنصر الله وعندما قتلت الشيخ ياسين خلفه مجموعة من القادة الراديكاليين واغتيال عرفات جاء بحكومة حماس !
ويخلص أورى افنيرى فى مقالته الى ان نهاية الحرب الراهنة لن تكون فى مصلحة اسرائيل ولا لبنان ولا حتى فلسطين وان الشرق الاوسط الجديد الذى سيولد من رحم هذه المواجهة سوف يصبح اسوأ مكان فى الارض للمرء ان يعيش فيه.
ومع دخول الحرب الراهنة في أسبوعها الثانى تصاعد الجدل بشأن اسباب ومواقيت اندلاعها وفى هذا الشأن كشفت صحيفة (سان فرانسيسكو كرونيكل) الاميركية ان الحرب تم الإعداد لها منذ أكثر من عام. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار ايلان الاسرائيلية جيرالد ستاينبرغ، انه (من بين كل حروب إسرائيل منذ عام ,1948 فإن هذه الحرب هي التي استعدت لها إسرائيل أكبر استعداد)!
ولعل هذا ما يستشف من كلام أورى افنيرى حول شخصية حسن نصر الله الذى قال انه لايمكن ان يكون دمية بين يدي إيران وسوريا. إنه يترأس حركة لبنانية فاعلة، ويحسب حساب الربح والخسارة. لو كان قد طلب منه أن ينفذ العملية من قبل إيران أو سوريا - ولا يوجد أي إثبات لذلك - لما كان سيستجيب لهما، لو اعتقد للحظة بأن هذه العملية لا تتماشى مع أهداف حركته.

Sunday, July 23, 2006

شرق أوسط جديد

ما نراه هنا هو آلام مخاض لولادة شرق اوسط جديد، ومهما فعلنا، فيجب ان نضمن اننا ندفع باتجاه شرق اوسط جديد وليس باتجاه الشرق الاوسط القديم". هذه الكلمات التى قالتها وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس وتناقلتها وسائل الاعلام العالمية، لا تشىء بان السيدة رايس سقطت عليها التفاحة فطفقت تصرخ وجدتها وجدتها ، الفصراع الدائر الآن فى الشرق الاوسط حتما سيفضى الى شرق اوسط جديد، ولكن السؤال الاهم اى شرق اوسط سيولد من رحم هذه الحرب؟ أهو الشرق الاوسط الذى تشتهى رايس تبلوره من رماد وحطام لبنان، شرق اوسط خاضع كليا للمشيئة الامريكية عبر بوليسها الاقليمى اسرائيل ، أم شرق أوسط للعرب فيه كامل السيادة والكرامة وحق الحياة النبيلة.
الحرب الراهنة فى لبنان اختلطت فيها الاوراق وتباينت الاهداف، فمن جهة ترى فيها امريكا والغرب ومع الاسف بعض البلدان العربية، انها حرب يخوضها حزب الله بالوكالة عن ايران وبدعم من سوريا لتصفية حسابات خاصة مع امريكا ، ومن جهة اخرى يرى بعض الاسرائيليين ان حكومة اولمرت زجت بهم فى حرب بالوكالة عن امريكا فى مواجهة ايران وسوريا ، والداخل اللبنانى كما الخراج العربى منقسم حول دوافع ومشروعية خوض حزب الله للحرب مع اسرائيل فى هذا التوقيت بالذات بينما الواقع يقول ان حزب الله فرضت عليه الحرب وكان لابد ان يكمل المشوار حتى النصر او الهزيمة واللتان تنعكس آثارهما خيراً او شراً على المنطقة بأسرها كما أشار الامين العام لحزب الله حسن نصر فى آخر احاديثه التلفزيونية مع قناة الحزيرة ، ومآلات هذه الحرب المفتوحة هى التى تبلور الشرق الاوسط الجديد الذى تحدثت عنه رايس .
ربما تفصح رايس فى جولتها للمنطقة قليلا عن الشرق الاوسط الجديد الذى تنتظر ميلاده ولكن ليس بالامانى وحدها، فالحرب الراهنة تبدو اكثر تعقيدا من حرب افغانستان والعراق للتقاطعات الاقليمية التى ذكرناها والتى لايمكن تجاهلها مطلقاً فى التحليل لهذه الحرب ولكننا لسنا بصدد تبريرها او عدم تبريرها انطلاقا من التقاطعات الاقليمية، فالدفاع عن ارض لبنان وانسان لبنان فرض عين على جميع سكان وحكام المنطقة لدفع الضرر اولاً وكبح جماح التغولات الاسرائيلية والنزعات العدوانية ثانيا ، وتفشيل المشاريع الدولية الرامية الى استثمار الموقف لولادة شرق اوسط جديد ينسجم مع مصالحها واهدافها ولا يمت بصلة للشرق الاوسط الراهن او القديم على حد وصف رايس.

Saturday, July 22, 2006

التحرك الإنسانى أولاً!

بعد ما يقارب الاسبوع من القصف والدمار الاسرائيلى على لبنان، بدأ المجتمع الدولى التحرك دبلوماسيا وبحلول سياسية تعبر عن مطالب اسرائيلية واضحة تتمثل فى اطلاق سراح الاسري اولا وتفكيك حزب الله ثانيا، ولكن المحير فى الامر لا الامم المتحدة ولا الاتحاد الاوروبى سارع الى الاستجابة للحاجة الانسانية الملحة فى لبنان الآن، فالحرب الاسرئيلية الشاملة على لبنان قامت على اهداف تدميرية للبنى التحتية وقطع اوصال المدن والبلدات عن بعضها وافرزت على الواقع خلال الايام القليلة الماضية واقعا مأساويا، كان الاجدر ان يجد الاستجابة الفورية من المجتمع الدولى، وفى كل الصراعات التى شهدناها فى العالم على الاقل فى العقود القليلة الماضية تهرع الاطقم الانسانية ووكالات الاغاثة اولا ثم لاحقا تأتى المساعى السياسية والدبلوماسية لانهاء الازمة ولكن مع لبنان الامر يختلف فالحل السياسى اهم من اغاثة المنكوبين الذين بعثوا باستغاثاتهم الى الجميع . ولعل التفسير الوحيد للعجلة فى التحرك السياسى يعود الى القلق الذى يبديه المجتع الدولى لمصير الجنديين الاسرائيليين اكثر من آلاف اللبنانيين الذين يعيشون تحت وابل من القصف الاسرئيلى وشح فى الغذاء والماء والدواء. الحل السياسى مطلوب وهذه المواجهة لن تنتهى الا بحل سياسى ولكن الحاجة الانسانية الآن هى الاكثر الحاحا، وكان يجب تضمينها فى المبادرات الدولية للحل السلمى كأن تتضمن التزاماً فورياً لاسرائيل بعدم التعرض للمواقع المدنية والخدمية فى حربها المفتوحة مع المقاومة، لاسيما والمقاومة التزمت نهجا اخلاقيا متقدما جدا بتحييدها لمواقع خطرة فى محيط حيفا من القصف الصاروخى الذى طال المدينة ، بينما فى المقابل لجأت اسرائيلى الى استرتيجية استهداف المدنيين بعد تحذيرهم عبر منشورات بإخلاء منازلهم ثم تقصفهم وهم فى الشوارع وفى ذلك تنكب لاعراف وادبيات الحروب فهى من جهة توهم الرأى العام العالمى بالتزامها الاخلاقى حين تعلن المدنيين بضرب المواقع بعيد ساعات وعليهم الخروج ثم تجهز عليهم وهم فى العراء .

فى انتظار رايس

يوم عاشر من القتل والدمار ولايزال السؤال الى اين تأخذنا آلة الموت الاسرائيلية ؟، والى متى يظل الصمت العربى؟ فبعد عشرة ايام على الحرب التدميرية على بلد عربى، اعلنت فقط عشر دول عربية موافقتها حضور قمة عربية طارئة لا يزال الخلاف محتدما حول ميقات انعقادها ناهيك عن اجندتها ، فلم يستطع العرب وهم اول المكتوين بالنيران الاسرائيلية من بلوغ نصاب انعقاد الجامعة 15 عضواً من جملة 22 كان المفترض ان يتداعوا جميعا ومنذ اليوم الاول للعدوان الى قمة المناصرة للبنان، وتوحيد موقفهم من التصعيد الاسرائيلى الخطير الرامى الى اعادة ترتيب المنطقة وفقا للاجندة الاسرائيلية والامريكية .
لم تعد لارقام الضحايا قيمة لتحريك الضمائر والعزائم فقد تجاوزت سقف الكارثة الى الابادة الجماعية والمنظمة التى تقودها اسرائيل ضد اللبنانين كافة من انصار حزب الله ومن اعداء حزب الله كذلك ، فمنذ اليوم الاول انكشفت ذرائع العدوان على لبنان والتى هى اكبر من خطف الجنديين او الثلاثة لو الامر يتعلق بخطف الجنديين فقط خطفوا نصف اعضاء حكومة حماس ومثلهم من البرلمان الفلسطينى المنتخب ولم تقم القيامة كما حدث عقب اختطاف الجنديين .
يحتار المرء فى تفسير هذا التلكؤ العربى فى انعقاد القمة الطارئة لمناصرة لبنان وهل الامر ذى صلة بزيارة وزيرة الخارجية الامريكية المرتقبة للمنطقة وهى التى قيل انها سبق ان اوعزت للقادة العرب بعدم انعقاد قمة من قممهم الكثيرة السابقة ، فالوزيرة الامريكية وحسب تقارير نشرتها صحيفة نيويورك تايمز تؤجل زيارتها الى حين تمكين اسرائيل من تدمير القوة
الدفاعية لحزب الله، ثم تهل علينا رايس كرسول للسلام بمقترحات تتضمن اقامة شريط عازل على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية وربما انشاء قوات دولية وذلك لمنع صواريخ حزب الله من الوصول لاسرائيل.
اذا كانت رايس تريد بتأجيل زيارتها للمنطقة منح اسرائيل مدة اسبوع لمواصلة ضرب لبنان فماذا يريد العرب بتأجيج خلافاتهم حتى على موعد وجدوى انعقاد قمة يعبرون خلالها (بالكلام فقط) عن تضامنهم مع لبنان واستنكارهم للتصعيد العسكرى الاسرائيلى والجرائم ضد الانسانية التى ترتكبها طائرات العدو فى لبنان .

Thursday, July 13, 2006

دعم باليمين واسترداد بالشمال

عشرات المؤتمرات للمانحين تنعقد وتنفض باسم اكثر من دولة بحاجة الى إعانة، احبار كثيرة تدبج بها اوراق وتقارير تحدد بشكل دقيق مصارف هذه المنح والهبات والمجالات الاكثر حاجة للدعم، ومع ذلك تستمر المعاناة على الارض تتناسل اعداد الجوعى والمرضى والمشردين بوتائر متسارعة ، وتظل المشاريع التى تهدف الى إطعامهم من جوع وتأمينهم من خوف حلما عصى المنال، بينما يرى هؤلاء البؤساء مئات السيارات الفارهة والموظفين الدوليين المرفهين يجوسون خلال المعسكرات والجيوب النائية يحصونهم عددا ويدونون كل صغيرة وكبيرة عنهم ويعدونهم بابدال الحال باحسن امنا واستقرارا ورفاهية، ولا تلبث ان تعيش تلك الوعود على الارض الواقع الا بمقدار انقشاع الغبار الذى تخلفه سياراتهم عندما توليهم إدبارها، وتركهم لهجير النسيان الانسانى لمعاناتهم.
الملايين التى يعد بها المانحون وتلك التى يتم الايفاء بها لم تستطع انهاء مشاهد المعاناة الانسانية من عوز ومرض وابتلاءات الطبيعة وبنى الانسان لإخوتهم العزل والفقراء ، مما يجعل سؤالا مثل أين ذهبت كل تلك الاموال؟ جديرا بأن يطرح ويبذل جهد كبير للاجابة عليه، ليس رأفة بهؤلاء التعساء واعادة توجيه مسارات الصرف وحسب وانما اعمالا واعلاء لقيمة الشفافية وان لايهدر هذا الدعم السخى فى غير حاجة المحتاجين اليه فعلا.
السؤال عن مصارف اموال الداعمين والمانحين الدوليين للمجموعات والبلدان التى تعانى نقصا فى الغذاء او الدواء او الامن تصدت له منظمة Action Aid International من خلال مراجعات دقيقة لملفات المنظمات والوكالات الانسانية التى يمر عبرها هذا الدعم للمستفيدين وانتهت الى نتيجة مذهلة وهى ان ربع الدعم الانسانى والتنموى الدولى يهدر فى ما يسمى بالدعم التقنى والاستشارات الفنية واشارت الى ان العاملين بهذه المنظمات يتلقون اعلى المرتبات قد تصل الى 1000 دولار فى اليوم.
الدراسة كشفت عن جانب آخر وهو عودة الدعم الى اصحابه بطرق غير مباشرة فمثلا خلال العامين 2005 و2006 سيطرت الشركات البريطانية على 80% من العقودات التى وقعتها وزارة التنمية الدولية لتوفير الدعم للمحتاجين حول العالم اى ان الدعم ارتد الى بريطانيا من خلال الشركات التى توفر الدعم الفنى والاستشارات ذات الكلفة العالية .

Wednesday, July 05, 2006

الموجة الثالثة فى افريقيا

فى ما يشبه خطبة الوداع امام القادة الافارقة اشاد الامين العام للامم المتحدة كوفى عنان بما اسماه (انبعاث الموجة الثالثة ) فى القارة بعد موجتى الاستقلال والنضال ضد الدكتاتوريات وسوء الحكم، وامتدح عنان التقدم الذي انجز في القارة في مجال التنمية والامن وحقوق الانسان، وكان عنان يتحدث فى افتتاح قمة الاتحاد الافريقى السبت فى العاصمة القامبية بانجول وهى آخر قمة يخاطبها كأمين عام للمنظمة الدولية حيث يغادر هذا المنصب فى ديسبمر المقبل ، واشادات عنان هذه لم تأت مجاملة من ابن القارة السمراء للقادة المجتمعين فى بانجول ولكنها انعكاس حقيقى لطبيعة التحولات السياسية والاقتصادية الكبيرة التى شهدتها القارة فى العقود الاخيرة ورغم ان جدول اعمال قمة بانجول يحتشد بعدد من القضايا المعقدة كدارفور والصومال والكوت دى فوار الا انها على تعقيداتها وخطورتها تصبح اقل بكثير مما كانت تعانى منه القارة فى الازمنة السابقة .
هذه الملفات المطروحة امام القمة وامام افريقيا عموما سواء الازمة فى الكنغو او الكوت دى فوار او الصومال او دارفور جميعها استطاع العمل الجماعى الافريقى ان يرسم لها خرائط طرق تفضى الى الحلول السلمية والمستدامة وتحتاج فقط الى متابعة تنفيذ ما جاء فى خرائط الطرق تلك وحث الرعاة والمانحين والمتعهدين الايفاء بتعهداتهم تجاه التنمية التى تشكل الترياق الواق من الصراعات الاقليمية والوطنية فى القارة .
حتى لا تأخذنا (الموجة الثالثة) بعيدا فى اودية التفاؤل وابتداع واقع وردى اللون لا يمت بصلة للقتامة الراهنة فاننا نسجل هنا بان ثمة معضلات لا تزال ممسكة بتلابيب الناهضين والمتفائلين بمستقبل مشرق للقارة واخطرها تفشى وباء الايدز القاتل الذى يهلك البشر وينهش الاقتصاد ويعرقل التقدم المعرفى والتقنى، ومثل الايدز تفتك الملاريا والسل بمقدرات القارة البشرية والاقتصادية ، وبالتالى الحاجة ملحة الآن فى احداث تحول فى بوصلة الاهتمام الرسمى من دول القارة من الاشتغال والانشغال بالهموم السياسية واطفاء بؤر الصراعات التى نجحت الى حد ما فيها الى التركيز على تحويل الواقع الاجتماعى والاقتصادى بتخلصيه من كوابح الفقر والجهل والمرض كى ينطلق فى (موجة ثالثة ) خالية من الحرب والجوع والمرض .