Wednesday, November 29, 2006

انقلاب داخل حزب كانو

المشهد السياسى فى كينيا مرشح الى المزيد من الغليان والصراع السياسى والقانونى بعد الانقلاب الخطير الذى جرى داخل واحد من اعرق الاحزاب السياسية فى افريقيا وهو حزب كانو الذى انشطر الى فصيلين الاول بزعامة أوهورو كينياتا والثانى بزعامة نيكولاس بيوت، الذى قاد الانقلاب على كينياتا يوم الجمعة الماضى عندما عقد مؤتمرا عاما للحزب فى ممبسا وقرر بالاجماع استبدال قيادة الحزب بقيادة جديدة بحجة ان اوهورو ومجموعته قد خرجوا عن الحزب بمجرد دخولهم فى تحالف حركة البرتقالة الديمقراطية (ODM-Kenya).
وهذا الانقلاب عنوان لتصدعات كبيرة فى جدار الحزب العتيق،الذى يسيطر عليه الرئيس السابق دانيال اراب موى وهو من دفع بزعيم شاب للحزب لخوض انتخابات 2002 وهو اوهورو كينياتا زعيم المعارضة البرلمانية الحالى وصاحب الصولات والجولات فى محاربة الفساد واثراء الحياة السياسية والتجربة الديمقراطية الكينية الفريدة فى افريقيا، نفس الزعيم موى يساند الآن الانقلاب ضد اوهورو الذى يحظى بتأييد واسع اراد ان يظهر ذلك من خلال مؤتمر للحزب دعى له فى )كاسارانى( وهدد فيه حكومة مواى كيباكى من مغبة تسجيل واعتماد التشكيلة القيادية للحزب بزعامة بيوت.
ونهار امس تم تسجيل القيادة الجديدة للحزب والتى ضمت عدداً من المسلمين منهم محمد شيخ الدين ونصر الدين حسن وعائشة محمد، وبالتسجيل يفتح الباب امام صراع قانونى وسياسى طويل، صراع داخل الحزب العتيق بين القوى الحديثة التى يمثلها اوهورو والفريق ذى الرؤية القديمة بزعامة بيوت، وصراع وحراك اوسع يشمل الساحة الكينية ويشكل ملامحها قبيل الانتخابات المقبلة التى يخوضها منافس كانو الرئيس الحالى مواى كيباكى وهو مثقل بملفات الفساد التى لم تحسم بعد ، وبالتسجيل للحزب المنشق يحاول كيباكى اضعاف منافسه اوهورو.

Tuesday, November 28, 2006

حول مؤتمر العلاقات الصينية العربية


تستضيف الخرطوم اليوم مؤتمر العلاقات الصينية العربية برعاية نائب الرئيس السودانى على عثمان محمد طه ومبادرة من الجامعة العربية، ويأتى مؤتمر الخرطوم استكمالا لمنتدى التعاون الصينى الافريقى الذى انعقد فى بكين اخيرا، وفى ظل تنام للدور الصينى فى المنطقة العربية والافريقية، لاسيما فى المجال الاقتصادى والتجارى، واثار الحضور الصينى الكثيف فى المنطقتين جدلا اعلاميا وايقظ المخاوف الامريكية من دخول المنطقتين تحت المعطف الصينى، لاسيما وان اغلب مجالات التعاون الصينى مع العرب والافارقة تتعلق بصناعة النفط وهو مجال حيوى بالنسبة لامريكا ومحور صراعاتها وحروبها الخارجية لتأمين منابعه ومساراته من ظلال اية هيمنة اخرى عليه.
يرد بعض المتابعين لمسار التقارب الصينى مع العرب والافارقة الى مبدأ الصين فى التعامل مع الآخر والذى يقوم على تبادل المنافع الاقتصادية والنأى عن التدخل فى الشؤون السياسية والسيادية للآخر، وهو ما اثار فى وجهها عاصفة من انتقادات منظمات حقوقية غربية باعتبار انها تستثمر الاموال فى دول ولدى رؤساء لا يوقرون حقوق شعوبهم، وهى -اى الصين- من خلال الاستثمارات النفطية والتجارة الواسعة مع بلدان عربية وافريقية تسهم فى ثراء هؤلاء الحكام وتتجاهل الشعوب الفقيرة.
نائب الرئيس السودانى راعى هذا الملتقى الصينى العربى المهم قال فى حديث لوكالة انباء الصين (شينخوا) :''ان الصين شريك اقتصادى مهم، والشراكة معها مفتوحة وتقوم على أسس موضوعية''.، ولعل الاسس الموضوعية التى اشار اليها طه هى واحدة من اسرار متانة العلاقة الصينية العربية من جهة والصينية الافريقية من جهة اخرى على هذا النحو الذى يثير حفيظة دول كبرى تتطلع لادوار لها فى المنطقتين واخرى كانت تهيمن على المنطقتين وتشعر الآن ان البساط ينسحب من تحتها لصالح الصين، لانها ادركت سر المعادلة فى العلاقات الدولية وهى الشراكة والندية وتبادل المنافع دون ان تحشر انفك فى ما يعنيك وما لايعنيك.

Sunday, November 26, 2006

هل اصبح العراق فى كارثة


المستوى الذى انزلقت اليه الاحداث فى العراق بات يشكل لحظة فاصلة بين ان يكون العراقيون او لا يكونوا، حيث انكشفت جليا المخططات كافة، من الاحتلال الانجلوامريكى ومن المستفيدين الاقليمين منه، فى تفتيت وحدة العراق بل الذج بكيان العراق فى المحرقة الطائفية التى اعدوا لها الحطب باعتماد المحاصصة الطائفية اساسا للممارسة السياسية فى ظل الاحتلال، والتى توصف زورا وبهتانا بانها ديمقراطية، لم يعد الحديث عن وصول العراق الى حافة الحرب الطائفية وجيها بل نحن نخوض فى وحل دماء الاقتتال الطائفى حيث سقط اكثر من سبعة الاف عراقى فى غضون الشهرين الماضيين على اساس الهوية الطائفية .
ما يجرى فى العراق من انفلات امنى واحتراب طائفى عمل منظم يصب فى مصلحة جهات بعينها منها الاحتلال الامريكى وسوقت هذه الجهات تصاعد العنف فى العراق كصراع طائفى، ولكن الواقع كما نبه اليه
الشيخ حارث الضاري الأمين العام لهيئة العلماء المسلمين في العراق فى مؤتمره الصحفى امس أن ما يجري من فتن أو إقصاء أو اقتتال هو صراع سياسي مغطى بشيء من الطائفية السياسية وليس صراعا مذهبيا كما يروق لبعض الساسة أو أجهزة الإعلام -التي تروج لمصطلحات مثل السنة أو الشيعة- تسميته.
سبق ان شخص الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان حالة الولايات المتحدة عندما قال انها (عالقة) في العراق، وحتى تجد لها مخرجا من ورطتها فى العراق، سيدفع الشعب العراقى الثمن انهارا من الدماء تسيل يوميا تحت عنواين الصراع الطائفى وتسعى بها وسائل الاعلام وتسهر جراها وتخصم، دون ان تشير الى المحرك الفعلى لهذا الموت العبثى والخراب الانتقامى الحاقد.
تطورات الاحداث فى اليومين الماضيين تزيد الصورة قتامة على بؤسها وتذهب حثيثا فى اتجاه تحقيق المقولة الاشترافية لمراسل مراسل صحيفة ''الغارديان'' جوناثان ستيل الذى قال : ''ان العراق اصبح كارثة''.

Saturday, November 25, 2006

تمييز عنصرى ضد واثنقو

ابرزت الصحافة الكينية الصادرة امس الاحد خبر الاعتذار الذى قدمه فندق امريكى للكاتب الكبير انقوقى واثنقو، الذى تعرض لحادث تمييز عنصرى فى القرن الحادى والعشرين، وفى ولاية كاليفورنيا الامريكية، فلا الزمان ولا المكان يساعدان على استيعاب هذه الصدمة، أليست هذه امريكا ارض الحرية وتمثالها الذى لا يخفت بريقه، وألسنا فى الالفية الثالثة حيث ودعت البشرية كافة اشكال التمييز العنصرى المقيته والى الأبد؟
تعود تفاصيل القصة المجللة بالخزى، كما اوردتها الصحافة الكينية، الى زيارة الكاتب الكينى الشهير انقوقى واثنقو الى الولايات المتحدة للترويج لكتابه الاخير (Wizard of the Crow) او ساحر الغراب، وكان ينزل بفندق Hotel Vitale بمدينة سان فرانسسكو بكالفورنيا، عندما طرد من قبل ادارة الفندق بحجة انه (أسود)!
ربما يقول قائل ان احداث التمييز العنصرى تقع بشكل يومي ولان ضحاياها من عامة الناس لا يأتى ذكرها فى الاعلام ولا تجد مثل هذا الاهتمام، ولكن عندما يتعلق الامر برمز ثقافى كبير مثل واثنقو تبدو القصة وكأنها عمل مبرمج ومقصود، لان واثنقو الاديب صاحب الروايات والافكار الكبيرة حول الثقافة واللغة والتراث الافريقى وأستاذ اللغة الانجليزية والادب المقارن بجامعة كاليفورينا ومدير المركز الدولى للكتابة والترجمة بالجامعة، رجل بهذه الصفات الاكاديمية الرفيعة، ومنجزات ادبية تشهد عليها المكتبات الغربية لايمكن ان لا يستدل عليه من قبل اصغر نادل فى اصغر حانة فى اى ركن من اقاصى الدنيا، فكيف فى سان فرانسسكو؟!.
ويعد انقوقى واثنقو واحداً من جيل الرواد الافارقة في مجال الرواية بجانب شنوا اشبي وكمارا لاي ومنقو بيتي وسوينكا والطيب صالح ومحفوظ والان باتون ونور الدين فارح اضافة طاهر بن جولون، وواثنقو شديد الارتباط بالثقافات الافريقية المحلية ولديه افكار ومحاولات فى الكتابة باللغات واللهجات المحلية لتحلل من الاستعمار الثقافى الذى فرضه المستعمر الاوربى حتى ان روايته الاخيرة ساحر الغراب كتبها بلغة Gikuyu وهى لغة امه قبل ان تتم ترجمة الرواية الى الانجليزية .





Sunday, November 19, 2006

الانتخابات الموريتانية اختبار للعسكر


تمثل الانتخابات البرلمانية والبلدية الموريتانية المزمع إجراؤها في 19 نوفمبر الجارى، اختبارا قويا لمدى التزام العسكر بتحول ديمقراطى حقيقى فى هذا البلد العربى الافريقى المنكوب بالانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسى المزمن، ونجح الفريق العسكر الحاكم بقيادة العقيد ولد محمد فال، فى زرع آمال بذلك التحول المنشود من خلال تنظيم استفتاء شعبى حول تعديلات دستورية، التي أدخلها العسكر على الدستور القديم. ومن أهمها تحديد عدد ولايات رئيس الجمهورية باثنتين فقط بعد أن كانت غير محدودة، وجعل السن القصوى للرئيس 75 سنة..وقد أقر الموريتانيون النص الجديد بنسبة 97%، ومستوى مشاركة بلغ 76%.
الانتخابات القادمة حلقة فى سلسلة افعال يسعى العسكر من خلالها التأكيد على حياديتهم وشفافيتهم وصدقهم فى الوعود التى قطوعها فور الاطاحة بحكم الرئيس السابق معاوية ولد الطايع فى اغسطس من العام الماضى، ويتابع الموريتانيون هذه الانتخابات بتطلعات كبيرة فى بداية العودة الى التداول الديمقراطى للسلطة وارساء ممارسة سليمة للسلطة، على ان تتوج هذه التطلعات بنجاح الانتخابات الرئاسية المجدولة فى مارس القادم، والانتخابات الرئاسية هى الاختبار الاكبر لمدى مصداقية العسكر وقابيلتهم للتنازل عن السلطة لمن يختاره الشعب، ولما كان زهد هؤلاء العسكر مثيرا للانتباه وسبق لنا التطرق اليه فى مقالة سابقة هنا تساءلنا فيه عن امكانية تكرار نموذج الفريق سوار الدهب الحاكم العسكرى الانتقالى بين سلطة المشير جعفر النميرى والحكومة المنتخبة برئاسة الصادق المهدى فى السودان منتصف ثمانينات القرن الماضى.
نجاح الانتخابات البرلمانية يعنى ثقة اكبر فى نجاح الانتخابات الرئاسية فى مارس، ويبقى التحدى امام العسكر فى الاقتراب من نموذج سوار الدهب، برغم ان اصواتاً موريتانية بدأت تتحدث عن ان العسكر يستبعدون اية رئيس قوى يمكن ان ينازعهم السلطة وانهم يفصلون الرئيس القادم على مقاسات ما يمكنهم التنازل عنه من سلطة.

Thursday, November 16, 2006

الانتخابات الموريتانية اختبار للعسكر


تمثل الانتخابات البرلمانية والبلدية الموريتانية المزمع إجراؤها في 19 نوفمبر الجارى، اختبارا قويا لمدى التزام العسكر بتحول ديمقراطى حقيقى فى هذا البلد العربى الافريقى المنكوب بالانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسى المزمن، ونجح الفريق العسكر الحاكم بقيادة العقيد ولد محمد فال، فى زرع آمال بذلك التحول المنشود من خلال تنظيم استفتاء شعبى حول تعديلات دستورية، التي أدخلها العسكر على الدستور القديم. ومن أهمها تحديد عدد ولايات رئيس الجمهورية باثنتين فقط بعد أن كانت غير محدودة، وجعل السن القصوى للرئيس 75 سنة..وقد أقر الموريتانيون النص الجديد بنسبة 97%، ومستوى مشاركة بلغ 76%.
الانتخابات القادمة حلقة فى سلسلة افعال يسعى العسكر من خلالها التأكيد على حياديتهم وشفافيتهم وصدقهم فى الوعود التى قطوعها فور الاطاحة بحكم الرئيس السابق معاوية ولد الطايع فى اغسطس من العام الماضى، ويتابع الموريتانيون هذه الانتخابات بتطلعات كبيرة فى بداية العودة الى التداول الديمقراطى للسلطة وارساء ممارسة سليمة للسلطة، على ان تتوج هذه التطلعات بنجاح الانتخابات الرئاسية المجدولة فى مارس القادم، والانتخابات الرئاسية هى الاختبار الاكبر لمدى مصداقية العسكر وقابيلتهم للتنازل عن السلطة لمن يختاره الشعب، ولما كان زهد هؤلاء العسكر مثيرا للانتباه وسبق لنا التطرق اليه فى مقالة سابقة هنا تساءلنا فيه عن امكانية تكرار نموذج الفريق سوار الدهب الحاكم العسكرى الانتقالى بين سلطة المشير جعفر النميرى والحكومة المنتخبة برئاسة الصادق المهدى فى السودان منتصف ثمانينات القرن الماضى.
نجاح الانتخابات البرلمانية يعنى ثقة اكبر فى نجاح الانتخابات الرئاسية فى مارس، ويبقى التحدى امام العسكر فى الاقتراب من نموذج سوار الدهب، برغم ان اصواتاً موريتانية بدأت تتحدث عن ان العسكر يستبعدون اية رئيس قوى يمكن ان ينازعهم السلطة وانهم يفصلون الرئيس القادم على مقاسات ما يمكنهم التنازل عنه من سلطة.

Saturday, November 11, 2006

متى يعدم صدام


قبيل جلسة النطق بحكم الاعدام شنقا على الرئيس العراقى السابق صدام حسين قال لمحاميه كلاماً موجهاً الى الامريكيين:( انهم سيرون انهارا من الدم لسنوات مقبلة وان فيتنام ستبدو ضئيلة بجانب ذلك).
محاكمة الرئيس صدام جرى ترتيبها منذ البدء لخدمة السياسة الامريكية وحتى توقيت النطق بالحكم جاء متزامنا مع الانتخابات البرلمانية الامريكية، والدليل تلك الغبطة التى علت وجه بوش عند اعلان الحكم وهو يخاطب تجمعاً انتخابياً لانصاره في غراند ايلاند عندما قال "لقد شهدنا اليوم حدثا يشكل علامة فارقة في تاريخ العراق".
لسنا بصدد رصد المثالب القانونية التى فندها المختصون، وخلصوا خلالها الى عدم شرعية المحاكمة ومفارقة اجراءاتها لاعراف وتقاليد القضاء الدولية المتعارف عليها، ولكننا نطرح سؤالاً يتعلق بالاستخدام السياسى للمحاكمة والمحكمة وتلك هى الحقيقة الاكثر سطوعا منذ بداية جلسات المحكمة، والشواهد عديدة فقد وظفت ادارة الرئيس بوش عملية أسر الرئيس العراقى ومن ثم محاكمته لصالح سياساتها الهوجاء فى المنطقة والتى وجدت استهجانا من المجتمع الامريكى نفسه، والسؤال: هل ستنفذ احكام الاعدان ضد الرئيس صدام ورفاقه فى غضون شهر من الآن بعد الاستئناف عليها، وتفقد ادارة بوش ورقة مهمة تلعب بها على الشعب الامريكى وشعوب المنطقة؟ ام تبقى على الرئيس فى الاسر عسى ان يقيل عثرتها فى نكبة اخرى؟.. وفى الحالتين فان المشهد العراقى مقبل على تصعيد خطير للعنف على نحو غير مسبوق، لاحت بوادره من الانشقاق الذى بدا جليا فى الشارع العراقى لحظة النطق بالحكم على صدام حيث سيرت التظاهرات المعارضة والمؤيدة رغم حظر التجوال المفروض والتحسبات الامنية المشددة.
الهيئة التى ظهر بها صدام امام المحكمة من ثبات وجسارة ألهبت وألهمت العديد من المقاومين للاحتلال الامريكى فى العراق، ويتوقع ترجمتها فى الايام المقبلة اعمالا ضد الاحتلال ومعاونيه ، فلو ان الرئيس العراقى السابق يستحق الحكم بالاعدام على حد تعبير المالكى لقتله نحو مائة عراقي فما هى العقوبة التى تناسب من قتل نحو مليون عراقي؟!