Tuesday, October 06, 2009

أيام فى بلاد العجائب

فى صالة الإستقبال بالسفارة الهندية فى الخرطوم، ريثما تأتيني إستمارة طلب تأشيرة الدخول الى الهند تلبية لدعوة من وزارة الخارجية للمشاركة فى كورس قصير للتدريب على الكتابة والتقرير للصحافة ، كانت أمامى على الطاولة بعض الإصدارات التعريفية بالهند من بينها كتاب بعنوان: مائة اعجوبة ، أخذت أقلب صفحاته لقتل الوقت ولتكوين فكرة إبتدائية عن بلاد أهم مصادر معرفتي بها هي السينما وهي فوق ما تضمنه من معارف وتاريخ هى أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع ، الكتاب يتحدث عن عجائب الهند من مواقع، وشخصيات ،واساطير، وآلهة فحسبت أنها محض ترويج سياحى، ولكننى على مدى 3 أسابيع هي مدة الكورس ظللت اكتشف كل يوم اعجوبة جديدة فوق المائة التى إحتواها ذلك الكتاب .-----------------------------------------------------------------------------------(1)نيو دلهي العاصمة الهندية مدينة تجمع بين المتناقضات فى تناغم فريد، فهي ثرية حد التخمة بالعمارات الشاهقة، والسيارات الفارهة ،و(المولات) التي تعرض أشهر الماركات فى مجالات الموضة والعطور والمجوهرات والالكترونيات ، وهى فقيرة حد إزدحام شوارعها وتقاطعاتها المرورية بالشحاذين من كل صنف ولون ، هي خضراء تسر الناظرين، شوارعها خضراء ،منازلها، ساحاتها، أسواقها مكاتبها حتى أشجار النيم هناك تتخذ شكلاً ثانياً، وفى ذات الوقت هواؤها الذى تستنشقه تحس بأنه ملوث من شدة الزحام ومن كثرة الكربون الذى تنفثه عوادم آلاف السيارات التى تمور فى طرقاتها الضيقة وأنفاقها وجسورها الطائرة ، هى مدينة بطعم ولون ورائحة مختلفة ، وتكريساً لهذه الثنائية المتناقضة أحيانا ، هناك فى الواقع (دلهيتان) دلهي القديمة بشوارعها الضيقة والخانقة وأسواقها التي تغلي بالباعة المفترشين أرصفة تلك الشوارع يعرضون كل شيء الملابس ،الكتب المرتجعة ،والاثاث المرتجع ، كل شىء والأسعار على انخفاضها فهي خاضعة لمدى قدرتك في الضغط على البائع للحصول على أفضل الأسعار ، فالأسعار هنا ليست نهائية كما فى مولات (وولك ستى في دلهي الأخرى).. ودلهي القديمة تتميز بالمسجد الكبير، والقلعة الحمراء وهي من روائع الهندسة المعمارية المغولية، وقد بُنيت بأسلوب فريد بقرار من الإمبراطور المغولي الخامس في الهند، شاه جاهان.أما دلهي الجديدة او نيو دلهي ، فهي كما يطلق عليها (أخت لندن) حيث الشوارع الفسيحة المخضرة وهى مقر الحكومة حيث القصر الرئاسى ،والبرلمان بغرفتيه العليا والدنيا ،والوزارات، ومساكن كبار الساسة والموظفين فى الحكومة، ومن أهم معالم دلهي الجديدة بوابة الهند وهي نصب تذكاري شيّده المستعمر الانجليزي لتخليد أسماء الجنود الذين استشهدوا فى الحرب العالمية ،وساحة جانباث الممتدة من بوابة الهند وحتى قصر الرئاسة وتقام عليها الإحتفالات الرسمية والعروض العسكرية. والمدينة اي دلهي الجديدة بناها الانجليز بعكس دلهي القديمة التي بناها المسلمون وتركوا فيها آثارهم الخالدة كالقلعة الحمراء والمسجد العتيق الذي بُنى على طراز فن (موغال) المعماري ويسع (25) ألف شخص ويتألف من منارتين وأربعة أبراج وثلاث بوابات مقوسة وجدران مكسوة بأحجار حمراء ورخام أبيض. ولكن هذا لا يعني خلو دلهي الجديدة من المعالم الإسلامية فهناك (قطب منار) اومنارة قطب وهو قطب الدين أيبك من المماليك الأتراك الذين أسسوا سلطنة دلهي، أراد أن يخلد عهده فقام ببدء أعمال بناء قطب منار العام 1193 م، ولم تسعفه الظروف لإكمال العمل (انتهى عند المستوى الأول) فقام خليفته إلتمش بإضافة ثلاثة مستويات أخرى، ثم قام فيروز شاه تغلق العام 1368 م بإضافة المستوى الخامس وهو آخرها، وتعد المنارة الأطول من نوعها في الهند وثاني أطول المنارات في تاريخ العالم الإسلامي بعد منارة الجيرالدا في أشبيلية. يضم المجمع مباني أخرى، ويستقطب إليه جموعاً غفيرة من السياح كل عام. قامت منظمة اليونسكو بإدراج المعلم في قائمة التراث العالمي،فى الموقع لاحظت ان عدد السياح الأجانب أكثر من المواطنين الهنود على عكس تاج محل الذى يعج بالزوار من الهنود، وهى عادة مغايرة لما نحن عليه ، فالوطنيون فى الغالب لا يهتمون بزيارة المواقع الأثرية فى بلدانهم وكأنما هي مخصصة فقط للأجانب.بجانب دلهي القديمة والجديدة هناك فريداباد جنوب دلهي وهناك نوديا وغورغراون ذات الطابع الامريكي فى البناء .(2)لا تكتمل زيارة الهند دون التأمل فى واحدة من أهم الإنجازات البشرية فى مجال المعمار، تاج محل ، المصنف خامساً فى قائمة عجائب الدنيا السبع، فتاج محل تحفه معمارية لا يجود التاريخ بمثلها ، كما أن رمزية الوفاء للحب جعلت من المكان قبلة يحج إليها العشاق من كل أطراف الدنيا، ويقدر عدد زوار تاج محل يومياً بحوالي 15 الف زائر ، الرحلة الى تاج محل فى مدينة اقرا على بعد (200) كيلومتر جنوب شرقي نيودلهي ذكرتنى بالرحلة بالبص الى كوستى أو مدني الشارع الاسفلتى الضيق تتزاحم فيه المركبات من كل نوع ، على جانبي الطريق وعلى مد البصر تشاهد أدغالاً حيناً، وفلوات خالية وقرى مهجورة الا شريطاً على جانبي الأسفلت وهناك نقاط لتوقف الشاحنات تذكرني بمقاهي كردفان ودارفور التى تتوقف عندها اللواري في رحلتها الطويلة من ام درمان الى الفاشر يوم أن كانت تسير وهي لا تخشى إلاَّ وحل الخريف او الكثبان الرملية ، الهنود مولعون بتزيين الشاحنات بالوان ورسومات مزركشة وأحياناً يرسمون ما يعبدون من آلهة وهي كثيرة فى الهند ، على جانبي الطريق الجواميس ترتع فى أمان ، خطوط السكك الحديد التى اعترضت طريقنا تعمل بشكل جيد وصادفنا قطاراً يجر مئات عربات الشحن المحملة بالفحم الحجري. ولان الطريق أصبح معروفاً بكثرة السياح فتجد من يعرضون عليك البضائع الهندية على جانبي الطريق ومن يقدم فرجة مثيرة مقابل روبيات معدودة مثل ساحر الافعى الذى وجدناه عند مدينة فريد اباد يبث أنينه عبر ناي معقوف من القصب مما يجعل افعى الكوبرا ترفع عنقها الى اليمين والى اليسار فى حركات بهلوانية استدعت توقف البص لاخذ بعض الصور لهذا العرض من السيرك المفتوح.عندما وصلنا الى تاج محل قال لنا مرشدنا ونحن لا نزال على بعد كيلومترين من الموقع سنقوم بتغيير البص الذي أقلّنا من دلهي الى بص صغير يعمل بالكهرباء وذلك لحماية هذا الأثر من الدخان الذي تنفثه السيارات والمصانع المجاورة لتاج محل بعد أن لوحظ بأن بياض رخام تاج محل الناصع أصابه بعض من التلوث ، ولفتت انتباهنا الإجراءات الأمنية عند مدخل تاج محل حيث يتم تجريدك من الحقائب وإذا رغبت فى الدخول الى بهو القصر حيث قبر ممتاز محل فانت أمام خيارين إما خلع حذاءك أو إرتداء حذاء من القماش فوق حذائك مقابل روبيات لا أدري كم عددها لان المرشد الذى بعثته معنا وزارة الخارجية الهندية تكفل بذلك . وقصة تاج محل المعروفة للجميع تعود للإمبراطور شاه جهان الذي حكم الهند قبل أكثر من (300) سنة وقام بتشييد هذا البناء تكريماً لزوجته ((ممتاز محل)) حيث كان يحبها كثيراً لأنها كافحت معه وكانت مخلصة له وأنجبت له ستة أولاد، ولما توفيَّت العام (1630) حزن عليها زوجها الإمبراطور حزناً شديداً، وقرر أن يقيم لها أجمل مقبرة يمكن أن يشاهدها إنسان، فاستدعى المهندسين المعماريين من أنحاء العالم كافة ليتعاونوا على وضع تصميم مميز لهذا البناء. وبعد (18) عاماً أصبح البناء جاهزاً بعد أن اشترك في تنفيذه أكثر من (20) ألف عامل. وجلبوا له الحجارة الجميلة والرخام الأبيض المصقول من الهند ومصر والجزيرة العربية والتبت. ويبلغ إرتفاع المبنى حوالي (61) متراً كله من الرخام الأبيض، وكتبت عليه آيات من القرآن الكريم باللون الأسود. وتم ترصيع جدران المبنى بالأحجار الكريمة، وتزيينها بالعقيق وزهور عباد الشمس، وأحجار الفيروز في تنسيق رائع يبهر الأبصار ويسلب العقول، كما تحيط بالمبنى من كل جانب مجموعة من القباب الكبيرة والصغيرة غير المتصلة، والتي يبلغ إرتفاع بعضها (41) متراً. وكانت تحيط بالمبنى حديقة كبيرة تعتبر قمة في التخطيط والتنسيق الرائع حيث كانت تضم النافورات الجميلة والأشجار العالمية المشكلة بطريقة هندسية جميلة. وبعد وفاة الإمبراطور دفن في نفس البناء إلى جانب زوجته.(3) فى شوارع دلهي المزدحمة بالسيارات تسيطر الركشة على الشوارع والركشة الهندية ليست التى ألفناها بشوارع الخرطوم وام درمان- هذه موجودة- ولكن الركشة هناك عبارة عن دراجة تم تطويرها بإضافة مقعد خلفي وسقف تماماً كالركشة ولكن الدراجة لا تعمل من خلال موتور وانما يقودها شاب وربما شيخ تراه يلهث من شدة حر دلهي اللاهب وهو يقل شخصاً اواثنين لمشوار يمتد حتى (10 او 15) كيلومتراً أحياناً مقابل عشرة روبيات وهو مبلغ لا يتجاوز خمسين قرشاً، شرطة المرور فى دلهي فشلت فى كبح جماح الركشات التى بلغ عدد غير المرخصة منها حوالي( 7) ملايين ، الإستخدام الواسع للركشة كوسيلة مواصلات أحد معالم دلهي رغم وجود المترو والبصات الحديثة المجهزة بمكيفات للهواء والتي تستخدم وقوداً صديقاً للبيئة ، وتعتزم بلدية دلهي إستبدال البصات القديمة كافة باخرى حديثة بحلول العام 2010 إستعداداً لدورة ألعاب دول الكومنوليث التى ستستضيفها دلهي فى نهاية العام القادم و لإنشغال دلهي بتلك التحضيرات يلاحظ الزائر للمدينة أعمال البناء وإعادة البناء فى مواقع كثيرة حيث يجرى تحديث شامل لمحطات المترو وتشييد عدد من الجسور الطائرة.. والهنود يستخدمون كل وسائل النقل من دراجات وشاحنات و تراكتورات ويطوعونها لاحتياجاتهم الخاصة، فالركشة يمكن أن تحمل (15) شخصاً والتراكتور يتحول الى نقل الركاب وعربات الكارو تجرها جميع الحيوانات من الحمار الى الحصان وحتى الجمال والأفيال هذا بالإضافة الى التي يجرها الإنسان نفسه، حركة السير فى دلهي تعاني من إختناقات مرورية رغم الجسور الطائرة فهي مدينة (الفلايى اوفر ) بحق ، السمة البارزة للسيارات انها صغيرة الحجم وأغلبها صناعة او تجميع محلي وذات مقود (دركسون) يمين رغم ان الحركة يسار ، السائقون يستخدمون (البوري) بشكل دائم وصاخب لم أشاهد له مثيلاً إلا بشوارع القاهرة ، واللافت للإنتباه أن بعض المركبات تجد مكتوباً عليها وبأحرف كبيرة (هورن بليس) او اطلق البوري من فضلك ربما حتى يعلم السائق الذى يسير دون هدى من (المرايات العاكسة) مسارك.(4)ثمة مشتركات بين الصحافة الهندية والسودانية خصوصاً فى البدايات فكلاهما من صنع الإستعمار البريطاني وتم إستخدامهما من قبل الوطنيين كأداة لمحاربة الإستعمار ، ويتحدث مؤرخو الصحافة الهندية بكثير من الفخر بأن أحد أهم الذين كتبوا فيها عند انطلاقها المهاتما غاندي صاحب مشروع النضال السلمي ، ورغم ان الإستعمار البريطاني اعتقل الصحافيين واغلق الصحف التي تعارضه ولكن لم يمنع يوماً نشر مقال للمهاتما غاندي رغم أن كل مقالاته كانت مكرسة للنهوض بالهند ومطالبة بخروج المستعمر الانجليزي.فى الهند اليوم أكثر من (4000 ) مطبوعة من صحيفة الى مجلة بمختلف اللغات الهندية المتعددة، ولكن الدستور الهندى يعترف بـ (22 ) لغة، والصحافة باللغات المحلية وخصوصاً الهندو فهي الأكثر انتشاراً فاذا كانت صحيفة (TIMES OF INDIA) توزع لوحدها(10) ملايين نسخة في اليوم فهي لا تزال -وتلك من عجائب الهند- ليست في قائمة الصحف العشر الكبرى فى الهند لان الصحف الكبرى هى باللغات المحلية وهناك مجلة هندية اسبوعية هي (INDIA TODAY) توزع لوحدها (4) ملايين نسخة .مقروئية الصحافة في الهند عالية جداً ساعد فى ذلك أسعار الصحف فالنسخة بـ(2) روبية اي بمعنى انك تستطيع بدولار واحد الحصول على أكثر من عشرين نسخة مختلفة من الصحافة الهندية ، وعلى نحو ربما مغاير لوضع الصحافة فى السودان هناك انتشار واسع للصحافة الإقليمية ، ورغم الإنتشار الواسع للقنوات التلفزيونية أكثر من (300) قناة محلية فان عادة قراءة الصحف لا تزال متجذرة في المجتمع الهندي.دخول المرأة الهندية الى مجال الصحافة جاء مبكراً وشقت طريقها حتى أصبح لها نادٍ خاص بالصحافيات الهنديات ولكن هذا الطريق لم يكن مفروشاً بالورود والرياحين ، وقدمت لنا ضمن برنامج الكورس التدريبي الصحافية الكبيرة يوشا راى محاضرة عن بدايات المرأة الهندية مع الصحافة التى تعود الى ستينيات القرن الماضي عندما تقدمت برباها باهال للعمل فى (هندوستان تايمز) كصحافية متدربة بعد تخرجها فى قسم الصحافة بجامعة البنجاب وكانت متميزة ولكن رئيس التحرير رفض تعيينها بحجة ان الصحافة ليست للنساء فتركت العمل ، وجاءت فتاة أخرى درست الصحافة فى الولايات المتحدة وهي ابنة شخصية سياسية مهمة فعينت في الصحيفة التى رفضت برباها باهال وعندما علمت بذلك جاءت لرئيس التحرير فلم يجد سبباً لرفضها ، وبعد عام من تعيينها اندلعت الحرب الهندية الباكستانية فطلبت الذهاب لتغطيتها ميدانياً فرفض رئيس التحرير فتركت العمل مرة أخرى وعادت الى قريتها فى أميرستار على الحدود مع باكستان وهناك استطاعت الحصول على الأخبار من الجنود ومن مشاهداتها المباشرة، وبدأت فى كتابة التقارير وإرسالها الى نيو دلهي وكانت الأفضل فى تغطيتها للحرب، القصة طويلة ولكنها ترمز إلى التضحيات التى قدمتها من أجل الصحافة، وذات الصحافية لاحقاً ناضلت من أجل أن تعمل الصحافية ليلاً كما يعمل زميلها الصحافي.فى الهند مجلس للصحافة كما لدينا ولكن مجلسهم لا يفرض عقوبات ويكتفي فقط بتقديم النصائح التي في الغالب لا يأخذ بها الصحافيون بإعتبارهم يمارسون عملهم الصحفي دون وصاية من أحد. ومجلس الصحافة الهندي يتكون من رؤساء تحرير الصحف ويترأسه كبير قضاة سابق ومن اختصاصاته النظر فى نزاعات الصحافيين والمؤسسات الصحافية دون أن تكون هناك سلطة فرض عقوبات وتنفيذها وإنما يحدد الخطأ ويصدر كدليل دوري للصحافيين للإهتداء به كى لا يقعوا فى الخطأ.(5)أسواق المدن فوق قمتها الإقتصادية فهي ملمح حضاري ومعماري للمدينة ولدلهي أسواقها الخاصة فالسياح الباحثون عن السجاد والمجوهرات والمصنوعات اليدوية الهندية عليهم بكونات وكارول باغ وشاندى تشوك شديد الزحام ويقع قبالة بوابة القلعة الحمراء ومن أشهر أسواق المنسوجات الهندية (دلى هات) حيث الساري والبشمينا والكوترا وكل الأزياء التقليدية الهندية والمصنوعات الجلدية.. واما سوق أجهزة الحاسوب وملحقاتها وبرامجها فهو (نهرو بلاس) ستجد كل أجهزة الحاسوب بماركاتها المختلفة ، وفى قلب المدينة هناك سوق للسياح يعرض المنتجات الهندية والأناتيك التذكارية وهو سوق كونارماركت وغير بعيد منه وتحت الأرض يوجد (باليكا بازرا) الداخل لهذا السوق كالداخل الى سوق ليبيا بام درمان فالسوق يعرض كل شيء وليس هناك سعر نهائي كل شيء قابل للاتفاق ، الزحام الشديد والمنادون امام المحلات يسحبونك الى المحل لتشتري حتى وان لم تكن ترغب فى الشراء ، في هذا السوق يوجد محل لبيع العطور كالصندل صاحب المحل متخصص فى السودانيين يتحدث اللهجة السودانية ويعرف أسماء المدن والقبائل السودانية وحتى البضائع يعرضها على الطريقة السودانية، المثير انه يعلق لافتة مكتوب عليها (ممنوع الدين) وأخرى مكتوب عليها (قيمت قطعت) وهي ترجمة غير موفقة للعبارة الانجليزية (فكست برايس) أو سعر محدد، السودان والسودانيون فى قلوب أغلب الهنود ليس فقط تاجر العطور هذا ففي مقابلة خاصة لصالح مجلة تدريبية صدرت بنهاية الكورس قابلت الصحفي الهندي الكبير كومار اقاها الذي حيمنا علم إنني سوداني رحّب بي ترحيباً خاصاً وقال لي هل تعرف حاجة كاشف؟ ، قلت ومن لا يعرف حاجة كاشف؟ ، قال إنها علمتني ولها أفضال كثيرة على عدد من العائلات فى الهند منها عائلة غاندي الشهيرة ، وكانت كلما جاءت الى الهند تجد الإستقبال اللائق بها ، وأينما ذهبنا كوفد أفريقي كان بعض الزملاء يحتاجون الى تحديد الموقع الجغرافي لدولهم فى القارة الافريقية ويشكون من أن الهنود لا يعرفون إلا جنوب أفريقيا والسودان، ويوغندا، ففى الهند يكفي أن تقول أنا سوداني وستجد الجميع يعرف بلدك ولست بحاجة الى تقديم أىة معلومات إضافية ، السائق علي التابع لوزارة الخارجية والمكلف بترحيلنا من الفندق الى الجامعة يتكلم العربية التي تعلمها خلال وجوده فى السعودية قال لي: نحن فى الهند نحب السودانيين لأنهم (نفر كتير كويس) !

0 Comments:

Post a Comment

<< Home