Saturday, February 24, 2007

لماذا سحب بلير قواته ؟!


القرار البريطانى بخفض عدد القوات بالعراق، اثار اكثر من سؤال، بشأن تداعياته على الوضع الامني فى العراق، وتداعياته السياسية على رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير الذى يمضى شهوره الاخيرة فى (تن داون استريت)، ولكن المحللين والمعلقين السياسيين هرولوا الى الاسباب الظاهرية، التى دفعت بلير الى هكذا اقتراح، دون امعان النظر خلف الضجيج الاعلامى المرافق، ومحاولات زر الرماد فى اعين الحقائق كما قال نائب الرئيس الامريكى ديك تشينى ان الخطوة البريطانية تعكس التقدم الذي تم احرازه في البصرة.
البعض رأى فى الخطوة البريطانية ضربة للرئيس الامريكى جورج بوش الذى يعتمد استراتيجية عسكرية فى العراق،عزز فيها قواته هناك ولايزال يرفض اعطاء وعد بانسحاب مجدول من العراق رغم الخسائر التى تتكبدها القوات الامريكية والفشل الذى تتخبط فيه العملية السياسية هناك، والانزلاق بوتائر متسارعة جدا نحو مستنقع الحرب الطائفية والفوضى الامنية، وعليه فان استراتيجية بوش فى العراق منتهية الى فشل ذريع والخطوة البريطانية تندرج فى اطار اعراض فشل استراتيجية بوش.
الحكومة العراقية رحبت بالقرار البريطانى وهى التى لم يستشرها بلير لا فى ارسال ولا فى خفض القوات ولن يكون فى سحبها، وأكدت جاهزيتها لسد الفراغ الذى يمكن ان يخلفه سحب هذا العدد القليل من القوات البريطانية، وهى اعجز من القيام بمهام حفظ الامن لإختلالات داخل هيكلتها بان سوءتها خلال تقارير صحفية عن حالات اغتصاب لنساء عراقيات من قبل هذه القوى الامنية، لتضاف الى سلسلة من انتهاكات حقوق الانسان العراقى اقترفتها الحكومة الراهنة.
تحليلات العسكريين وتعليقات السياسيين بأن بلير يود ان يودع المنصب بمحاولة لتبييض وجه سياسته الخارجية التابعة لبوش، ومفارقة خطى بوش عند اقتراب نهاية المشوار، جميعها لا تكشف عن الاسباب الرئيسة وراء اقدام بلير على هكذا خطوة، فالحقيقة التى لا تنطق بها ألسنة المحللين هى ان بلير خفض قواته بالبصرة وسيواصل خفضها، تحسبا لغزو امريكى وشيك لايران على خلفية العناد الايرانى فى ما يتعلق بمعالجة الملف النووى، وعند حدوث الضربة الامريكية فالجنوب العراقى ذي الاغلبية الشيعية سينتفض ضد الوجود الاجنبى هناك وستدفع القوات البريطانية الثمن للمرة الثانية فى حروب امريكية.

Sunday, February 11, 2007

الايام الفلسطينية السوداء


قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن للصحافيين عقب لقاء مكة مع قادة حركة حماس والاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية التى طال انتظارها : ''ما كنا نتمناه من اتفاق وصلنا إليه بحكومة وحدة وطنية ونتمنى ألا نعود إلى الأيام السوداء وألا تعود الأيام السوداء أبدا''.
اتفاق مكة نجح فى اذابة جليد التوترات بين حركتى فتح وحماس ، فى واحدة من المبادرات العربية النادرة التى افلحت فى رأب صدع الاشقاء فى فلسطين، فمنذ مجىء حكومة حماس والمحاولات العربية تترى لتجسير الهوة بينها وحركة فتح وكلنا يذكر جولات الحوار الوطنى الفلسطينى برعاية مصرية سواء داخل فلسطين او فى القاهرة وكيف انها جميعا انتهت الى لاشىء، ومعهامبادرات اخرى، وظل التصعيد على اشده وكادت فلسطين تنزلق الى حرب اهلية لا يعلم مدها الا الله.
الايام السوداء التى تمنى الرئيس ابومازن ألا تعود ابداً، كانت فعلا سوداء، وصورت الشعب الفلسطينى، بالمندفع نحو قتال همجى، والتارك لقضاياه المركزية فى النضال ضد الاحتلال الاسرائيلى وبناء دولة ونظام حكم ديمقراطى على انقاض ممارسات الاحتلال الوحشية، والايام السوداء التى رفع فيها الاخوة الفلسطينيون السلاح فى وجوه بعضهم بعضا كانت خصما على رصيد نضالاتهم وصبرهمم الطويل لأبشع احتلال على وجه الارض، ولكن بناء جدار فاصل بين تلك الايام السوداء والمستقبل يحتاج الى اكثر من امانى ابومازن، وكما تحلل قادة الحركتين من المحيط والمخيط فى احرامهم عقب الاتفاق، عليهم التحلل من كل خلافات الماضى وبداية صفحة جديدة فى السياسة الفلسطينية.
الوقاية من اسباب العودة الى الايام السوداء، تتطلب درجات اعلى من الوعى بمخططات العدو الاسرائيلى الرامية الى ضرب وحدة الصف الفلسطينى، ولعل هذا ما صرحت به وزيرة خارجية العدو تسيبي ليفني اعتبرت في مداخلتها أمام مؤتمر ميونخ الأمني أن حماس ''لا تمثل المصالح الوطنية للفلسطينيين وطموحاتهم''.!
رسائل التشكيك الاسرائيلية ليست موجهة فقط الى الداخل الفلسطينى بل الى الخارج لمحاصرة أية مظاهر تأييد دولية يمكن ان تلتف حول الحكومة الفلسطينية الجديدة كشريك غير جاد للسلام مع إسرائيل.

Wednesday, February 07, 2007

جيش الرب والعودة الى الحرب !


بات من الصعب التكهن بما اذا كانت مفاوضات جوبا، بين الحكومة اليوغندية ومتمردى جيش الرب سوف تستأنف من جديد، فالطرفان تبادلا التهديدات التى باعدت بينهما والعودة الى طاولة المفاوضات، حيث هدد جيش الرب بالعودة الى الحرب فى حال لم يتم استبدال مقر التفاوض فى جوبا واستبعاد الوسيط دكتور رياك مشار نائب حكومة جنوب السودان، ومن جانبه هدد الرئيس اليوغندى موسفينى بالانتقال الى الخطة (ب) فى حال فشلت جهود اثناء جيش الرب عن شروطه للعودة الى التفاوض، وقال موسفينى انه ناقش مع الامين العام للامم المتحدة بان كى مون على هامش قمة الاتحاد الافريقى باديس ابابا موضوع جيش الرب، والخطة التى هدد موسفينى بالانتقال اليها تتضمن حملة مشتركة بين يوغندا والكونغو والسودان والمنظمة الدولية لالقاء القبض على قيادات جيش الرب وتسليمهم الى محكمة الجنايات الدولية تنفيذا لمذكرات اعتقال اصدرتها المحكمة بحقهم لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
تبادل التهديدات هذا جاء عقب الاعلان الكينى الرافض لاستضافة المحادثات كبديل لجوبا حسب رغبة جيش الرب الذى علق المحادثات بحجة ان جوبا لم تعد على الحياد بعد اعلان الرئيس البشير ونائبه سلفاكير العمل على اقصاء عناصر جيش الرب من الجنوب لما تثيره من قلق امنى، واعتبر وزير الخارجية الكيني رافائيل توجو أن بلاده (قررت أن لا تعرض استضافة المحادثات بهدف التمكن من مواصلة المسيرة التي بدأت في جوبا بدون عوائق) البيان الكينى جاء متأخرا فى التوقيت عن طلب جيش الرب مما اثار التباسا بان نيروبى ربما رحبت باستضافة التفاوض كبديل لجوبا .
نائب رئيس حكومة الجنوب الدكتور رياك مشار وسيط المفاوضات لايزال متمسكا بمقر التفاوض وعاقدا آمالاً كبيرة فى نجاح الجهود الدبلوماسية التى تجرى الآن فى اعادة الاطراف اليوغندية الى طاولة التفاوض فى جوبا،ولكن ثمة مؤشرات عديدة ترجح فشل المفاوضات ومنها الانباء التى تسربت اخيرا عن انتقال عناصر جيش الرب من جنوب السودان الى افريقيا الوسطى ربما لمعاودة القتال من هناك ضد كمبالا والدخول الى افريقيا الوسطى بعد الكنغو وجنوب السودان يوسع من دائرة المواجهات بين جيش الرب وكمبالا ويفاقم من آثار الصراع على الاقليم.

Tuesday, February 06, 2007

حوار مكة !


توجهت قيادات حركتي حماس وفتح الفلسطينيتين الى مكة المكرمة وتركت خلفها فى غزة دخاناً يتصاعد من معارك الاخوة الاعداء، واتفاق هش لوقف اطلاق النار، ونذر حرب طائفية وبعض الرجاء والامل فى الخروج من الازمة الراهنة، واجتماع مكة اليوم للحوار بين فتح وحماس بلغة الحكمة بدلا عن الرصاص يمثل آخر اختبار لمدى جدية الحركتين فى اعادة الهدوء الى فلسطين وتجديد الالتزام بواحدة من ثوابت السياسة الفلسطينية، وهى ان الدم الفلسطيني خط احمر.
التصريحات الفتحاوية والحماسية قبيل حوار مكة تبعث على التفاؤل، وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أن حماس ستهيئ كل الظروف المواتية لإنجاح هذه المحادثات، ودعا فتح ليكونوا كذلك ولعدم العودة إلى الوراء،ومن جهتها قالت فتح على لسان أمين سرها في الضفة الغربية حسين الشيخ إنها ستذهب إلى مكة بقلب مفتوح بهدف الوصول إلى اتفاق بشأن جميع المسائل العالقة.
بمكة اليوم تختبر هذه التصريحات، وما اذا كانت فتح وحماس تستمعان وتستجيبان لنداءات العقلاء بحقن الدماء ووأد الفنتة فى مهدها، والواقع ان الحركتين تواجهان ضغوطا من الخارج ومن الداخل الفلسطيني لترجيح صوت العقل فى تجاوز الازمة السياسية الراهنة قبل ان تتفاقم الى حرب اهلية، ولمزيد من الضغط نظمت الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي، اعتصاما جماهيرياً في محافظة رفح تحت عنوان: لا للاقتتال الداخلي ونعم للوحدة الوطنية.
حوار مكة يمكن ان يضع نهاية للصراع العبثي بين فتح وحماس، فى وقت يمضى فيه العدو الاسرائيلى قدماً الى تهويد القدس، وبناء الجدار والاستمرار فى سياسة الاجتياحات والتدمير للمدن الفلسطينية، بينما الصراع الفلسطيني الفلسطيني على أشده، ومن المفارقات المحزنة ان تأتى دعوات رأب الصدع بين فتح وحماس وضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية حتى من العدو الاسرائيلي ، كما فعل شمعون بيريس، نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي اثناء زيارته الى قطر عندما طالب بوحدة الصف الفلسطيني!
فهل يضع حوار مكة اليوم حدا لهذا العبث؟ الآمال معقودة على قيادات فتح وحماس والمملكة العربية السعودية التى يتوقع ان تقدم دعماًمالياً كبيراً يسهم فى تخفيف معاناة الفلسطينيين بعد نجاح حوار مكة .

Monday, February 05, 2007

مصداقية الصحافة!


فى السودان كما هو الحال فى العديد من البلاد العربية والافريقية، تعانى الصحف فوق شح الامكانات وضيق هامش الحريات تعانى ازمة مصداقية، وتنهض بينها والقراء حوائط من ما يطلق عليه بفجوة المصداقية credibility gap، وجميعنا نسمع الكلمة التى صارت مثلا (دا كلام جرائد) اى هذا كلام صحف لا يعول عليه كثيرا، نتأمل نحن العاملين والمبتلين بهذه المهنة ، من مثل هذا الحديث، ولكن أليس لهذه الفرضية ما يؤكدها على صفحات الصحف ذاك جدال قد يطول ولسنا بصدده.وفجوة المصداقية ليست حكرا علينا فى عالمنا الثالث كالفجوة الغذائية، فحتى امريكا قلعة الحريات والصحافة النزيهة ، تعانى من هذا الداء ، ففى كتابها (كلاب حراسة الديمقراطية)، وضعت السيدة هيلين توماس، اللبنانية الأصل، عميدة مراسلي البيت الأبيض خلاصة تجاربها الصحفية مع تسع فترات رئاسية فى الولايات المتحدة،وتقول هيلين: إن مصداقية الصحافة الأمريكية تعرّضت، لسوء الحظ، إلى هجوم من إدارة الرئيس بوش ومن جماعات سياسية ودينية أمريكية، سرعان ما أسفرت عن انحناء رؤساء تحرير الأخبار في وسائل الإعلام الأمريكية للرقابة الحكومية، من خلال سيطرة الشركات الأمريكية الكبرى عليها. فشركة جنرال إلكتريك تتحكّـم في شبكة ''إن بي سي''، وتتحكم شركة فياكوم في شبكة ''سي بي إس''، وتدير شركة ديزني شبكة ''إيه بي سي''.
في دراسة أعدها كل من أندرو كوت وروبرت قوث حول ثقة المواطن الأمريكي في مصداقية الإعلام ، وجد أن المجتمع الأمريكي قد انخفضت ثقته بالإعلام الغربي بصورة واضحة في السنوات الأخيرة. كما أظهرت نفس الدراسة أن أكثر من 60% من الشعب الأمريكي يعتقد أن الإعلام يركز على الجوانب السلبية أكثر من اللازم.
سيطرة ادارة بوش على الاعلام افقدت الصحافة الامريكية مصداقيتها، وهى كانت المثال الذى يحتذى، فماذا بشأن مصداقية صحفنا فى العالم الثالث، ثمة ضوء وامل انبعث من كينيا التى تتوافر لديها تجربة صحافية جديرة بالتأمل والاحترام، حيث نشرت امس فى صحيفة النيشن الكينية نتائج مسح استقصائى قامت به مجموعة استيتمان جاء فيه ان الكينيين يثقون فى رجال الصحافة اكثر من رجال الدين ورجال البرلمان يحتلون ذيل قائمة المصداقية !

Sunday, February 04, 2007

خسر السودان وكسبت افريقيا


نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين لم تسمهم القول ان حكومات غربية ضغطت بقوة في اديس ابابا كي لا يحصل السودان على رئاسة الاتحاد الافريقى، وكان يمكنها تعطيل مسعى السودان للرئاسة، ولكن السودان تنازل طواعيه لغانا، فى واحدة من المرات القليلة التى تتعامل فيها حكوماتنا بواقعية، ولم يعلن السودان تنازله إلا داخل الاجتماع المغلق للرؤساء الحكماء واستجابة لمبادرة الرئيس الجنوب افريقى تابو امبيكى، فأكبرها الافارقة للسودان الحريص على ان لا يشق الصف الافريقى ورفع السودان بتنازله الحرج عن عشرات الدول التى كانت واقعة تحت الضغط الذى اشارت اليه رويترز.
الهالة الاعلامية التى رافقت انعقاد القمة صورت للناس القمة وكأنها عقدت وفى جدول اعمالها موضوع واحد هو التقرير بشأن رئاسة السودان للمنظمة القارية من عدمها،رغم ان الاجندة بها موضوع الساعة فى افريقيا وهو الوضع فى الصومال هو على فكرة اطاح بتولى اثيوبيا لرئاسة منظمة الايقاد بسبب التدخل العسكرى الاثيوبى ومددت الايقاد لكينيا رئاسة الايقاد لعام آخر، ومع ذلك لم تهتم وسائل الاعلام بخسارة اثيوبيا لرئاسة الايقاد كما هو الحال بالنسبة للسودان.
إعلاميا ذهب البعض فى تناولهم لموضوع خسارة السودان للمرة الثانية للرئاسة، فى اتجاهين، فرح البعض وقلل آخرون من اهمية الرئاسة، ولكن الواقع ان السودان خسر الرئاسة الرمزية للقارة، وكسب الزعامة، ورئاسة الاتحاد الافريقى ليست شرفيه، بل فى حال تتولاها دولة قوية كما حدث مع جنوب افريقيا ونيجيريا تستطيع ان تقدم من خلالها الكثير للقارة، وتحسر البعض لفقدان السودان للرئاسة لما كان يمكن ان يقدمه من موقع الرئاسة لحل ازمة الصومال.
رئاسة غانا التى تتزامن مع خمسينية احتفالاتها بالاستقلال، وجاء استقلال غانا العام 1957 من الاستعمار الانجليزى تتويجاً لمسيرة النضال الوطني التي قادها كوامي نكروما أول رئيس لجمهورية غانا المستقلة، نالت غانا رئاسة الاتحاد الافريقى للعام 2007 بالاجماع، وكانت مخرجا لإزمة الرئاسة وتتمع غانا بموقع متميز فى المحافل الافريقية وظلت تلعب أدواراً فى فض الاشتباكات وتثيبت الاستقرار فى الغرب الافريقى، وهذا يؤهلها لقيادة الاتحاد الافريقى هذا العام بما يحقق اهدافه فى تعزيز التضامن والاستقرار والتنمية فى القارة.