Tuesday, October 06, 2009

أيام فى بلاد العجائب

فى صالة الإستقبال بالسفارة الهندية فى الخرطوم، ريثما تأتيني إستمارة طلب تأشيرة الدخول الى الهند تلبية لدعوة من وزارة الخارجية للمشاركة فى كورس قصير للتدريب على الكتابة والتقرير للصحافة ، كانت أمامى على الطاولة بعض الإصدارات التعريفية بالهند من بينها كتاب بعنوان: مائة اعجوبة ، أخذت أقلب صفحاته لقتل الوقت ولتكوين فكرة إبتدائية عن بلاد أهم مصادر معرفتي بها هي السينما وهي فوق ما تضمنه من معارف وتاريخ هى أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع ، الكتاب يتحدث عن عجائب الهند من مواقع، وشخصيات ،واساطير، وآلهة فحسبت أنها محض ترويج سياحى، ولكننى على مدى 3 أسابيع هي مدة الكورس ظللت اكتشف كل يوم اعجوبة جديدة فوق المائة التى إحتواها ذلك الكتاب .-----------------------------------------------------------------------------------(1)نيو دلهي العاصمة الهندية مدينة تجمع بين المتناقضات فى تناغم فريد، فهي ثرية حد التخمة بالعمارات الشاهقة، والسيارات الفارهة ،و(المولات) التي تعرض أشهر الماركات فى مجالات الموضة والعطور والمجوهرات والالكترونيات ، وهى فقيرة حد إزدحام شوارعها وتقاطعاتها المرورية بالشحاذين من كل صنف ولون ، هي خضراء تسر الناظرين، شوارعها خضراء ،منازلها، ساحاتها، أسواقها مكاتبها حتى أشجار النيم هناك تتخذ شكلاً ثانياً، وفى ذات الوقت هواؤها الذى تستنشقه تحس بأنه ملوث من شدة الزحام ومن كثرة الكربون الذى تنفثه عوادم آلاف السيارات التى تمور فى طرقاتها الضيقة وأنفاقها وجسورها الطائرة ، هى مدينة بطعم ولون ورائحة مختلفة ، وتكريساً لهذه الثنائية المتناقضة أحيانا ، هناك فى الواقع (دلهيتان) دلهي القديمة بشوارعها الضيقة والخانقة وأسواقها التي تغلي بالباعة المفترشين أرصفة تلك الشوارع يعرضون كل شيء الملابس ،الكتب المرتجعة ،والاثاث المرتجع ، كل شىء والأسعار على انخفاضها فهي خاضعة لمدى قدرتك في الضغط على البائع للحصول على أفضل الأسعار ، فالأسعار هنا ليست نهائية كما فى مولات (وولك ستى في دلهي الأخرى).. ودلهي القديمة تتميز بالمسجد الكبير، والقلعة الحمراء وهي من روائع الهندسة المعمارية المغولية، وقد بُنيت بأسلوب فريد بقرار من الإمبراطور المغولي الخامس في الهند، شاه جاهان.أما دلهي الجديدة او نيو دلهي ، فهي كما يطلق عليها (أخت لندن) حيث الشوارع الفسيحة المخضرة وهى مقر الحكومة حيث القصر الرئاسى ،والبرلمان بغرفتيه العليا والدنيا ،والوزارات، ومساكن كبار الساسة والموظفين فى الحكومة، ومن أهم معالم دلهي الجديدة بوابة الهند وهي نصب تذكاري شيّده المستعمر الانجليزي لتخليد أسماء الجنود الذين استشهدوا فى الحرب العالمية ،وساحة جانباث الممتدة من بوابة الهند وحتى قصر الرئاسة وتقام عليها الإحتفالات الرسمية والعروض العسكرية. والمدينة اي دلهي الجديدة بناها الانجليز بعكس دلهي القديمة التي بناها المسلمون وتركوا فيها آثارهم الخالدة كالقلعة الحمراء والمسجد العتيق الذي بُنى على طراز فن (موغال) المعماري ويسع (25) ألف شخص ويتألف من منارتين وأربعة أبراج وثلاث بوابات مقوسة وجدران مكسوة بأحجار حمراء ورخام أبيض. ولكن هذا لا يعني خلو دلهي الجديدة من المعالم الإسلامية فهناك (قطب منار) اومنارة قطب وهو قطب الدين أيبك من المماليك الأتراك الذين أسسوا سلطنة دلهي، أراد أن يخلد عهده فقام ببدء أعمال بناء قطب منار العام 1193 م، ولم تسعفه الظروف لإكمال العمل (انتهى عند المستوى الأول) فقام خليفته إلتمش بإضافة ثلاثة مستويات أخرى، ثم قام فيروز شاه تغلق العام 1368 م بإضافة المستوى الخامس وهو آخرها، وتعد المنارة الأطول من نوعها في الهند وثاني أطول المنارات في تاريخ العالم الإسلامي بعد منارة الجيرالدا في أشبيلية. يضم المجمع مباني أخرى، ويستقطب إليه جموعاً غفيرة من السياح كل عام. قامت منظمة اليونسكو بإدراج المعلم في قائمة التراث العالمي،فى الموقع لاحظت ان عدد السياح الأجانب أكثر من المواطنين الهنود على عكس تاج محل الذى يعج بالزوار من الهنود، وهى عادة مغايرة لما نحن عليه ، فالوطنيون فى الغالب لا يهتمون بزيارة المواقع الأثرية فى بلدانهم وكأنما هي مخصصة فقط للأجانب.بجانب دلهي القديمة والجديدة هناك فريداباد جنوب دلهي وهناك نوديا وغورغراون ذات الطابع الامريكي فى البناء .(2)لا تكتمل زيارة الهند دون التأمل فى واحدة من أهم الإنجازات البشرية فى مجال المعمار، تاج محل ، المصنف خامساً فى قائمة عجائب الدنيا السبع، فتاج محل تحفه معمارية لا يجود التاريخ بمثلها ، كما أن رمزية الوفاء للحب جعلت من المكان قبلة يحج إليها العشاق من كل أطراف الدنيا، ويقدر عدد زوار تاج محل يومياً بحوالي 15 الف زائر ، الرحلة الى تاج محل فى مدينة اقرا على بعد (200) كيلومتر جنوب شرقي نيودلهي ذكرتنى بالرحلة بالبص الى كوستى أو مدني الشارع الاسفلتى الضيق تتزاحم فيه المركبات من كل نوع ، على جانبي الطريق وعلى مد البصر تشاهد أدغالاً حيناً، وفلوات خالية وقرى مهجورة الا شريطاً على جانبي الأسفلت وهناك نقاط لتوقف الشاحنات تذكرني بمقاهي كردفان ودارفور التى تتوقف عندها اللواري في رحلتها الطويلة من ام درمان الى الفاشر يوم أن كانت تسير وهي لا تخشى إلاَّ وحل الخريف او الكثبان الرملية ، الهنود مولعون بتزيين الشاحنات بالوان ورسومات مزركشة وأحياناً يرسمون ما يعبدون من آلهة وهي كثيرة فى الهند ، على جانبي الطريق الجواميس ترتع فى أمان ، خطوط السكك الحديد التى اعترضت طريقنا تعمل بشكل جيد وصادفنا قطاراً يجر مئات عربات الشحن المحملة بالفحم الحجري. ولان الطريق أصبح معروفاً بكثرة السياح فتجد من يعرضون عليك البضائع الهندية على جانبي الطريق ومن يقدم فرجة مثيرة مقابل روبيات معدودة مثل ساحر الافعى الذى وجدناه عند مدينة فريد اباد يبث أنينه عبر ناي معقوف من القصب مما يجعل افعى الكوبرا ترفع عنقها الى اليمين والى اليسار فى حركات بهلوانية استدعت توقف البص لاخذ بعض الصور لهذا العرض من السيرك المفتوح.عندما وصلنا الى تاج محل قال لنا مرشدنا ونحن لا نزال على بعد كيلومترين من الموقع سنقوم بتغيير البص الذي أقلّنا من دلهي الى بص صغير يعمل بالكهرباء وذلك لحماية هذا الأثر من الدخان الذي تنفثه السيارات والمصانع المجاورة لتاج محل بعد أن لوحظ بأن بياض رخام تاج محل الناصع أصابه بعض من التلوث ، ولفتت انتباهنا الإجراءات الأمنية عند مدخل تاج محل حيث يتم تجريدك من الحقائب وإذا رغبت فى الدخول الى بهو القصر حيث قبر ممتاز محل فانت أمام خيارين إما خلع حذاءك أو إرتداء حذاء من القماش فوق حذائك مقابل روبيات لا أدري كم عددها لان المرشد الذى بعثته معنا وزارة الخارجية الهندية تكفل بذلك . وقصة تاج محل المعروفة للجميع تعود للإمبراطور شاه جهان الذي حكم الهند قبل أكثر من (300) سنة وقام بتشييد هذا البناء تكريماً لزوجته ((ممتاز محل)) حيث كان يحبها كثيراً لأنها كافحت معه وكانت مخلصة له وأنجبت له ستة أولاد، ولما توفيَّت العام (1630) حزن عليها زوجها الإمبراطور حزناً شديداً، وقرر أن يقيم لها أجمل مقبرة يمكن أن يشاهدها إنسان، فاستدعى المهندسين المعماريين من أنحاء العالم كافة ليتعاونوا على وضع تصميم مميز لهذا البناء. وبعد (18) عاماً أصبح البناء جاهزاً بعد أن اشترك في تنفيذه أكثر من (20) ألف عامل. وجلبوا له الحجارة الجميلة والرخام الأبيض المصقول من الهند ومصر والجزيرة العربية والتبت. ويبلغ إرتفاع المبنى حوالي (61) متراً كله من الرخام الأبيض، وكتبت عليه آيات من القرآن الكريم باللون الأسود. وتم ترصيع جدران المبنى بالأحجار الكريمة، وتزيينها بالعقيق وزهور عباد الشمس، وأحجار الفيروز في تنسيق رائع يبهر الأبصار ويسلب العقول، كما تحيط بالمبنى من كل جانب مجموعة من القباب الكبيرة والصغيرة غير المتصلة، والتي يبلغ إرتفاع بعضها (41) متراً. وكانت تحيط بالمبنى حديقة كبيرة تعتبر قمة في التخطيط والتنسيق الرائع حيث كانت تضم النافورات الجميلة والأشجار العالمية المشكلة بطريقة هندسية جميلة. وبعد وفاة الإمبراطور دفن في نفس البناء إلى جانب زوجته.(3) فى شوارع دلهي المزدحمة بالسيارات تسيطر الركشة على الشوارع والركشة الهندية ليست التى ألفناها بشوارع الخرطوم وام درمان- هذه موجودة- ولكن الركشة هناك عبارة عن دراجة تم تطويرها بإضافة مقعد خلفي وسقف تماماً كالركشة ولكن الدراجة لا تعمل من خلال موتور وانما يقودها شاب وربما شيخ تراه يلهث من شدة حر دلهي اللاهب وهو يقل شخصاً اواثنين لمشوار يمتد حتى (10 او 15) كيلومتراً أحياناً مقابل عشرة روبيات وهو مبلغ لا يتجاوز خمسين قرشاً، شرطة المرور فى دلهي فشلت فى كبح جماح الركشات التى بلغ عدد غير المرخصة منها حوالي( 7) ملايين ، الإستخدام الواسع للركشة كوسيلة مواصلات أحد معالم دلهي رغم وجود المترو والبصات الحديثة المجهزة بمكيفات للهواء والتي تستخدم وقوداً صديقاً للبيئة ، وتعتزم بلدية دلهي إستبدال البصات القديمة كافة باخرى حديثة بحلول العام 2010 إستعداداً لدورة ألعاب دول الكومنوليث التى ستستضيفها دلهي فى نهاية العام القادم و لإنشغال دلهي بتلك التحضيرات يلاحظ الزائر للمدينة أعمال البناء وإعادة البناء فى مواقع كثيرة حيث يجرى تحديث شامل لمحطات المترو وتشييد عدد من الجسور الطائرة.. والهنود يستخدمون كل وسائل النقل من دراجات وشاحنات و تراكتورات ويطوعونها لاحتياجاتهم الخاصة، فالركشة يمكن أن تحمل (15) شخصاً والتراكتور يتحول الى نقل الركاب وعربات الكارو تجرها جميع الحيوانات من الحمار الى الحصان وحتى الجمال والأفيال هذا بالإضافة الى التي يجرها الإنسان نفسه، حركة السير فى دلهي تعاني من إختناقات مرورية رغم الجسور الطائرة فهي مدينة (الفلايى اوفر ) بحق ، السمة البارزة للسيارات انها صغيرة الحجم وأغلبها صناعة او تجميع محلي وذات مقود (دركسون) يمين رغم ان الحركة يسار ، السائقون يستخدمون (البوري) بشكل دائم وصاخب لم أشاهد له مثيلاً إلا بشوارع القاهرة ، واللافت للإنتباه أن بعض المركبات تجد مكتوباً عليها وبأحرف كبيرة (هورن بليس) او اطلق البوري من فضلك ربما حتى يعلم السائق الذى يسير دون هدى من (المرايات العاكسة) مسارك.(4)ثمة مشتركات بين الصحافة الهندية والسودانية خصوصاً فى البدايات فكلاهما من صنع الإستعمار البريطاني وتم إستخدامهما من قبل الوطنيين كأداة لمحاربة الإستعمار ، ويتحدث مؤرخو الصحافة الهندية بكثير من الفخر بأن أحد أهم الذين كتبوا فيها عند انطلاقها المهاتما غاندي صاحب مشروع النضال السلمي ، ورغم ان الإستعمار البريطاني اعتقل الصحافيين واغلق الصحف التي تعارضه ولكن لم يمنع يوماً نشر مقال للمهاتما غاندي رغم أن كل مقالاته كانت مكرسة للنهوض بالهند ومطالبة بخروج المستعمر الانجليزي.فى الهند اليوم أكثر من (4000 ) مطبوعة من صحيفة الى مجلة بمختلف اللغات الهندية المتعددة، ولكن الدستور الهندى يعترف بـ (22 ) لغة، والصحافة باللغات المحلية وخصوصاً الهندو فهي الأكثر انتشاراً فاذا كانت صحيفة (TIMES OF INDIA) توزع لوحدها(10) ملايين نسخة في اليوم فهي لا تزال -وتلك من عجائب الهند- ليست في قائمة الصحف العشر الكبرى فى الهند لان الصحف الكبرى هى باللغات المحلية وهناك مجلة هندية اسبوعية هي (INDIA TODAY) توزع لوحدها (4) ملايين نسخة .مقروئية الصحافة في الهند عالية جداً ساعد فى ذلك أسعار الصحف فالنسخة بـ(2) روبية اي بمعنى انك تستطيع بدولار واحد الحصول على أكثر من عشرين نسخة مختلفة من الصحافة الهندية ، وعلى نحو ربما مغاير لوضع الصحافة فى السودان هناك انتشار واسع للصحافة الإقليمية ، ورغم الإنتشار الواسع للقنوات التلفزيونية أكثر من (300) قناة محلية فان عادة قراءة الصحف لا تزال متجذرة في المجتمع الهندي.دخول المرأة الهندية الى مجال الصحافة جاء مبكراً وشقت طريقها حتى أصبح لها نادٍ خاص بالصحافيات الهنديات ولكن هذا الطريق لم يكن مفروشاً بالورود والرياحين ، وقدمت لنا ضمن برنامج الكورس التدريبي الصحافية الكبيرة يوشا راى محاضرة عن بدايات المرأة الهندية مع الصحافة التى تعود الى ستينيات القرن الماضي عندما تقدمت برباها باهال للعمل فى (هندوستان تايمز) كصحافية متدربة بعد تخرجها فى قسم الصحافة بجامعة البنجاب وكانت متميزة ولكن رئيس التحرير رفض تعيينها بحجة ان الصحافة ليست للنساء فتركت العمل ، وجاءت فتاة أخرى درست الصحافة فى الولايات المتحدة وهي ابنة شخصية سياسية مهمة فعينت في الصحيفة التى رفضت برباها باهال وعندما علمت بذلك جاءت لرئيس التحرير فلم يجد سبباً لرفضها ، وبعد عام من تعيينها اندلعت الحرب الهندية الباكستانية فطلبت الذهاب لتغطيتها ميدانياً فرفض رئيس التحرير فتركت العمل مرة أخرى وعادت الى قريتها فى أميرستار على الحدود مع باكستان وهناك استطاعت الحصول على الأخبار من الجنود ومن مشاهداتها المباشرة، وبدأت فى كتابة التقارير وإرسالها الى نيو دلهي وكانت الأفضل فى تغطيتها للحرب، القصة طويلة ولكنها ترمز إلى التضحيات التى قدمتها من أجل الصحافة، وذات الصحافية لاحقاً ناضلت من أجل أن تعمل الصحافية ليلاً كما يعمل زميلها الصحافي.فى الهند مجلس للصحافة كما لدينا ولكن مجلسهم لا يفرض عقوبات ويكتفي فقط بتقديم النصائح التي في الغالب لا يأخذ بها الصحافيون بإعتبارهم يمارسون عملهم الصحفي دون وصاية من أحد. ومجلس الصحافة الهندي يتكون من رؤساء تحرير الصحف ويترأسه كبير قضاة سابق ومن اختصاصاته النظر فى نزاعات الصحافيين والمؤسسات الصحافية دون أن تكون هناك سلطة فرض عقوبات وتنفيذها وإنما يحدد الخطأ ويصدر كدليل دوري للصحافيين للإهتداء به كى لا يقعوا فى الخطأ.(5)أسواق المدن فوق قمتها الإقتصادية فهي ملمح حضاري ومعماري للمدينة ولدلهي أسواقها الخاصة فالسياح الباحثون عن السجاد والمجوهرات والمصنوعات اليدوية الهندية عليهم بكونات وكارول باغ وشاندى تشوك شديد الزحام ويقع قبالة بوابة القلعة الحمراء ومن أشهر أسواق المنسوجات الهندية (دلى هات) حيث الساري والبشمينا والكوترا وكل الأزياء التقليدية الهندية والمصنوعات الجلدية.. واما سوق أجهزة الحاسوب وملحقاتها وبرامجها فهو (نهرو بلاس) ستجد كل أجهزة الحاسوب بماركاتها المختلفة ، وفى قلب المدينة هناك سوق للسياح يعرض المنتجات الهندية والأناتيك التذكارية وهو سوق كونارماركت وغير بعيد منه وتحت الأرض يوجد (باليكا بازرا) الداخل لهذا السوق كالداخل الى سوق ليبيا بام درمان فالسوق يعرض كل شيء وليس هناك سعر نهائي كل شيء قابل للاتفاق ، الزحام الشديد والمنادون امام المحلات يسحبونك الى المحل لتشتري حتى وان لم تكن ترغب فى الشراء ، في هذا السوق يوجد محل لبيع العطور كالصندل صاحب المحل متخصص فى السودانيين يتحدث اللهجة السودانية ويعرف أسماء المدن والقبائل السودانية وحتى البضائع يعرضها على الطريقة السودانية، المثير انه يعلق لافتة مكتوب عليها (ممنوع الدين) وأخرى مكتوب عليها (قيمت قطعت) وهي ترجمة غير موفقة للعبارة الانجليزية (فكست برايس) أو سعر محدد، السودان والسودانيون فى قلوب أغلب الهنود ليس فقط تاجر العطور هذا ففي مقابلة خاصة لصالح مجلة تدريبية صدرت بنهاية الكورس قابلت الصحفي الهندي الكبير كومار اقاها الذي حيمنا علم إنني سوداني رحّب بي ترحيباً خاصاً وقال لي هل تعرف حاجة كاشف؟ ، قلت ومن لا يعرف حاجة كاشف؟ ، قال إنها علمتني ولها أفضال كثيرة على عدد من العائلات فى الهند منها عائلة غاندي الشهيرة ، وكانت كلما جاءت الى الهند تجد الإستقبال اللائق بها ، وأينما ذهبنا كوفد أفريقي كان بعض الزملاء يحتاجون الى تحديد الموقع الجغرافي لدولهم فى القارة الافريقية ويشكون من أن الهنود لا يعرفون إلا جنوب أفريقيا والسودان، ويوغندا، ففى الهند يكفي أن تقول أنا سوداني وستجد الجميع يعرف بلدك ولست بحاجة الى تقديم أىة معلومات إضافية ، السائق علي التابع لوزارة الخارجية والمكلف بترحيلنا من الفندق الى الجامعة يتكلم العربية التي تعلمها خلال وجوده فى السعودية قال لي: نحن فى الهند نحب السودانيين لأنهم (نفر كتير كويس) !

أفريقيا.. ديمقراطية الرصاص

أفريقيا.. ديمقراطية الرصاص
تجربة الانتخابات الكينية الدامية ليست غريبة في القارة السمراء وتتكرر في أغلب دولها بنسخ مختلفة
احد مناصري زعيم المعارضة (المهزوم) في انتخابات كينيا الاخيرة يرفع لافتة تقول «عيب عليك يا كيباكي (الرئيس) .. لقد افسدت علينا ديمقراطيتنا» (ا.ف.ب)
الخرطوم: اسماعيل آدم خاضت قبيلة التوتسي في بورندي حربا «مقدسة»، عندما سجل زعيم من قبيلة الهوتو فوزا ساحقا في اول انتخابات رئاسية تجري في هذا البلد الافريقي الصغير، عام 1992. ولم تتوقف الحرب التي حصدت ارواح الملايين من الطرفين. وكانت شرارة الحرب قد اندلعت إثر قيام ضباط من التوتسي بإسقاط طائرة كانت تقل الرئيس الجديد، ليقتل في الحادث، ولم تتوقف إلا بعد ان كسبها التوتسي حمراء، وحكموا البلاد بالقوة ضاربين عرض الحائط بكل توجهات البلاد الجدية، لبسط نظام ديمقراطي للمرة الاولى.
قصة كسر رقبة الديمقراطية في بورندي، وقبرها تحت الثكنة القبلية، ليست غريبة في افريقيا، فهي تتكرر في اغلب دولها البالغة 52 دولة، بنسخ مختلفة، واشكال وصور متباينة، وبأساليب تختلف من دولة الى اخرى، ولكن الحقيقة تعني شيئا واحدا: تعثر الديمقراطية في القارة السمراء، منذ ان بدأت تنال استقلالها من الاستعمار الغربي.
ولا يجد الدكتور ألباك ادم، الخبير في القضايا الافريقية، اي نموذج لديمقراطية سوية في افريقيا يمكن ان يحتذى، حتى انه يرى ان الزعماء الافارقة الكبار مثل باتريس لومومبا واحمد سيكاتوري ونيكروما وعبد الناصر واحمد بن بلة وهم جاءوا من رحم المعاناة والنضال إلا انهم لم يأتوا بأنظمة ديمقراطية او تقديم نموذج لها. وتقدم الاحداث الدامية التي تجري الان في كينيا بعد الانتخابات الرئاسية بين المتنافسين هناك، صورة من صور الصعوبات التي تواجه انزال الديمقراطية الى ارض افريقيا، كما قال لـ«الشرق الاوسط» السفير السوداني المخضرم والمحلل السياسي الدكتور بشير البكري. فقد اعلنت اللجنة الانتخابية الوطنية المشرفة على الانتخابات الرئاسة الكينية الاسبوع الماضي فوز مرشح الرئاسة والرئيس الكيني مواي كيباكي الذي يقود تجمع احزاب متحالفة باسم «الموزة» بولاية ثانية، إثر فوزه على منافسة رايلا اودينغا الذي يتزعم تجمع المعارضة في البلاد تحت اسم «البرتقالة»، او «الحركة الديمقراطية البرتقالية»، وقال رئيس اللجنة إن كيباكي فاز بفارق يفوق ثلاثمائة الف صوت.
على الاثر، ارتدى كيباكي افضل ما عنده من ازياء، واعتلى المنصة وادى القسم الدستوري، مستهلا بداية فترة رئاسية ثانية واخيرة له، ودعا الكينيين المرشحين وكافة الكينيين الى الاقرار بحكم الشعب، وقال: «بعد انتهاء هذه الانتخابات، حان وقت التعافي». ولكن الرياح لم تأت بما تشتهي سفن الرجل، فقد نوهت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الكينية الى شكوك حول مدى دقة عملية فرز الأصوات، بل اتهمتها بالفشل في ضمان مصداقية الانتخابات الرئاسية، واضافت «نأسف لانه لم تتسن معالجة التجاوزات التي كانت لدى الاتحاد الاوروبي واللجنة الانتخابية الكينية ادلة عليها».
وتحولت البلاد الى برميل بارود بفعل التصريحات المتبادلة بين «الموزة والبرتقالةش، قبل ان تنفجر البلاد برمتها، في اليوم التالي، وتسبح في بحر من الدماء، «وفتنة تركت مسارها السياسي وانزلقت في درك القبلية»، على حد تعليق الدكتور ابراهيم دقش الخبير الاعلامي والمدير السباق لإعلام منظمة الوحدة الافريقية، الذي تحدث لـ«الشرق الاوسط» في هذا الموضوع. وبلغ عدد القتلى حتى الان اكثر من 300 شخص، وتمترس الجميع خلف القبيلة بعد ان كانوا خلف كيباكي واودنقا. اندلعت حرب بسوس افريقية بين: بلُو (قبيلة أودينغا) ولا بكيكويو (قبيلة كيباكي). ولا يعتقد المراقبون ان هناك فرصة لكيباكي لتناول «عصير» الفوز. ولا يدرى احد في نيروبي الان الى اي وجهة تتجه كينيا، ناهيك من سؤاله عن مصير الديمقراطية من بين سيول الدم وألسنة النيران. وتبدو «الديمقراطية غريبة وفي ارض غير ارضها»، طبقا لتعليق الدكتور مختار الاصم استاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الذي قال لـ«الشرق الاوسط» ان «المبالغة في ضخ الوعود وتصوير الامور من قبل قوى غير مؤهلة لممارسة الديمقراطية هي السبب».
ويسجل المحللون ما يعتبرونه مظهرا داويا من مظاهر التعثر في الديمقراطية، في دولة نيجيريا اثناء الانتخابات الرئاسية التي جرت في ابريل (نيسان) الماضي. قبيل الانتخابات سعى الرئيس النيجيري السابق اوليسيجو أوباسانجو الى تعديل دستور البلاد ليسمح له بالترشح لولاية رئاسية ثانية، وعندمت اصطدمت بالرفض من قبل المعارضة، بل من انصاره داخل الحزب، لجأ الى طريق آخر، حيث بحث عن «اضعف مناصريه في حزبه»، وهو الرئيس الحالي عمر موسى يار أدو، وقام بترشيحه لمنصب الرئاسة ودعمه بكل قوة، حتى حقق الفوز في الانتخابات على منافسيه الاخرين. وبذلك فان أوباسانجو بات يحكم البلاد الان بالوكالة، كما يقول الصحافي
محمود الدنعو المتخصص في شؤون افريقيا. وحسب الدنعو الذي تحدث لـ«الشرق الاوسط» حول الموضوع فان «الرئيس الجديد شخصية مغمورة، كان فقط حاكم ولاية، ولكنه من الذين يمررون كل شيء لصالح الرئيس السابق اوباسانجو»، ويقول منتقدوه إنه «دمية» في يد الرئيس المنتهية ولايته اولوسيغون أوباسنجو الذي اختاره. وبعد أن ادى موسى يار اليمين الدستورية قال سلفه اوباسانجو في كلمة وداع انه «سعيد بتولي جيل جديد من زعماء نيجيريا مسؤولية إدارة هذه الأمة العظيمة»، لكن المعارضة وصفت ما جرى بالفوضى، وقال احدهم: «ما شهدناه يثبت أنها أسوأ انتخابات على الاطلاق». ثم انفتحت نيران جهنم في البلاد، عندما نظمت جماعات عمالية وجماعات المجتمع المدني مسيرات احتجاج على الانتخابات، ووصفوها بأنها «مزيفة»، حصدت ارواح العشرات من الاطراف المتصارعة، «وسيظل الرجل في اتجاهين، الاول ان يرد عمليا على من يتهمونه بالدمية.. ومن الناحية الاخرى يتعين على يار أدو محاربة الفساد المستشري في البلاد»، ولكن المحللين المتابعين للحالة النيجيرية عن كثب يقولون انه سيفشل في الاثنين.
ويتخوف محللون من ان يتطور هذا التعثر الى انتكاسة تامة في بلاد خضعت في الاصل لحكومات عسكرية صارمة متتالية واستمر 16 عاما إلى أن انتخب أوباسانجو رئيسا للبلاد عام 1999، حتى عرفها خبراء السياسة بـ«بلد الانقلابات العسكرية» (بلغت 15 انقلابا منذ الاستقلال من الاستعمار الانجليزي في العام 1960). وفي منتصف العام الماضي جرت انتخابات في اثيوبيا لولاية ثالثة للرئيس الاثيوبي ملس زيناوي الذي حكم البلاد منذ عام 1991، وسط شكوك كبيرة من المعارضة بالتزوير «خاصة في الريف حيث تسيطر الحكومة على الأراضي والأسمدة والقروض وأدوات الزراعة وتوزيع المساعدات الغذائية في أوقات الجفاف ما شكل جزءا من الضغط على السكان للتصويت لصالحها»، رغم ان الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، وهو احد المراقبين وصف الانتخابات الاثيوبية بـ«التحسن الدرامي» عن الانتخابات السابقة، الا ان المعارضة قالت ان «انصار زيناوي يتلاعبون عن طريق إعادة فرز الأصوات في الدوائر التي فازت فيها المعارضة». وادت الاضطرابات المصاحبة لرفض المعارضة للنتيجة الى مقتل 36 شخصا، ومع هذا يقول مقربون من الحكومة الاثيوبية ان زيناوي ربما شرع في مقبل الايام في التحضير لولاية رابعة، حتى لو كلفه الامر تعديل الدستور.
ولا توجد ديمقراطية خالصة في القارة، حسب قول الدكتور بشير البكري «حتى جنوب افريقيا التي تعتبر معلمة الديمقراطية بعد الفوز الداوي الذي حققه محررها من العنصرية الزعيم نيلسيون مانيلا في العام 1994. فديمقراطيتها تعاني الان من التعثر، ويقوم انصار الرئيس الحالي ثابو مبيكي بنبش قضية فساد ضد نائبه في الحزب جاكوب زوما، الذي فاز عليه في انتخابات حزب المؤتمر الوطني وصار على مرمى حجر من تولي الرئاسة. ويرى المحللون ان هذه الخطوة من مبيكي تمثل شارة ردة في مسيرة الديمقراطية التي وضع حجر اساسها مانديلا، ولكن يلاحظ محللون اخرون ان اختيار اتحاد «الفيفا» لجنوب افريقيا لتنظيم مونديال 2010، جاء من مدخل انها أول ديمقراطية تعددية افريقية حقيقية تلفت الاعناق.. ولكن.

كينيا : برتقالية ام حمراء؟

بدعوة زعيم المعارضة الكينية رائيلا اودينغا انصاره النزول الى الشوارع الاسبوع المقبل للتظاهر ضد الرئيس مواي كيباكي، تبدأ مرحلة قاتمة من الصراع فى كينيا، لاسيما ودعوة اودينغا تزامنت مع اعلان فعلى لفشل جهود التسوية السلمية بمغادرة الرئيس الغانى جون كفور الرئيس الدورى للاتحاد الافريقى والمبعوثة الامريكية جنداي فريزر العاصمة الكينية نيروبى دون احراز تقدم فى جهود الوساطة التى يقومان بها لانهاء الازمة السياسية فى كينيا التى تناسلت الى ازمات امنية وانسانية قد تعصف بالاستقرار السياسى وتعرقل وتيرة النمو الاقتصادى المتصاعدة، فعدد من المراقبين ابدوا خشيتهم من انهيار حلم (دبى افريقيا).
دعوة اودينغا الى التظاهر تواجه تحدياً كبيراً فى ضبط النفس الذى طالب به الامين العام السابق للامم المتحدة كوفى عنان الذى اعلنت كينيا امس رفضها لوساطته التى منيت بذات مصير مبادرات الاتحاد الافريقى والولايات المتحدة.
التحدى امام اودينغا وانصاره الغاضبين هو ان لا تنحرف تلك التظاهرات عن مسار الممارسة والتعبير الديمقراطى السلمى، وان تكون التظاهرات اشبه بالثورة البرتقالية فى اوكرانيا لاسيما وحركة اودينغا شعارها البرتقالة، والخوف ان تتدحرج التظاهرات من البرتقالى الى لون الدم الاحمر القانى والفرق فى التدرج بين اللونين ضئيل،التزام انصار اودينغا بالاحتجاجات السلمية وضبط سلطات الامن استجابتها لاستفزازات الجماهير من شأنه توفير ظروف افضل لدخول الاطراف فى حوار جاد لتسوية الازمة السياسية، التى لاحت فرص حلها وسط دخان المعارك وصخب طبول الفتنة الاثنية بجنوح الجميع الى الحوار.
التطور الخطير فى الازمة الكينية هو ما تناقلته الصحف بالاحد من اتهامات للحكومة الكينية الاستعانة بقوات من يوغندا لضبط الفوضى على حدودها، وسارعت الحكومة الى نفى تلك الآنباء، الحريق الكينى يمكن احتواؤه الآن قبل ان يتطاير الشرر الى الجيران ونار الحرب الكنغولية كانت من مستصغر شرر تدخلات الجيران ومنهم القوات الىوغندية التى سرت شائعات بانها توجهت نحو كينيا لحماية اثنية الكيكيو التى ينتمى الىها الرئيس كيباكى ولها امتدادات داخل يوغندا.

القمة الأفريقية.. هاجس النزاعات

تقرير: محمود الدنعوكرست قمة الاتحاد الافريقى الطارئة التى انهت اعمالها أمس بالعاصمة الليبية طرابلس لانشغال القذافى بقضايا القارة الافريقية، التى تعاظم الاهتمام بها فى ظل رئاسته الحالية للاتحاد الافريقى، وحشد القذافى اجندة القمة بعديد القضايا الساخنة فى القارة من قبيل ازمة دارفور ، وخفض حدة التوتر بين تشاد والسودان، والوضع الامنى والسياسى المتفاقم في الصومال وفي منطقة البحيرات العظمى، إلى جانب التطورات الأخيرة للازمات السياسية فى غينيا ومدغشقر، ولكنها انتهت الى ذات الخلاصات التى افضت اليها القمم السابقة. واعتمدت القمة فى ختام اعمالها مقترح العقيد القذافى بان يكون بند حل المنازعات بندا دائما على جدول اعمال قمم الاتحاد الافريقى،وخطة عمل خاصة بتسوية النزاعات فى القارة ، ما انتهت عليه القمة دون الطموح ولكن هذا لا يعنى ان عقد مثل هذه القمم عديم الجدوى، فهى على الاقل لفتت انتباه العالم الى ان هناك نزاعات فى القارة الافريقية وان زعماء القارة جادون فى مساعى ايجاد حلول لهذه النزاعات التى وضح بان اياد خارج القارة هى التى تدفع ابناء ودول القارة الى القتال المفضى الى الهلاك والتشرذم، وكان الزعيم الليبى العقيد معمر القذافى قد قال، فى كلمته الافتتاحية للقمة، إن «إسرائيل وراء أية مشكلة في أفريقيا»، داعيا إلى «طرد السفارات الإسرائيلية من الدول الافريقية كونها تسعى إلى إثارة الفتن بحجة حماية الاقليات ولكنهم لهم اطماعهم في أفريقيا». المهم ان القادة الافارقة فى قمة طرابلس تعهدوا ببذل الجهود اللازمة لمعالجة الاسباب الجذرية للنزاعات بطريقة شاملة ومنهجية بما يتوافق مع سيادة القانون والديمقراطية عبر الانتخابات والحكم الرشيد ونزع السلاح وضبط الاسلحة وحسن الجوار واكد القادة مجددا رفضهم التام للتغييرات غير الدستورية للحكومات وتعهدوا بتعزيز تدابير الوقاية من هذه الظاهرة والاستجابة لها وجددوا على ضرورة قيام الاعضاء بتشجيع الحكم الرشيد وسيادة القانون خاصة فيما يتعلق باجراء اصلاحات دستورية.الملفات الشائكة التى فتحتها قمة طرابلس واقرت فيها بأن شوطا كبيرا قد قطع في سبيل تسوية النزاعات في افريقيا خاصة فى بورندى وجزر القمر والكونغو الديمقراطية وليبيريا وجنوب السودان، ولكن اغلبها رحل الى العام القادم الذى اعتمده القادة الأفارقة عاما للسلم والامن والتنمية فى القارة، وطلبوا من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي اعداد برنامج مفصل يحدد الخطوات التى يمكن اتخاذها من اجل تشجيع السلم والامن والاستقرار فى القارة، وتلك هى المسألة تشجيع السلم والامن فى افريقيا وبناء سياج يحمى القارة من مستقبل النزاعات. اما النزاعات الراهنة فان وقفها يتطلب تضافر الجهود الاقليمية والدولية فالاتحاد الافريقى لوحده لن يكون بمقدوره حل النزاع فى الصومال مثلا لان طبيعته اكثر تعقيدا ولم تتقدم سوى دولتين افريقيتن بانهما تلتزمان بتعزيز قوات الاتحاد الافريقى هناك لحفظ السلام (المنشود) بالصومال ولو وجدت عمليات تسوية النزاع بالصومال الاهتمام الدولى على النحو الذى يجرى الآن لمحاربة القرصنة لأمكن التوصل الى تسوية لهذا النزاع ، والاهتمام الدولى مطلوب كذلك فى حمل اطراف التسويات السلمية بالبحيرات العظمى على الالتزام بتطبيق تلك الاتفاقيات على الوجه الذى يسهم فى عودة الاستقرار الى المنطقة.القمة التى لم تتخذ اجراءات من شأنها انهاء الحروب التي تشهدها بشكل عاجل ومستدام حظيت بحضور افريقى ودولي مميز برغم غياب رؤساء جنوب افريقيا جاكوب زوما والسنغال عبدالله واد ونيجيريا اومارو يار ادوا واوغندا يوري موسفيني، حيث شهدت الجلسة الختامية انضمام رئيس فنزويلا هوغو الذى قال «ان افريقيا الموحدة هي افريقيا الحرة» وقدم الدعوة للقادة الافارقة لحضور القمة الافريقية الاميركية الجنوبية الثانية التى تعقد يومى 26 و27 الجارى بفنزويلا مما يفتح نافذة جديدة للتعاون الافريقى اللاتيني والدخول فى شراكات منتجة بين دول الجنوب. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 2/9/2009م

الهند وباكستان البداية بالتجارة!

المتابع لتصريحات كبار المسؤولين فى الجارتين اللدوتين الهند وباكستان على الاقل خلال الاشهر الثلاثة الماضية يلاحظ تأكيداً من الجانبين باعتماد الحوار سبيلا واحدا لتسوية التوترات بينهما، وبعد لقاءات رئيسى الوزراء فى البلدين ووزيري الخارجية على هوامش قمم دولية سواء فى موسكو او شرم الشيخ بات واضح للمراقبين ان هناك نية بتجاوز مرارات الماضي ولكن يظل ملف تفجيرات بومباى التى شهدتها الهند فى نوفمبر الماضى وتتهم جارتها باكستان بانها تملك معلومات عن منفذى العملية وترفض تسليمها المتهمين او تزويدها بالمعلومات يظل هذا الملف حجر عثرة امام امكانية استئناف حوار تطبيع العلاقات الذى قطع شوطا مقدراً قبيل تفجيرات بومباى. حالة من التفاؤل الحذر سادت اجواء علاقات البلدين فى الفترة الاخيرة ولكن اشتراطات إستئناف الحوار قائمة وملتبسة لكونها تتقاطع مع قضايا اقليمية ودولية مثل الارهاب، فقد شدّد وزير خارجية الهند إس إم كريشنا على أنه لن يحصل أي تقدّم في العلاقات مع باكستان إلى ان تتخذ اسلام اباد خطوات فعلية لإنهاء عمليات التسلل والقضاء على البنى التحتية للإرهاب. وجاء الرد الباكستانى متجاوبا مع المخاوف الهندية من تجدد عمليات الارهاب وكان رئيس الوزراء الباكستان قد أوضح خلال لقائه مع نظيره الهندي منموهن سينغ في شرم الشيخ الشهر الماضي أنه أخبر نظيره الهندي أن باكستان تعاني بنفسها من مشكلة الإرهاب ولا يمكن تجميد الحوار بسبب أفعال عناصر لا تمثل أي بلد.والى حين رؤية بصيص من الضوء فى آخر نفق التوتر فى العلاقات بين البلدين ، والذى تحجبه غيوم الخلافات السياسية العابرة فضل البلدان التركيز على ما ينفع الناس من علاقات تبادل المنافع حيث حملت الانباء ان البلدين اتفقتا على استعادة العلاقات التجارية دون أدنى تأخير ضمن إجراءات بناء الثقة بين البلدين وباعتبارها احد بنود عملية الحوار المعلقة. تعزيز العلاقات والتبادل التجاري بين البلدين خطوة نحو انجاح الحوار متعدد المسارات والرامى الى ارساء دعائم علاقات جوار مثمرة بين البلدين مما يعزز الامن والاستقرار فى المنطقة والعالم باسره لموقع البلدين فى الخارطة السياسية الدولية .