Tuesday, April 24, 2007

من يستقوي بالآخر؟ افورقي وديبي فى الخرطوم


تقرير : محمود الدنعو
في وقت شهد فيه أفق علاقات السودان بالمجتمع الدولي انسداداً جديداً بتصاعد حملة التهديد والتحضير لحزمة عقوبات على السودان، وتسريب محتوى تقرير لجنة مراقبة حظر السلاح المثير للجدل، تنشط بموازاة ذلك حركة دبلوماسية بين السودان وجيرانه وتفاعل مع محيطه العربي والأفريقي في محاولة لكسر شبح العزلة الدولية، ومن بين زيارات قام بها رؤساء دول وحكومات وممثلون لمنظمات إقليمية ودولية للسودان في الأيام القليلة الماضية، تظل زيارة الرئيسين الاريتري والتشادي الأكثر إثارة للتساؤلات حول جدوى التقارب بين العواصم الثلاث بعد طول جفاء ، وهل يملك الرئيسان الاريتري والتشادي اللذان لا يندرجان فى صدر قائمة الاكثر نفوذا فى المنطقة من الاوراق، و(الروشتات) التى تصلح أية وصفة للخرطوم تتناول بها مضاداً حيوياً تستقوي به في معركتها الراهنة مع واشنطون ولندن، من جهة وفي تثبيت الأوضاع والتسويات غير المكتملة بدارفور والشرق من جهة أخرى، لكون البلدان ممسكين بملفات الشرق ودارفور ويلعبان ادواراً مفتاحية فى تسوية أزمتي دارفور والشرق، حيث ظلت ازمة دارفور البوابة التى تأتي منها رياح التدخل الدولي التى لا تهدأ قبل ان تقتلع الحكومة الراهنة من جذورها، زيارة الرئيسين الاريتري اسياس افورقي والتشادي ادريس ديبي توليها الخرطوم العناية الخاصة لانهما يمثلان بداية صفحة جديدة فى علاقات السودان مع جارين شابها التوتر فى كثير من الأحيان، وكانت اقصى طموحات الخرطوم أن تكون الجارتان اريتريا وتشاد على الحياد من صراعات السودان الداخلية فى الاقاليم المتاخمة لحدوده مع اريتريا شرقا وتشاد غربا ، حيث الحدود هناك مفتوحة بأوامر التاريخ والجغرافيا والتداخل ألاثني والمنافع المترابطة.
زيارة الرئيس ديبي المرتقبة فى اول مايو المقبل تكتسب أهميتها في تلطيف الأجواء بين الخرطوم وانجمينا التي عكر صفوها التحرشات الحدودية التي راح ضحيتها (17) جندياً سودانياً في الأيام الماضية وكادت تشعل أزمة حدودية لاهبة لولا نزول الطرفين وبسرعة إلى منطق العقل والدبلوماسية بإعلان تشاد عن اعتذار رسمي للسودان حمله وزير خارجيتها إلى الخرطوم ، ولكن الخرطوم تعول على زيارة دبي في تسريع جهود التسوية فى دارفور أكثر من المجاملة وتلطيف الأجواء ، ويستفاد في ذلك من تصريحات الرئيس البشير لقناة ''ون تي في'' الامريكية أنه سيتم خلال الأيام القادمة لم شمل الفرقاء في دارفور حتى يتم انفاذ اتفاقية أبوجا التي تعد الأساس لأي سلام في دارفور.وكان الرئيس التشادي إدريس ديبي أعلن أنه سيقوم بزيارة إلى الخرطوم قبل نهاية أبريل الجاري وذلك إستجابة منه لمبادرة القذافي لإحتواء التطورات التي استجدت في العلاقة بين تشاد والسودان وتأكيدا على إلتزام بلاده بإتفاق طرابلس للسلام الموقع بين البلدين برعاية الزعيم القذافي.
على عكس الرئيس التشادي فان حقيبة الرئيس الاريتري المتواجد الآن بالسودان تتسع لأكثر من ملف، وحسب موقع (شابيات دوت كوم) التابع لوزارة الإعلام فان مباحثات الرئيس افورقي فى الخرطوم تشمل العلاقات الثنائية وقضية دار فور ومسار تنفيذ اتفاق الشرق، وتتجه زيارة افورقي جنوبا الى جوبا عاصمة حكومة جنوب السودان لمراجعة تنفيذ اتفاقية السلام الشاملة سيما وافورقي يعتبر حليفاً استراتيجياً سابقاً للحركة الشعبية.
ويبقي سؤال محوري: ماذا ستجني الخرطوم من زيارات افورقي وديبي للخرطوم، وماذا لدى الرئيسين من نفوذ واوراق يمكنها اعانة الخرطوم فى مواجهة ازماتها الراهنة لاسيما مع المجمتع الدولي ، قياسا الى فتور علاقات الرئيسين الاريترى والتشادي مع المجتمع الدولي ومع واشنطون على نحو أخص ، وهل يمكن ان يطلق عليهم تحالف المغضوب عليهم، مما ينزع عن تحالفهم صفة القدرة على التأثير، فالإتهامات الامريكية للرئيس الارتيري بالضلوع فى تأجيج الاوضاع الامنية بالصومال وإدراج اسم بلاده فى القوائم الامريكية السوداء لمنتهكي حقوق الانسان والحريات العامة من جهة. وممانعة تشاد فى نشر قوات دولية على حدودها مع السودان، تقلل من التعويل على تطبيع العلاقات بين البلدان الثلاثة او محاولة تشكيل تحالف فى احداث اي نــوع من الانفـــراج فى دائـــــرة الضغوط الآخذة فى الاحتكام حول السودان، ام ان لقاء العواصم الثلاث لا يعدو ان يكون فى نظر واشنطون والمجتمع الدولي اكثر من لقاء بين (مطاريد الجبل) !

Sunday, April 15, 2007

تأجيل العقوبات الامريكية على السودان العصا أم الجزرة ؟

تقرير : محمود الدنعو
اظر لقرارالولايات المتحدة تأجيل فرض عقوبات جديدة علي السودان لعدة أسابيع، يجده يحمل العصا والحجزة معاً، فهو من جهة يفسح المجال للمحاولات الدبلوماسية لتلين موقف الحكومة الرافض لدخول القوات الدولية الى دارفور، ومن جهة اخري ينذر الخرطوم بان القادم اخطر لاسيما بعد ان تعثرت المساعي الدولية والاقليمية لإقناع الخرطوم بالتراجع عن موقفعا الرافض للقوات الدولية، جاء اعلان قرار التأجيل الامريكي كمهاد لزيارة نائب وزيرة الخارجية جون نيغروبونتي، ربما فى محاولة لتسوية الارض أمام نيغروبونتي الذى يأتي الخرطوم فى مهمة الفرصة الاخيرة، وهنا يصلح التأجيل كجزرة يقدمها نيغروبونتي فى الخرطوم وعصا يرفعها فى آن معا ليهدد بالعودة الى الوضعية الامريكية الضاغطة باتجاه فرض عقوبات جديدة على السودان، وقالت الولايات المتحدة فى حيثيات اعلان تأجيل العقوبات التى هددت بها انها تريد منح الامم المتحدة مزيدا من الوقت للتفاوض مع الخرطوم. وقال المبعوث الرئيس بوش الخاص للسودان أندرو ناتسيوس امام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الامريكي ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون طلب من الولايات المتحدة في نهاية الشهر الماضي الانتظار من أسبوعين الي أربعة أسابيع لتمكينه من التفاوض بشأن نشر القوة المختلطة لحفظ السلام التابعة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور. واضاف ناتسيوس احتراما للامين العام (للامم المتحدة) أجلنا، سأمنحه الاسابيع الاربعة. وقال المبعوث ان بريطانيا التي تعد مشروع قرار جديد في مجلس الامن الدولي ضد السودان طلب منها هي الاخري الانتظار أسابيع، وكانت لندن قد هددت فى تزامن و تناغم مع التهديدات الامريكية حيث دعا رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لفرض عقوبات دولية جديدة على الخرطوم لكونها تنتهك حقوق الانسان في دارفور. ودعا بلير الى تمديد الحظر على الاسلحة المفروض على السودان، وفرض عقوبات جديدة على مسؤولين حكوميين سودانيين.
وكان ناتسيوس نفسه قد اعلن ان العقوبات على السودان باتت جاهزة وتنتظر اعلان الرئيس بوش، ولهجة ناتسيوس المشحونة بالتهديد جعلت العالم يترقب اعلان العقوبات فى غضون ايام ان لم تكن ساعات خاصة بعد ان قال ناتسيوس ان الولايات المتحدة عيل صبرها امام عناد الخرطوم ورفضها للقوات الدولية، والعقوبات المأجلة التى لوح بها ناتسيوس ستشمل قيود على الشركات التي تقوم بأعمال فى السودان وحظر سفر المسؤولين الحكومين ومصادرة الودائع الخاصة بهم.
الانتقال من خانة الوعيد الى افساح المجال للدبلوماسية يفتح الباب امام عدة تساؤلات، فهل فقدت الولايات المتحدة الأمل فى سياسة الضغوطات التى مارستها على الخرطوم عبر مبعوثيها ومن خلال اصدقاء السودان فى المنطقة، لاسيما وناتسيوس كان قد عبر عن انزعاج شديد يصاب به بوش حين الحديث عن موضوع القوات الدولية ويرغب فى طي هذا الملف باسرع وقت ممكن عندما قال (كفى.. من الواضح تماما أن الرئيس (بوش) أشد غضبا من أي شخص اخر بخصوص هذا. انه ينزعج بشدة عندما يتحدث عن هذا الوضع)، فمن اين جاء بوش بهذا الصبر لاسابيع عدة؟!
عموما تتقاطع بالخرطوم تحركات دبلوماسية نشطة هذه الايام، فالشرق أتى والغرب أتى، وتابو امبيكي رئيس جنوب افريقيا فى زيارته الاخيرة لمراجعة اتفاقات السلام بالسودان مع المسؤولين تطرق للمرة الثانية الى موضوع القوات الدولية، وسبقه تشاي جون مساعد وزير الخارجية الصيني الذي قال ان بكين تستخدم نفوذها بطريقتها الخاصة، ورفض اقتراحات بان تذهب الي مدي أبعد وتلجأ الي التهديدات، ونتائج هذه التحركات لا تخدم الاتجاه الامريكي الضاغط ربما هذا سبب اضافي دفعها الى تأجيل العقوبات، وكان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ألفا عمر كوناري، قد افسد على الولايات المتحدة مسعها اللاهث لفرض قوات دولية على السودان عندما قال أن دعم الأمم المتحدة للقوات الأفريقية يجب أن يكون في الجوانب الإدارية والتمويل والدعم اللوجستي والفني.

Thursday, April 12, 2007

جون نيغروبونتي فى الخرطوم

كان روبرت زوليك نائب وزيرة الخارجية الأميركية السابق، كثيرالحل والترحال الى السودان وناشطا جدا فى ملف سلام السودان، وتشير تقارير اعلامية متواترة ان زوليك كان له السهم الاوفر فى اقناع مني اركو مناوي زعيم حركة تحرير السودان للتوقيع علي اتفاق ابوجا بينما امتنع عبد الواحد محمد نور قائد الفصيل الآخر للحركة، ولكن لعنة سلام دارفورعجلت برحيل زوليك من منصبه، فعجم بوش أعواد ادارته فلم يجد خلفاً لزوليك أسوأ من جون نيغروبونتي السفير او(الحاكم) الاسبق للعراق ومدير الإستخبارات القومية السابق.
نيغروبونتي الذى يزور الخرطوم فى مهمة تتعلق بمراجعة تنفيذ اتفاقيات السلام فى الجنوب ودارفور ومحاولة اقناع الخرطوم بقبول القوات الدولية بدارفور، وهى اجندة اعلنتها الخارجية الامريكية قبل تصريحات رئيس مفوضية الاتحاد الافريقى الفا عمر كوناري فى الخرطوم التى قال فيها : إن دعم الأمم المتحدة لهذه القوات يجب أن يكون في الجوانب الإدارية والتمويل والدعم اللوجستي والفني، وتعتبر تصريحات كوناري التى جاءت عقب لقائه بالرئيس عمر البشير نقطة تحول كبري فى موقف الاتحاد الافريقي من القوات الدولية، ليجد نيغروبونتي عندما يزور الخرطوم حائط الرفض قد ازداد طولا وسمكا بعد الموقف الافريقي الجديد، الامر الذي يجعل مهمة نيغروبونتي تبدو متعثرة اكثر مما كان يتوقع.
ولكن نيغروبونتي مهما كانت نتائج زيارته الاولى للسودان فسوف يثابر على ملف السودان عن كثب كما كان يفعل زوليك ، ومن سوء حظ السودان ان بوش لم يجد خليفة لزوليك غير نيغروبونتي الذى تحفل سيرته العملية بملف حافل بدعم عمليات انتهاكات واسعة لحقوق الانسان فى انحاء متفرقة من العالم خلال اكثر من ثلاثين عاما عمل فيها كدبلوماسي واستخباري في آسيا وأوروبا وأميركا الوسطى.
ففي العام 1964 عمل مستشاراً سياسياً في سايغون خلال الحرب الفيتنامية، وادار المفاوضات الأميركية الفيتنامية السرية ، وفي العام 1981 عمل سفيراً في هندوراس،واشرف على دعم متمردي الكونترا، وبين عامي 2001 و2004 عمل سفيراً لبلاده لدى الأمم المتحدة، فأمن لها الدعم الدولي في عدوانها على أفغانستان.