Wednesday, June 27, 2007

مؤتمر باريس حول دارفور


مؤتمر باريس حول دارفور..
نسخة فرنسية من التهديدات الامريكية
تقرير: محمود الدنعو
كما توقعت العديد من المصادر الاعلامية انتهي مؤتمر باريس أمس الاول حول دارفور، الى نتائج متواضعة قياسا الى الضجيج الاعلامي الذي رافق انعقاده، حيث اتفق المشاركون في مؤتمر باريس، على دعم الجهود الدولية الراهنة هناك وتنسيق الخطوات التي ستتخذ في المستقبل.ولكنه من جهة اخرى كرس التحرك الفرنسي اللاهث لتدشين العهد الساركوزي الجديد، المنفتح كليا على واشنطون، هو اهم عناوين المؤتمر وغاياته، فابتسامة الآنسة كوندا ليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية فى لقاءاتها مع الرئيس ساركوزي ووزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير تكاد تنطق بالحبور الامريكي لعودة الدفء الى العلاقات الفرنسية الامريكية وان على مائدة دارفور، وقد عقدت وزيرة الخارجية الأميركية رايس مؤتمرا صحافيا مشتركا مع نظيرها الفرنسي عشية انعقاد المؤتمر اطلقت خلاله،تهديدا لفظيا للخرطوم عندما دعت المجتمع الدولي: (التشديد على حكومة الخرطوم لتسمح بنشر قوة مشتركة في دارفور)، ومطلب رايس محسوم سلفا من خلال اتفاق اديس ابابا الاخير حول نشر القوات الهجين بدارفور، مضيفها الفرنسي اطلق هو الآخر تصريحات قللت من اهمية المؤتمر نفسه مما يدفع بفرضية ان دارفور ليست رأس اجندة المؤتمر المنعقد باسمها وذلك عندما قال: إن الاجتماع لا يهدف إلى صنع السلام في دارفور، لكن الغاية منه دعم الجهود الدولية، وتقديم الدعم المادي للقوة الدولية المشتركة في دارفور.
والملاحظ ان الوزير الفرنسي يتحدث عن دعم للقوة المشتركة بينما رايس تطالب بالتشديد على الخرطوم للقبول بها، والامران مختلفان فهل الهوة بين ابرز المشاركين فى مؤتمر باريس بهذا الاتساع فى فهم طبيعة الازمة وتطوراتها الراهنة،ام ان لكل منهما اهدافه الخاصة فى ارسال اشارات متضاربة.
الحالة (الساركوزية) التي تحاول طرح نفسها بملامح فرنسية وروح امريكية تتماهى مع اطروحات الرئيس الامريكي بوش المتشددة ، تجلت امس الأول فى فاتحة مؤتمر باريس حيث قال الرئيس الفرنسي إنه يتعين على المجتمع الدولي إبداء المزيد من الشدة إزاء السودان، في حال رفض التعاون بشأن إقليم دارفور، وعلى الطريقة الامريكية استخدم ساركوزي العصا والجزرة بقوله: (ينبغي على السودان ان يدرك انه في حال تعاون سنساعده بقوة وان رفض يجب ان نعتمد الحزم)، والمتابع لخطاب ساركوزي لا يلمس مفارقة عن الخطاب الامريكي الساعي الى المزيد من العقوبات والتهديدات على السودان ، وقال الرئيس الفرنسي ان ''الصمت يقتل'' مشددا على ان المؤتمر يهدف الى ''تعبئة صفوف المجتمع الدولي'' ووضع ''خارطة طريق واضحة''.
والمؤتمر بحث فى المساعدات الانسانية لسكان دارفور ولدور الامم المتحدة والاتحاد الافريقي لحفظ السلام بالاقليم فى وقت مازالت المساعدات المالية الفرنسية لدارفور منخفضة بالمقارنة مع الدول الاوروبية الاخرى. وتظهر ارقام الامم المتحدة ان باريس اعطت (39 ) مليون يورو (525 مليون دولار) في العام 2006 ثم (25) مليون يورو هذا العام.
وفى اطار تدشين العهد الساركوزي الجديد اصبحت باريس منصة اخرى لاطلاق نداءات المنظمات الدولية ذات الارتباط الوثيق بدوائر صنع القرار، وبالتزامن مع انعقاد المؤتمر اقترح مسؤولون وضع عائدات النفط السودانية في صندوق دولي لمنع الحكومة من ما أسموه ''تمويل اعمال القتل والقصف والتطهير العرقي'' في دارفور.
وكتب الموقعون على المقال الذي نشر في صحيفة ''ليبيراسيون'' الفرنسية ''للحد من امكانيات الخرطوم في الاستمرار في تمويل اعمال القتل والقصف والتطهير العرقي، على مجلس الامن الدولي انشاء صندوق الزامي خاص بالاستثمار النفطي تماما كما اقترحت 'هيومن رايتس ووتش' و'اجيس تراست'''.
ووقع على النص كل من ريتشارد غولدستون المدعي العام السابق للمحاكم الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة ورواندا ويان برونك رئيس بعثة الامم المتحدة الى السودان بين عامي 2004 و2006 وروميو دالير قائد قوة الامم المتحدة في رواندا خلال عملية الابادة (1994) وجودي وليامز رئيسة بعثة الامم المتحدة الى دارفور حائزة جائزة نوبل للسلام وهيومن رايتس ووتش وايجيس تراست.واضاف النص ''في اطار هذا الصندوق ستستمر الصادرات النفطية من دون توقف لضمان الاستمرارية لزبائن السودان مثل الصين''.وجاء في النص ان ''عائدات النفط ستوضع في صندوق الاستثمار لابقاء المبالغ المالية بعيدا عن العسكريين السودانيين ومليشيات الجنجويد'' المتهمة بارتكاب تجاوزات في حق المدنيين في دارفور ولاستخدامها لتمول الخرطوم مشاريع تنموية وانسانية.واغلاق الصندوق مرتبط بسلسلة من الشروط لا سيما ''الانتشار التام'' للقوة المشتركة و''وقف الهجمات'' التي يشنها الجيش السوداني والمليشيات على المدنيين في دارفور.
من جهة مغايرة كشف مؤتمر باريس مرة اخرى عن مفارقة الموقفين الصيني والروسي للمسار الامريكى الفرنسي الصاعد نحو المزيد من الضغوط على الحكومة السودانية، حيث، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر ياكوفينكو أن بلاده تعارض الضغط على الخرطوم من أجل حل قضية دارفور. فيما أعلن المبعوث الصيني الخاص إلى دارفور ليو غيجين على هامش المؤتمر إن «التهديدات والضغوط على السودان يمكن أن تأتي بنتائج عكسية». وأضاف المسؤول الصيني أنه «من أجل إيجاد حل للأزمة في دارفور، يتعين على المجموعة الدولية أن ترسل إشارات إيجابية ومتوازنة». وخلص الى القول: «أعتقد أن الحكومة السودانية راغبة وبصدق بتحسين الأوضاع الإنسانية غير أنها تلاقي صعوبات حقيقية بسبب غياب وقف جدي لإطلاق النار».
وشارك فى المؤتمر (11) دولة أوروبية اضافة الى خافيير سولانا، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كما حضره أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وأمين عام الجامعة العربية واليابان وجنوب أفريقيا والبنك الدولي والبنك الأوروبي للتنمية، بينما غاب السودان والاتحاد الافريقي المعنيان بالامر اصلا، مما اعتبره المراقبون فشلا للمؤتمر وبالتالي نتائجه.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home