Sunday, June 10, 2007

دارفور تحت بصر العالم

دارفور تحت بصر العالم
دخول التقنية الى فضاء المعركة
تقرير: محمود الدنعو
فى سعيه لحل ازمة دارفور الراهنة، استنفد المجتمع الدولي كل الحيل والتدابير، لحمل الحكومة السودانية للقبول بطرائق الحل التى يقترحها، وترى فيها الحكومة غير مصلحتها او غير مصلحة البلاد والعباد هكذا تقول، وفى غمرة الشد والجذب بين الحكومة والمجتمع الدولي حشد الاخير اسلحته كافة ، واولها الاعلام الذي ما انفك يصور ما يجري هناك على انها حرب ابادة جماعية تتواطأ فيها الحكومة مع مليشيا الجنجويد، وصار اسم الجنجويد بهذا الجرس الموسيقي وغرائبية التركيب اللغوي الكلمة الاكثر استهلاكا فى سوق الاعلام الدولي اليوم، ولان المعركة من قبل الطرفين لاثبات صحة مواقفهما وكسب تعاطف الرأي العام العالمي على اشدها، لاذت منظمات المجتمع المدني وتلك الناشطة فى مجال صيانة حقوق الانسان بالتقنية الحديثة ووظفتها فى مشروعها لتعرية الحقيقة من الزواية التى تراها بها، ولما كانت الحكومة السودانية لا قبل لها بتقنية دقيقة كالمراقبة بواسطة الاقمار الاصطناعية وعبر (Google - Earth)، تبدو المعركة التقنية غير متكافئة فى نوعية الاسلحة المستخدمة، ولكن آخرين يرون ان الغلبة ستكون للذي يمسك بالحقيقة وليس بالتقنية.
واهم مظاهر استخدام التقنية فى معركة دارفور الراهنة ، تتمثل فى اطلاق خدمة (Google - Earth) برنامجاً خاصاً يعرض صوراً عن دارفور، البرنامج المثير للجدل اطلق فى ابريل الماضي، بالتعاون مع متحف المحرقة اليهودية (Holocaust) فى واشنطون، وبأحدث تقنيات التصوير الفضائي تضع كل دارفور وكل القرى المحروقة وكل معسكرات النازحين بين يديك . يمكنك (زوم إن) zoom in) ) ومشاهدة أثر القرى المحروقة (بواسطة قوقل إيرث برو يمكنك رؤية أجزاء أواني الفخار المكسرة المحترقة). يمكنك أن تتسلل الى معسكرات كلمة وأبوشوك وكاس وترى خيام النازحين، هكذا يتم الترويج لهذه الخدمة الجديدة، وقبل ان ندخل القارىء فى متاهات اصطلاحية وفنية، نقول إن(Google - Earth) هو برنامج معد من قبل شركه قوقل المعروفة تقوم بعرض الكرة الارضية عن طريق الاقمار الصناعية ولكنها -أي الصور- ليست مباشر إنما التقطت ووضعت في قاعدة البيانات التابعة للشركة وهذه هي فكرة عمل البرنامج قاعدة بيانات زودت بالمعلومات والصور يقوم مستخدم بالاستفسار عن المعلومات التي يريدها. وإذا كنت تريد معرفة موقع معين فإن قوقل ايرث يضع المعلومات الجغرافية في العالم في متناولك ويحلق بك الى اي مكان في العالم بمجرد تشغيل البرنامج وتحريك (الماوس) فمن خلاله تستطيع البحث عن المستشفيات والمطاعم والمدارس واكتشاف المدينة التي تسكنها او أية مدينة تريد البحث عنها.
ويقول مطلقو برنامج قوقل ايرث عن دارفور، ان الموقع يوفر معلومات تصلح كأدلة دامغة على ممارسة الحكومة السودانية الابادة الجماعية فى دارفور وذلك من خلال (1600) صورة لقرى مدمرة ومحروقة، وبقايا( 100000) منزل ومستشفي ومسجد دمرها الجنجويد، كل هذه الصور والادلة تقول مديرة متحف المحرقة اليهودية سارا بلومفيلد انها ستجعل العالم لا يفلت هذه المرة ويتجاهل الذين يحتاجون الى مساعدته، فى اشارة الى سابقة رواندا المفزعة، واضافت ان الهدف هو حث الحكومات والمنظمات العالمية الى التحرك لدرء كارثة الابادة الجماعية.
من جانبه قال اليوت ساشارقي نائب مدير (قوقل دوت كوم) اكبر محركات البحث على الانترنت، نحن فى قوقل نؤمن ان التقنية الحديثة حافز للتحرك.
ويبقى سؤال حول من اين جاءت كل هذه الصور المنتقاة بعناية لتحقيق هدفها، يقول مطلقو الخدمة ان اهم مصادر الصور والمعلومات لديهم هى وزارة الخارجية الامريكية والمنظمات غير الحكومية والامم المتحدة ومتحف المحرقة اليهودية وافراد مصورون عادون.
احدث حلقات الحرب التقنية هو ما أعلنته منظمة العفو الدولية باتخاذها تكنولوجيا الأقمار الإصطناعية وسيلة لمراقبة منطقة دارفور، بهدف منع الهجمات ضد المدنيين في المستقبل. وأعلن الفرع الأميركي لمنظمة العفو الدولية، أنها المرة الأولى التي تستخدم فيها منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان هذه التكنولوجيا لرصد أهداف هجمات محتملة ومنع ارتكاب فظاعات في المستقبل ومحاولة إنقاذ الأرواح.
ودعت منظمة العفو سكان العالم أجمع إلى المساعدة على حماية (12) قرية تعتبر أنها قد تُستهدف بهجمات ميليشيات الجنجويد عبر مراقبة الصور على موقع ''عيون على دارفور'' على الانترنت. وأوضح لاري كوكس المدير التنفيذي للقسم الأميركي لمنظمة العفو، أن المجموعة تريد من خلال ذلك أن تثبت أن العالم يراقب الوضع عن كثب وحثه على قبول قوة حفظ سلام مشتركة بين الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي.
وقال كوكس في بيان إن دارفور بحاجة إلى جنود حفظ السلام لوقف اعمال القتل. وأضاف: ''نستفيد من تكنولوجيا الاقمار الاصطناعية لنقول للرئيس البشير اننا نراقب بانتباه للكشف عن اي انتهاك جديد لحقوق الإنسان''. وقال لارس بروملي من المؤسسة الأميركية للتقدم التكنولوجي الذي قدم النصيحة لمنظمة العفو لإعتماد هذا النظام، انه يمكن من خلال ذلك رؤية أكواخ مدمرة وحشودات جنود أو لاجئين فارين. ورأت ارييلا بلاتر مديرة مركز تفادي الأزمات في فرع منظمة العفو الأميركية أن هذه الصور التي ستكون متوافرة بعد أيام على التقاطها قد تستخدم في اطار ملاحقات قضائية.
دخول التقنية الى فضاء المعركة وبهذه الكثافة ، تبعث برسالة الى اطراف الصراع كافة ان ميدان العراك بات مكشوفاً امام العالم اجمع، مما يدفع باتجاه استبدال او استحداث تكتيات الصراع التقليدية ، ولكن هل ستدفع هذه التقنية والشفافية التى سترغم اطراف الصراع على التعامل بها ، الى الاسهام فى تحسين الاوضاع الانسانية فى دارفور وتدفع باتجاه التسوية السياسية للازمة.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home