Saturday, June 09, 2007

وزير خارجية فرنسا يزور السودان


وزير خارجية فرنسا يزور السودان
باريس على خطى واشنطون ولندن
تقرير: محمود الدنعو
فى محاولة ربما لتسوية الارض امام اقتراحات وزير خارجيته المثيرة حول دارفور، استبق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وصول وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى الخرطوم فى زيارته المعلنة يوم الاثنين المقبل، بإيفاد مبعوث السلام الفرنسي الخاص للسودان السفير هنري دو كونياك الى العاصمة الاريترية اسمرا حاملا رسالة من ساركوزي الى الرئيس اسياس افورقي، تضمنت ابتداء دعوة افورقي الى المشاركة فى مؤتمر حول دارفور بباريس فى الرابع والعشرين من يونيو الجاري تزمع الحكومة الفرنسية اقامته، والتشاور بين أسمرا وباريس حول سبل انهاء النزاع فى دارفور، وحسب موقع (Shabait.com) التابع لوزارة الاعلام الاريترية فان المبعوث الفرنسي اشاد بالدور الاريتري فى سلام السودان منذ اتفاق السلام الشامل واتفاقية ابوجا واتفاق الشرق.
التحرك الفرنسي الذى تبلور مع وصول الحكومة الجديدة عقب انتخاب ساركوزي رئيساً، وتعيين كوشنير وزيرا للخارجية، يتجه نحو التطابق مع الموقفين الامريكي والبريطاني المتشددين تجاه الخرطوم فيما يتعلق بمعالجة ملف ازمة دارفور، وكوشنير صاحب مفهوم التدخل الانساني،وفى مسعاه لحشد اجماع دولي لاقتراحه بفتح ممر انساني فى دارفور اعلن استضافة اجتماع ''مجموعة اتصال موسعة'' لوزراء الخارجية في 25 يونيو يتضمن مشاركة ممثلين من قوى كبرى مثل الولايات المتحدة والصين بالاضافة الى لاعبين أفريقيين أساسيين للضغط على السودان بخصوص دارفور، وبما ان اللاعبين الاساسيين من الافارقة الذين تعول عليهم باريس للضغط على الخرطوم لم يعلن عنهم كوشنير بعد، الا ان ارسال الرئيس ساركوزي مبعوثه الى أسمرا ربما يندرج فى هذا الاطار ولكن لا يستقيم ان تمارس اسمرا ضغطا على الخرطوم وهي تمد فى ذات اللحظة غصن الزيتون والمبادرات لتسريع الحل السياسي من خلال استضافتها اجتماعات توحيد صفوف الحركات غير الموقعة على اتفاق ابوجا، توطئة لدخولها فى مفاوضات التسوية النهائية مع الحكومة السودانية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية ان كوشنير سيزور السودان يومي العاشر والحادي عشر من يونيو بعد أن يزور تشاد، ويلتقي فيها مع الرئيس ادريس ديبي، بينما جدول لقاءات كوشنير فى الخرطوم لم تتضح بعد ولم تستطع الخارجية الفرنسية تأكيد ما اذا كان سيقابل الرئيس البشير ام لا ، ولكن الاكيد انه لن يزور دارفور رغم انها محور جولته الافريقية باستثناء محطة مالي، حيث يشارك فى حفل تنصيب الرئيس توماني توري لولاية جديدة ، والمتحدث باسم وزير الخارجية الفرنسي اكتفى بالقول ان الهدف الرئيس من أول جولة رسمية لكوشنير في أفريقيا هو إجراء محادثات بشأن العنف في دارفور،والسبل التي يمكن لفرنسا وحلفائها من خلالها المساعدة في تحسين الموقف في دارفور، ويستكشف كوشنير فى اولى جولاته الافريقية على ارض الواقع امكانية تطبيق افكاره المتعلقة بفتح ممرات انسانية عبر اراضي تشاد لنقل المساعدات الى دارفور، الامر الذي ترفضه تشاد ، وعبر عنه رسميا رئيس الوزراء التشادى نور الدين دلوا قصير كوماكوى في مؤتمر صحفي بانجمينا حين قال ان تشاد «ليست في حاجة لممر لانها تقيم تعاونا مثاليا مع هيئات الامم المتحدة والمنظمات الانسانية».
وكان كوشنير قد افصح عن اقتراحه المثير بفتح ''ممر انساني آمن انطلاقا من تشاد» في هامبورغ الاسبوع المنصرم عقب محادثات مع نظيره الصيني يانغ جيتشي في اطار اجتماع منتدى الاتحاد الاوروبي وآسيا. وقال كوشنير ''نفكر في عدة خيارات بما فيها اقامة ممر انساني آمن انطلاقا من تشاد''. واوضح ان ''الامر ليس الا فكرة حتى الآن ولكن لماذا لا نجرب؟''، وبعد ان اصطدم بالرفض التشادي وقوبل بالبرود من عدة جهات ، ولم يجد سوى ترحيبا وحيدا وحذرا من الممثل الاعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الاوربي عاد كوشنير بعد يومين ليقول ان التمكن من فتح ممر انساني «ليس بالامر الاكيد».
وقبل ان يغادر كوشنير اوربا فى طريقه الى افريقيا تحصل على دعم من دول مجموعة الثماني اعربت الاربعاء عن استعدادها لدراسة فكرة اقامة ''ممرات انسانية'' لمساعدة اهالي دارفور.واوضح اثناء مؤتمر صحفي اعقب اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثماني في بوتسدام شرق المانيا ''انها محاولة تنطوي على مخاطر. ولقد قبل اصدقاؤنا هنا هذه المخاطرة وسنعمل على القيام بها معا''.
وسعى كوشنير الى تهدئة مخاوف انجمينا والخرطوم قبل أن يصلهما بتوضيح ان اقامة ممر انساني لا تعني بالضرورة التدخل العسكري، ولكنه عاد وقال ان ذلك يمكن ان يكون فى اطار عملية للامم المتحدة، واوضح ان ''الامر يتعلق بمحاولة اقامة ممرات انسانية انطلاقا من مناطق قريبة من دارفور من تشاد و افريقيا الوسطى''
ولتسويق اقتراحه يبرر كوشنير الحاجة الى الممر الانساني بالبعد الجغرافي بين دارفور وبورتسودان، حيث تسلك المعونات الانسانية مئات الكيلومترات قبل ان تصل المحتاجين فى مخيمات دارفور او شرق تشاد ، ويتساءل كوشنير ''هل من الممكن تأمين وصول المواد الغذائية والادوية عن طريق الجو؟ اعتقد انه امر ممكن. هل من الممكن ان نفعل اكثر من اجل تأمين ممر بري الى منطقة تقع على بعد 300 الى 400 كلم (من تشاد)؟ انه ايضا امر ممكن''..
ويبدي كوشنير اهتماما خاصا بملف دارفور، ويمكن ادراج التحرك الحالي فى الوفاء بتعهدات قطعها كوشنير عشية تعيينه رئيساً للدبلوماسية الفرنسية بان يجعل قضية دارفور اولية ، ويسعى الى تعبئة اللاعبين الدوليين والاقليميين لحلها.
العهد الساركوزي الجديد فى فرنسا يريد تدشين نفسه من خلال ازمة دارفور، ولكن رؤية كوشنير للحل، من شأنها تقديم وعود الرئيس ساركوزي لافريقيا، بوجه مغاير لشعارات الشراكة مع افريقيا وبلدان المتوسط، التى نادى بها ساركوزي، فالتدخل الانساني رغم رومانسية المصطلح، يعتبر نسخة غير منقحة للاستعمار واعادة الهيمنة التى تجابه برفض عنيف فى افريقيا.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home