Tuesday, June 05, 2007

العقوبات الأمريكية... من وراءها؟

العقوبات الأمريكية... من وراءها؟
تقرير: محمود الدنعو
العقوبات الامريكية الاخيرة على السودان لم تكن مفاجأة، فطالما لوحت واشنطن بخيار فرض عقوبات جديدة على الخرطوم، واستخدمت كفزاعة لتليين موقف الخرطوم المتصلب تجاه نشر ذوي القبعات الزرق فى دارفور، كما ان الخرطوم ليست غريبة على العقوبات الامريكية وسبق لها ان تعاملت معها، وتكتسب خبرات فى ايجاد بدائل لتفادي ثأتير هذه العقوبات على اقتصادها الآخذ فى الانتعاش لا سيما بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية والتوسع فى انتاج النفط، ويقلل الكثير من المحللين الاقتصاديين من اهمية العقوبات فى اضعاف الاقتصاد السوداني والقطاع الحكومي على نحو اخص، كما انها لن تفلح فى تحسين الاوضاع بدارفور وهو ما خلص اليه استطلاع للرأي وسط الامريكيين انفسهم أجرته شبكة «سى. ان. ان» حول تأثير عقوبات بوش الاقتصادية على تحسين الوضع في دارفور، وقد شارك في الاستطلاع حوالى (15000) شخص (86%) منهم قالوا أن العقوبات الاقتصادية لن تحسن الأوضاع، بينما أجاب (14%) بنعم.
وقال المحلل الإذاعي دانيال شور إن أزمة دارفور والسياسة التي تتبعها حكومة الخرطوم في التعامل مع الأزمة يضع الرئيس بوش أمام اختبار وتحد جديدين لقدرته على قيادة العالم. واعتبر أنّ فرض بوش عقوبات اقتصادية على الخرطوم سوف يتبع إجراءات أخرى مستقبلا تزيد من احتمال المواجهة. أما جون برندغرست المسئول السابق في إدارة بل كلينتون، فقد وصف العقوبات الأمريكية بالمحدودة والمتأخرة. وتساءل عن سبب وراء قيام الولايات المتحدة بتحريض دول العالم للتدخل في حالتي إيران والعراق بينما لا تحرك ساكناً في حالة السودان.
وبعيدا عن تقليب السيناريوهات المحتملة عند انفاذ العقوبات من طرف واحد، والجهود لحشد اجماع دولي عليها يبدو عسيراً فى ظل انقسامات واضحة فى نهج التعامل مع الحكومة السودانية ومساعدتها لتجاوز أزمة دارفور، يظل السؤال الرئيس من يقف وراء التصعيد الامريكي الاخير الذي جاء فى وقت انخفضت فيه حدة الخلافات بين السودان والامم المتحدة حول معالجة ازمة دارفور وكادت اتفاقات حزم الدعم الثلاث تردم المسافة بين رؤية الحكومة ورؤية الامم المتحدة والمجتمع الدولي لحل الازمة، كما ان على الطرف السياسي جرى تسخين ملف التسوية السياسية من خلال مبادرات اقليمية ومن خلال مبادرة حكومة الجنوب لتوحيد صفوف معارضي اتفاق ابوجا من الفصائل الدارفورية وصولا الى رؤية تفاوضية واحدة توطئة لاستئناف التفاوض مع الحكومة، اعلان الرئيس الامريكي للعقوبات المحتملة على السودان وفى هذا التوقيت وبالمبررات التى ساقها فى خطابه، تجعل من سؤال من يقف وراء هذا القرار، سؤالا مفتاحيا لدراسة السيناريوهات والمآلات اللاحقة للقرار، حيث يرى جيفري بيرنباوم من صحيفة «نيويورك تايمز» ان جماعة قليلة مثل «تحالف انقاذ دارفور» في العامين الماضيين بعثت بنداءات هائلة الى اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب طلبا للمساعدة، ونظمت مظاهرات احتجاجية وبثت كميات كبيرة من الاعلانات عبر شبكات التلفزيون، وهذه النشاطات جعلت قضية دارفور مطروحة على الرأي العام وكانت وراء قرار الرئيس بوش بفرض عقوبات اقتصادية على السودان.
وبما ان جيفري اعطى هذه المجموعة كل الثقل الذي يضعها خلف قرار خطير كهذا، فى محيط لجماعات الضغط الكلمة الفصل فى معظم مجريات السياسة الخارجية الامريكية ، يتفرع جانبية عن السؤال الرئيس ما هو تحالف انقاذ دارفور، ومِمّ يتكون وما هي مصادر قوته، يقول الكاتب جيفري: يعمل في التحالف طاقم من (30) شخصا لديهم خبرة في السياسة والرأي العام. وميزانيتها تصل الى ما يقرب الـ(15) مليون دولار في آخر سنة مالية. ويأتي تمويلها من افراد ومن بعض الشركات في قائمة مجلة فورتشن لاكبر (500) شركة امريكية التي تدفع مبالغ مماثلة لتلك التي يتبرع بها العاملون فيها، ومن الصناديق مثل صندوق OAK وصندوق PUBLIC WELFARE .
ويرفض تحالف «انقاذ دارفور» الكشف عن قيمة نفقات الاعلانات، التي حاولت هذا الاسبوع احراج الصين، التي تستضيف اولمبياد 2008م، بتقليل دعمها للسودان. الا ان المتحدثة باسم التحالف قالت ان المبلغ يصل الى عدة ملايين من الدولارات.
وذكر الخبراء في الكونغرس ان جهود التحالف هي التي كانت وراء خلفية سياسة بوش الجديد. وقال السناتور جوزيف بيدن الديمقراطي عن ولاية ديلوار ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ ان جهود انقاذ دارفور للضغط على الادارة والكونغرس وجعلت القضية مطروحة كانت لها تأثيرات كبيرة. وذكر المتحدثون باسم ادارة بوش، ان قرار الرئيس بفرض عقوبات كانت تعتمد على معلومات المستشارين المباشرة عن الوضع المتدهور في المنطقة. ولكنهم اعترفوا ان دور الجماعات مثل انقاذ دارفور كانت اساسية في جعل القضية ذات اولوية.
وقال غوردون جوندرو المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني ان «جماعات الضغط تلعب دوراً جيداً في اطلاع المواطنين الامريكيين حول العديد من القضايا التي لا تظهر دائما في نشرات الاخبار. وتستمع الادارة بصفة منتظمة وتتحدث مع انقاذ دارفور وغيرها من الجماعات».

0 Comments:

Post a Comment

<< Home