Monday, June 18, 2007

الضفة والقطاع ما بعد الحريق


الضفة والقطاع ما بعد الحريق
من يوقف سيناريو تجزئة السلطة الفلسطينية
تقرير: محمود الدنعو
التصعيد الراهن فى فلسطين يطرح سيناريوهات عديدة للخروج من الازمة السياسية التى تهدد بنسف السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن اكثر السيناريوهات قتامة واحتمالات تطبيقه واردة بنسبة عالية، هو السيناريو الذي يرمي الى تفتيت السلطة الوطنية الى حكومة معتدلة تحظى بالقبول والرعاية الدولية فى الضفة الغربية ،بزعامة حركة فتح واخرى متشددة ومارقة عن الاجماع الدولي بزعامة حماس فى غزة، والشواهد يمكن التقاطها من ارض المعركة فى غزة حيث سيطرت حماس على المقار الامنية ذات الاغلبية الفتحاوية مما اعتبرته فتح انقلابا عسكريا على السلطة ، وردت فتح على ذلك بانقلاب سياسي استخدمت فيه الوسائل الدستورية لتحل الحكومة وتعين حكومة تسيير طوارىء لا تحظى بقبول حماس.
من شواهد ترجيح سيناريو التفتيت، ذلك الدعم الذي تحيط به الولايات المتحدة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فمن وارد الاخبار ان عباس التقى امس السبت بالقنصل العام الأمريكي جاكوب واليس في رام الله قبيل ساعات من أداء حكومة الطوارئ يمين القسم، بحسب الأسوشيتد برس، ولقاء عباس جاكوب سبقه اعلان وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس عن دعم الولايات المتحدة الكامل لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، و''مساعيه لإنهاء أزمة الشعب الفلسطيني هذه لإتاحة الفرصة لهم في العودة والعيش في سلام ومستقبل أفضل''. والتقارب بين ابومازن وواشنطون يذكي نيران المخاوف من وجود نية فعلية لدى واشنطون لدعم مخطط تقسيم فلسطين الى قيادة (فتحاوية) فى الضفة يحشد حولها الدعم الدولي واخرى (حماساوية) فى غزة يضيق عليها خناق العزلة الدولية.
الدعم الامريكي يتطابق مع النوايا والمخططات الاسرائيلية ، ومحادثات رئيس الوزراء الاسرائيلى ايهود اولمرت مع الرئيس الامريكي جورج بوش هذا الاسبوع فى البيت الابيض ستبحث سبل دعم محمود عباس، حيث قالت ميري ايسين المتحدثة باسم اولمرت ان ''المسألة الفلسطينية ستكون محور المحادثات وما حصل الاسبوع الماضي في قطاع غزة يشير الى انها مسألة ملحة''.وتابعت ان ''بوش واولمرت سيبحثان في سبل دعم عباس''.
وقال محللون استطلعهم موقع (ميدل ايست اونلاين) إن رد فعل الولايات المتحدة على استيلاء حركة ''حماس'' على غزة ربما يتمثل في تقديم الدعم للضفة الغربية وعزل حماس. و رأى جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ''بعد أن ينقشع الغبار أعتقد أن السياسة الاميركية ستقوم على ابراز الضفة الغربية كنموذج لما يحدث للناس الذين يتعاونون، وقطاع غزة كنموذج لما يحدث لمن لا يتعاونون''.لكنه أضاف أن مثل هذه الاستراتيجية قد يكون لها آثار عكسية بسبب عدم كفاءة فتح في الحكم ولان عزل غزة قد يجعل القطاع مكانا أكثر تطرفا يمكن شن هجمات على اسرائيل من خلاله بالاضافة الى نشر العنف في المنطقة.
أما أرون ميلر المسؤول السابق بوزارة الخارجية والخبير في الشؤون الاسرائيلية الفلسطينية فقال ''الخيارات الآن سيئة للغاية''. وأضاف ''ما لم يعد واضحا هو ان كان حل قيام دولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني ممكنا''.وتابع ''عزل غزة لاخضاع حماس لن يجدي نفعا. لن يسهم ذلك سوى في زيادة الاحساس باليأس والعجز وسيفتح الباب لجماعات ذات أيديولوجيات أكثر تطرفا''.
الاتجاه لدعم حكومة بالضفة فى مقابل عزل غزة يجد الدعم من الولايات المتحدة واسرائيل ودول أوروبية ابدت استعدادها لتخفيف الحظر على المساعدات لحكومة الطوارئ التي يشكلها عباس في الضفة الغربية بعد حل حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها اسماعيل هنية من حماس.وقال مسؤولون فلسطينيون إن إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش أبلغتهم بانها سترفع الحظر على نقل المساعدات الذي فرض على السلطة الفلسطينية بمجرد أن يكتمل تشكيل حكومة الطوارئ في الضفة الغربية المحتلة. ولكن يبقي سؤال فى مقابل هذا البناء الدولي على خيار عزلة حماس: هل من مصدات محلية وعربية لتفادي مصائر (لبننة) او(عرقنة) فلسطين، فى خطاب حماس السياسي الذي ينطق به خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، اطفاء لفتيل الفتنة ونزوع نحو التهدئة واعمال العقل ويستفاد فى ذلك من المؤتمر الصحفي لمشعل الذي دعا فيه لاعادة فتح الحوار مع حركة فتح، وقال ''ما جرى في غزة باختصار هو خطوة اضطرارية للتعامل مع حالة
ارادت ان تفرض نفسها على الجميع على اخواننا في حركة فتح وعلى المشروع الوطني. شعبنا من سنوات يعاني في الشأن الداخلي من الفوضى الامنية والشأن الامني''. ودعوة مشعل للحوار وتأكيده على احترام رمزية عباس كرئيس للسلطة ، والرسائل السياسية التى بعثها لعدة جهات بما في ذلك اعطاء آمال غير قطعية بقرب الافراج عن الصحافي البريطاني الن جونسون ، وقوله من دمشق (لسنا فى جيب احد) جميع هذه، شكلت حالة انتصار سياسي لحماس بموازاة سيطرة ميدانية على غزة ، وفي المقابل كان رد أحمد عبد الرحمن المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني على دعوة مشعل للحوار بان ''لا حوار مع الانقلابيين مهما كانت الاعتبارات''.
الدول العربية من جانبها التزمت الحياد فى الصراع الداخلي الفلسطيني وهو موقف يجب ان يعزز ، عندما طالب وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الطارئ في القاهرة الجمعة الفصائل الفلسطينية المتناحرة وقف الاقتتال وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في القطاع قبيل المواجهات الأخيرة. واعلان الوزراء تشكيل لجنة تقصي حقائق ما جرى في غزة وإصدار تقرير في هذا الشأن في غضون شهر، وتتكون اللجنة من ممثلي رئاسة القمة (العربية التي ترأسها السعودية) ومجلس الوزراء (العرب للشؤون الخارجية الذي ترأسه تونس) وجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر باعتبارها العضو العربي في مجلس الأمن والأمانة العامة للجامعة العربية.''، يعتبر هذا التطور مهماً فى اسلوب الجامعة لمعالجة
القضايا العربية. ويبقى من المهم لتفادي سيناريو التفتيت ان تعود الفصائل الفلسطينية الى طاولة الحوار تحت مظلة الجامعة العربية كما دعا خالد مشعل، وان تطرح الاطراف كافة وبشفافية الاسباب المتراكمة التى حالت دون ان تنجح الاتفاقات السابقة فى حقن الدم الفلسطيني والمحافظة على الوحدة الوطنية.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home