Saturday, March 11, 2006

فى رحيل على فاركا !


برغم ان ما يشبه الاجماع لدى نقاد ومتذوقى الموسيقى الافريقية ان مناطق الاشعاع الموسيقى تتمحور حول وسط وشرق افريقيا ، وان انهار الطرب الافريقى تنبع من حول البحيرات العظمى ومن زائير سابقا والكنغو راهنا ان شئت الدقة ، ومن ايقاعات (الزايكو) ان اردت الرقص ، ولكن موسيقيو ومطربو الغرب الافريقى هم الاكثر حضورا واضافة فى المشهد الدولى ، ودون ان تغمض بابا ويمبا والبرفسور كوفى اولوميدى اساطير الموسيقى الشرق افريقية وسفراءها المتوجين فى الغرب حقهم فى الاعتراف بفضلهم الثقافى على القارة فان بابا مال ويسو اندور وكوتى الاب والابن وعلى فاركا من الغرب الافريقى اسهموا اسهاما باهرا فى نقل الموسيقى الافريقية الى مصاف العالمية ، وشد ما يطربنى ويعجبنى فى هذه المجموعة اعتدادها بموسيقاها المحلية لحنا واداءا وآلات وطرائق عزف ، لفتت لهم آذان وعيون العالم، والسامع لهذه المجموعة يجدها فى حالة تماس وتقاطع مع الموسيقى العربية، وكما يلحظ اثرا وبعدا صوفيا لاسيما لدى يسو اندور وبابا مال.
اما الذى استدعى هذه المقدمة الطويلة هى مناسبة حزينة على افريقيا ، التى ودعت الاسبوع الماضى ، واحداً من هؤلاء الرائعين الذين اطلوا على العالم بوجه غير الذى تصوره لنا وسائل الاعلام العالمية عن افريقيا ، انه الجيتارست الابرع والابدع المالى على فاركا تورى الذى توج بجائزتين من جوائز غرامى الموسيقية العالمية ، وهى ارفع تقدير موسيقى من اهل الخبرة والمعرفة الموسيقية فى العالم لواحد من اكثر الموسيقيين التصاقا بمورثه المحلى وانكبابا عليه ليخرج اجمل ما فيه ويقدمه للعالم فى قالب عصرى وروح تقليدية ، وبرع فاركا فى العزف على آلة (غوكل) الوترية التقليدية منذ صغره ثم انتقل الى آلة الجيتار ،فاخرج منها اعزب الالحان والهم موسيقيين غربيين اعترفوا بفضله عليهم امثال رى شارلز وجون لى واوتس ريدنغ.
عبرالاعلام المالى عن الخسارة الكبيرة للفن والثقافة برحيل احد اركانها الموسيقار والمطرب على فاركا ، الذى يلقب فى الغرب (ببلوز افريقيا) ولكنه طوال فترة توهج نجمه الفنى الذى بزغ فى مطلع السبعينات وفيا لصحراء شمال مالى حيث ولد لناسها وتقاليدها وموسيقاها واساطيرها ، وكان آخر البوم صدر لفاركا هذا العام حمل عنوان (فى قلب القمر )، ومعلوم مدى ثراء دلالة القمر لدى الصحراويين فى لياليهم الحالكة والجافة .

0 Comments:

Post a Comment

<< Home