Saturday, March 04, 2006

وقائع يوم اسود فى نيروبى


حتى منتصف ليل الاربعاء كل شىء فى بناية (آى اند ام) بالمركز التجارى للعاصمة الكينية نيروبى حيث مجموعة استاندر الاعلامية كان يمضى بهدوء، وفى شارع ليكونى الذى يربط المنطقة الصناعية بالمدينة لاصوت يعلو فوق اصوات ماكينات المصانع ، ولكن مابين الثانية عشرة والنصف والواحدة من صباح الخميس، كل شىء قد تغيير، اكثر من 30 شرطياً مدججين بالسلاح ومتخفين خلف اقنعة وبزات مدنية يقتحمون المقر الرئيس لمجموعة استاندر التى تصدر صحيفة استاندر الشهيرة وتلفزيون (كى تى ان ) ويقطعون ارسال برامج التلفزيون التى كانت تبث على مدى الاربعة والعشرين ساعة، فتتوقف لمدى 13 ساعة ، وفى ذات اللحظة تقتحم قوى اخرى المطبعة التابعة للمجموعة فى شارع ليكونى وتحبس العاملين فى غرفة واحدة وتجردهم من هواتفهم النقالة وتضرم النار فى نسخ الخميس من صحيفة استاندر.
وحتى تلك اللحظة لا يعرف منسبو استاندر سوى فى المقر الرئيس او المطبعة هوية المهددين المدججين بالسلاح، ومع ارتفارع شمس الصباح، تصحو المدينة على كارثة اخرى تضاف الى سلسلة فضائح الفساد، وهى محاولات الحكومة تكميم افواه الصحافة والصحافيين وقطع السنتهم اللاهجة بذكر الفساد والمفسدين وضرورة محاسبتهم، ومع ارتفاع الاصوات المنددة بهذه العملية وتركيز توجيه اصابع الاتهام فيها الى الحكومة التى زجت قبل ايام بثلاثة من محررى الصحيفة فى السجن لنقلهم خبرا يفيد بان لقاءا سريا قد عقد بين الرئيس كيباكى وقطب المعارضة كالينزو مسيوكا وقد نفى الرجلان صحة الخبر واللقاء معاً، وقبيل انتصاف نهار اليوم الذى وصفه المعارض اوهورو كينياتا بالاسود ، اعترفت الحكومة على لسان وزير الامن الداخلى بانها من نفذ الهجوم على استاندر ، بحجة انها تهدد امن الدولة .
ان الاعتداء على حرية الاعلام بهذه الطريقة ، يعكس مدى الاضطراب الذى تعانى من حكومة إئتلاف (الناراك) بزعامة كيباكى الذى انفرط عقده بتفشى الفساد ، ذلك الفساد الذى لو لا طرق الصحافة الكينية الحرة المتواصل له ، لما وصل الى مرحلة استقالات الوزراء وبدء التحرى واخذ الشهادات امام المحكمة من بعض المسؤولين ، ان ردة الفعل العنيفة هذه تكشف الازمة التى تمر بها حكومة كيباكى فى كينيا، وتشير من طرف آخر الى ان لدى مسيوكا الذى ترشحه اوساط اعلامية وسياسية نافذة لرئاسة كينيا فى مرحلة ما بعد كيباكى الذى اصبح بقاؤه فى السلطة رهيناً بانتهاء ولايته فى 2007، وبالتالى تغضب وتثور حكومة كيباكى كلما تعلق الامر بمسيوكا ، ففى نهاية يناير الماضى قدمت الخرطوم دعوة لمسيوكا وهو احد مهندسى ووسطاء مفاوضات السلام التى انتهت بتوقيع الحكومة السودانية والحركة الشعبية على اتفاق انهى عشرين عاما من الحرب ، ولهذا السبب دعت الخرطوم مسيوكا الى قمة الاتحاد الافريقى ارسلتها له عبر السفارة الكينية فى الخرطوم ، فاستشاطت حكومة كيباكى غضبا واستدعت السفير الكينى من الخرطوم لتوبيخه باعتبار ان مسيوكا خارج الحكومة وما كان له ان يكون رسولاً لمعارض.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home