Tuesday, February 14, 2006

الحريرى الغائب الحاضر !

تشهد اليوم ساحة الشهداء فى وسط بيروت احياء الذكرى الاولى لإستشهاد رفيق الحريرى رئيس وزراء لبنان الاسبق الذى اغتيل فى مثل هذا اليوم من العام 2005 ، فى حادثة اشعلت فتيل الفتنة وادخلت لبنان فى نفق مظلم وهزت كل ثوابت الوشائج الاقليمية ، عام مضى على رحيل الحريرى لم تسبر اغوار الحقيقة بعد ، ربما نحتاج الى سنوات وسنوات حتى تنجلى الحقيقة كاملة امام اعيننا ، ولكن الجميع غرق الآن فى دوامة البحث عن اوإخفاء الحقيقة ، ومسيرة البحث عن الحقيقة تعتورها لهفة التواقين الى كشفها وحرص الساعين الى طمرها ، وبين هؤلاء واولئك تنسرب المنطقة الى مجاهل من عدم الاستقرار السياسى والفوضى الامنية فعملية اغتيال الحريرى تناسلت الى سلسلة اغتيالات طالت الصحفيين قصير وتوينى وآخرين ، واعادت تشكيل الخارطة السياسية فى لبنان وسوريا على نحو يشى بنسف جسور العلاقة بين البلدين الجارين .
النار التى اشتعلت باغتيال الحريرى وظلت تلتهم علاقة الجوار السورى البنانى صب رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط زيتا كثيفا عشية التحضير للاحتفال بالذكرى الحزينة عندما كشف للمرة الاولى ان وجود خريطة للجيش اللبناني يعود تاريخها الى العام 1962 تظهر ان مزارع شبعا هي خارج الحدود اللبنانية. مما يسمح لقوة مسلحة بالسيطرة على الجنوب واستخدامه عبر الحلف اللبناني السوري الايراني الى أفق غير محدد.
عام من غياب رفيق الحريرى الحاضر الغائب فى كل حركات وسكنات الفعل السياسى اللبنانى خلال عام الرمادة والحزن الكبير ، وعام والسؤال الأول الذى طرح قبل ان تجف دماء الحريرى لا يزال بلا اجابة من فعل ذلك ولمصلحة من؟!
دخلت الامم المتحدة وتدخلت امريكا وفرنسا من باب التحقيق والكشف عن الحقيقة فى ظاهر المهمة اما باطنها فهو الاصطياد فى المياه الاقليمية المعتكر صفوها بفعل تضارب الاجندات الدولية رغم ان الكشف عن قاتل الحريرى ودوافعه مهمة نبيلة ومنتظرة من الجميع فى المنطقة إلا ان الانكباب الدولى على هذا الملف بالذات يفتح ابواب الريبة على مصاريعها ، بالنظر الى التكاسل الدولى تجاه نبش ملابسات رحيل الزعيم ياسر عرفات.
فى ذكرى رحيل رجل لبنان الكبير، على اللبنانيين ان يقفوا مع انفسهم بعد ان هدأت الى حد ما المشاعر التى صدمت بحجم الفجيعة الفاجعة ، وان يتأملوا فى كيفية اعادة ترميم التصدعات التى خلفتها التداعيات الامنية والقانونية والسياسية على مجمل الحياة ، حيث ذهب البعض فى غمرة الغضب الحارق الى المناداة بانتزاع لبنان من نهر العروبة والاتكاءة الى الجذور الفينيقية لبعض اللبنانيين كعنوان لهويتهم المستقبلية ، وفى ذلك التوجه الفج اساءة الى الشهيد الحريرى الذى يرى هؤلاء جهلا انهم يثأرون له، فهو كان عروبيا ومن واشد المدافعين عنها.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home