Thursday, March 15, 2007

إهتزازات فى العلاقات الصينية السودانية

إهتزازات فى العلاقات الصينية السودانية
تقرير:محمود الدنعو
تتعرض علاقات الخرطوم وبكين، هذه الأيام لهزات دبلوماسية عنيفة، جاءت على غير ميعاد وغير المعتاد، حيث ظلت علاقات السودان والصين وان شئت الحزب الشيوعي الحاكم في الصين وحزب المؤتمر الوطني في السودان، تمضى بوتيرة هادئة، وتكامل في الأدوار، حيث تتولى الصين الدفاع عن السودان فى المحافل الدولية، ويبقى السودان على فرص الاستثمارات الصينية بالسودان ولاسيما النفطية منها فى أمان، رغم شارات عدم الرضا الأمريكية من هذا الزواج والتي ترسلها أمريكا تلميحا وتصريحا في أكثر من مناسبة، عبرت سفينة العلاقات الصينية السودانية أمواج الصراعات الدولية المتلاطمة، لتستقر عند مرفأ ترجيح كفة المصالح والمنافع الاقتصادية على سواها من عارضات السياسة وتلقباتها، ولكن الصين في الآونة الأخيرة بعد ما بسطت نفوذها الاقتصادي على معظم أجزاء القارة الأفريقية وتعرضت فى ذلك لعاصفة من الانتقادات لتجاهلها بؤس الواقع السياسي فى أفريقيا، وتركيزها على لمعان النفط والمعادن وإهتبال سوا نح الاستثمار، أرادت إن ترفع عن كاهلها أعباء تلك المواقف المتناقضة في نظر العديد من المنظمات الحقوقية الغربية، فكانت الوافق التى تبدو خارج السياق التقليدي لعلاقات الصين مع السودان، والبداية كانت من تسريبات اعلامية بان الرئيس الصيني فى زيارته الأخيرة إلى السودان كان يحمل بإيعاز من واشنطون او تنسيق معها مبادرة لتليين موقف الرئيس البشير من القوات الدولية بدارفور، وارسلت واشطنون فى وقت سابق من العام مبعوثها الخاص للسودان الى بكين من اجل استثمار علاقتها المتميزة بالخرطوم فى السعي الامريكى الحثيث لادخال قوات دولية الى دارفور، وقيل ان الرئيس البشير لم يصغ الى نصائح الضيف الصينى حول القوات الدولية، وعاد الرئيس الصينى من الخرطوم مكسور الخاطر، لتشهد العلاقات الراسخة بين البلدين اهتزازات لا تصل الى درجة الزلزال بمقياس ريختر السياسي، ولكنها مؤشر الى تحول ما فى مسار العلاقات بين البلدين التى ظل مسارها فى اتجاه التطور، وكانت الصين هى الصديق للسودان عند الضيق وطالما وقفت فى المحالف الدولية ومنها مجلس الامن الدولى تذود عن حياض السودان، اول شارات الاهتزاز فى العلاقة حملها خبر اقتصادي سياسي لم توليه صحف الخرطوم الانتباهة الكافية، حيث نشرت الفاينشيال تايمز فى الثاني من مارس الجاري ان الصين أسقطت اسم السودان ونيجيريا وإيران من قائمة الدول ذات الافضيلة فى الاستثمارات الصينية وهى قائمة تصدرها اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح المخطط الرئيس للسياسات الاقتصادية فى الصين وتكتسب القائمة أهميتها من كونها مرجع تستهدي به الشركات الصينية عند الدخول فى استثمارات اجنبية ، وسرعان ما رحبت واشنطون بالخطوة الصينية وحثت الشركاء الآخرين بالصغط على الخرطوم وعبرت على لسان الناطق بأسم الخارجية شوان ماكروماك ان الخطوة الصينية تبعث برسالة قوية الى الحكومة السودانية بان الحكومة الصينية ترغب فى قبول الخرطوم بالقوات الهجين من الامم المتحدة والاتحاد الفريقى بدارفور.
أما الاهتزاز الاكبر فى العلاقات الصينية السودانية يمكن رصده من خلال التصريحات المثيرة للمندوب الصينى بالامم المتحدة عقب تسليم الرئيس البشير رده على خطاب الامين العام للامم المتحدة حول خطة إرسال قوات أممية إلى دارفور، والتى كان فحواها – اى رسالة البشير- رفض الخطة، وقال مندوب الصين : إن السودان وافق في اجتماع أديس أبابا على خطة أممية من ثلاث مراحل لتعزيز القوات الأفريقية في دارفور بقوات أممية، مشيرا إلى أن رسالة البشير تخلط الأمور من جديد، وطلب المندوب الصيني تفسيرا لرسالة البشير، وهو الموقف الذى اعتبره البعض بداية المفارقة الصينية السودانية ، لان رسالة البشير واضحة للصين ولا تحتاج الى تفسير بحكم التسيق الطويل بين البلدين فى هكذا مواقف، ومما يدفع باتجاه تأويل تصريحات المندوب الصينى كعنوان لمرحلة جديدة فى علاقات البلدين ان المندوب الصينى حينها كان ملكيا اكثر من المندوب الامريكى الذى اكتفى بالقول انه لم يقرأ بعد رسالة البشير، لكنه لم يتفاجأ بالمؤشرات الأولية التي تظهر ممانعة الخرطوم لتنفيذ الخطة الأممية.
يشير البعض فى مساعيهم لسبر اغوار البرود المفاجىء فى علاقات الخرطوم وبكين، الى دفء آخذ فى التنامى بين علاقات بكين بحكومة جنوب السودان، حيث تلقى الرئيس الصينى دعوة بزيارة جوبا خلال زيارته الاخيرة للخرطوم، ولدى حكومة الجنوب ثروات نفطية هائلة وجاذبة للاستثمارات الصينية، فضلا عن سوق المنشآت والخدمات الرائجة التى اوجدت فرصها اتقافية السلام بالجنوب واحتمالات قيام دولة منفصلة بالجنوب فى حال صوت الجنوبيون لصالح الانفصال فى الاستفتاء الخاص بذلك.




0 Comments:

Post a Comment

<< Home